- الحديث صححه ابن خزيمة وأورده البخاري عن أنس تعليقا بلفظ : ( يتباهون بها ثم لا يعمرونها إلا قليلا ) ووصله أبو يعلى الموصلي في مسنده . وروى الحديث أبو نعيم في كتاب المساجد من الوجه الذي عند ابن خزيمة بلفظ : ( يتباهون بكثرة المساجد ) .
قوله ( حتى يتباهى الناس في المساجد ) أي يتفاخرون في بناء المساجد والمباهاة بها كما في رواية البخاري أن يتفاخروا بها بالنقش والكثرة .
وروى في شرح السنة بسنده عن أبي قلابة قال : غدونا مع أنس بن مالك إلى الزاوية فحضرت صلاة الصبح فمررنا بمسجد فقال أنس : أي مسجد هذا قالوا : مسجد أحدث الآن فقال أنس : ( إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : سيأتي على الناس زمان يتباهون في المساجد ثم لا يعمرونها إلا قليلا ) .
قوله ( وقال أكن الناس ) قال الحافظ : وقع في روايتنا أكن الناس بضم الهمزة وكسر الكاف وتشديد النون المضمومة بلفظ المضارع من أكن الرباعي يقال أكننت الشيء إكنانا أي صنته وسترته وحكى أبو زيد كننته من الثلاثي بمعنى أكننته وفرق الكسائي بينهما فقال : كننته أي سترته وأكننته في نفسي أي أسررته . ووقع في رواية الأصيلي أكن بفتح الهمزة والنون فعل أمر من الإكنان أيضا ويرجحه قوله قبله وأمر عمر وقوله بعده وإياك وتوجه الأولى بأنه خاطب القوم بما أراد ثم التفت إلى الصانع فقال له : [ ص 159 ] وإياك . أو يحمل قوله وإياك على التجريد كأنه خاطب نفسه بذلك قال عياض : وفي رواية غير الأصيلي كن الناس بحذف الهمزة وكسر الكاف وهو صحيح أيضا وجوز ابن مالك ضم الكاف على أنه من كن فهو مكنون انتهى . قال الحافظ : وهو متجه لكن الرواية لا تساعده .
قوله ( فتفتن الناس ) بفتح المثناة من فتن وضبطه الأصيلي بالضم من افتن وذكر أن الأصمعي أنكره وأن أبا عبيدة أجازه فقال : فتن وأفتن بمعنى . قال ابن بطال : كأن عمر فهم من ذلك رد الشارع الخميصة إلى أبي جهم من أجل الأعلام التي فيها وقال : إنها ألهتني عن صلاتي . قال الحافظ : ويحتمل أن يكون عند عمر من ذلك علم خاص بهذه المسألة فقد روى ابن ماجه من طريق عمرو بن ميمون عن عمر مرفوعا : ( ما ساء عمل قوم قط إلا زخرفوا مساجدهم ) ورجاله ثقات إلا شيخ جبارة بن المغلس ففيه مقال