- قوله ( دخل النبي A البيت ) قال الحافظ : كان ذلك في عام الفتح كما وقع مبينا من رواية يونس بن يزيد عن نافع عند البخاري في كتاب الجهاد .
قوله ( هو وأسامة وبلال وعثمان ) زاد مسلم من طريق أخرى ولم يدخلها معهم أحد .
ووقع عند النسائي من طريق ابن عون عن نافع ومعه الفضل بن عباس وأسامة وبلال وعثمان فزاد الفضل . ولأحمد من حديث ابن عباس حدثني أخي الفضل وكان معه حين دخلها .
قوله ( فأغلقوا عليهم الباب ) زاد مسلم : ( فمكث فيها مليا ) وفي رواية له : ( فأجافوا عليهم الباب طويلا ) وفي رواية لأبي عوانة : ( من داخل ) وزاد يونس : ( فمكث نهارا طويلا ) وفي رواية فليح : ( زمانا ) .
قوله ( فلما فتحوا ) في رواية : ( ثم خرج فابتدر الناس الدخول فسبقتهم ) وفي رواية : ( وكنت شابا قويا فبادرت الناس فبدرتهم ) وأفاد الأزرقي في كتاب مكة أن خالد بن الوليد كان على الباب يذب الناس عنه .
قوله ( بين العمودين اليمانيين ) وفي رواية : ( بين العمودين المقدمين ) .
قوله ( فصلى في وجهة الكعبة ركعتين ) وفي رواية للبخاري في الصلاة أن ابن عمر قال : فذهب علي أن أسأله كم صلى وروي عنه أنه قال : نسيت أن أسأله كم صلى . وقد جمع الحافظ بين الراويتين في الفتح .
( والحديثان ) يدلان على مشروعية الصلاة في الكعبة لصلاته صلى الله عليه وآله وسلم فيها وقد ادعى ابن بطال أن الحكمة في تغليق الباب لئلا يظن الناس أن ذلك سنة فيلتزمونه قال الحافظ : وهو مع ضعفه منتقض بأنه لو أراد إخفاء ذلك ما طلع عليه بلال ومن كان معه وإثبات الحكم بذلك يكفي فيه نقل الواحد انتهى .
فالظاهر أن التغليق ليس لما ذكره بل لمخافة أن يزدحموا عليه لتوفر دواعيهم على مراعاة أفعاله ليأخذوها عنه أو ليكون ذلك أسكن لقلبه وأجمع لخشوعه . وإنما أدخل معه عثمان لئلا يظن أنه عزل من ولاية البيت وبلالا وأسامة لملازمتهما خدمته . وقيل فائدة ذلك [ ص 146 ] للتمكن من الصلاة في جميع جهاتها لأن الصلاة إلى جهة الباب وهو مفتوح لا تصح وقد عارض أحاديث صلاته صلى الله عليه وآله وسلم في الكعبة حديث ابن عباس عند البخاري وغيره : ( أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كبر في البيت ولم يصل فيه ) قال الحافظ : ولا معارضة في ذلك بالنسبة إلى التكبير لأن ابن عباس أثبته ولم يتعرض له بلال وأما الصلاة فإثبات بلال أرجح لأن بلالا كان معه يومئذ ولم يكن معه ابن عباس وإنما استند في نفيه تارة إلى أسامة وتارة إلى أخيه الفضل مع أنه لم يثبت أن الفضل كان معهم إلا في رواية شاذة وقد روى أحمد من طريق ابن عباس عن أخيه الفضل نفي الصلاة فيها فيحتمل أن يكون تلقاه عن أسامة فإنه كان معه وقد روى عنه نفي الصلاة في الكعبة أيضا مسلم من طريق ابن عباس ووقع إثبات صلاته فيها عن أسامة من رواية ابن عمر عنه فتعارضت الروايات في ذلك فتترجح رواية بلال من جهة أنه مثبت وغيره ناف ومن جهة أنه لم يختلف عنه في الإثبات واختلف على من نفى وقال النووي وغيره : يجمع بين إثبات بلال ونفي أسامة بأنهم لما دخلوا الكعبة اشتغلوا بالدعاء فرأى أسامة النبي صلى الله عليه وآله وسلم يدعو فاشتغل بالدعاء في ناحية والنبي صلى الله عليه وآله وسلم في ناحية ثم صلى النبي A فرآه بلال لقربه منه ولم يره أسامة لبعده واشتغاله ولأن بإغلاق الباب تكون الظلمة مع احتمال أنه يحجب عنه بعض الأعمدة فنفاها عملا بظنه .
وقال المحب الطبري : يحتمل أن يكون أسامة غاب عنه بعد دخوله لحاجة فلم يشهد صلاته ويشهد له ما رواه أبو داود الطيالسي في مسنده عن أسامة : ( قال دخلت على رسول الله A الكعبة فرأى صورا فدعا بدلو من ماء فأتيته به فضرب به الصور ) قال الحافظ : هذا إسناده جيد قال القرطبي : فلعله استصحب النفي لسرعة عوده انتهى . وقد روى عمر بن شيبة في كتاب مكة عن علي بن بذيمة قال : ( دخل النبي A الكعبة ودخل معه بلال وجلس أسامة على الباب فلما خرج وجد أسامة قد احتبى فأخذ حبوته فحلها ) الحديث فلعله احتبى فاستراح فنعس فلم يشاهد صلاته فلما سئل عنها نفاها مستصحبا للنفي لقصر زمن احتبائه وفي كل نفي رؤيته لا ما في نفس الأمر . ومنهم من جمع بين الحديثين بعد الترجيح وذلك من وجوه : .
الأول أن الصلاة المثبتة هي اللغوية والمنفية الشرعية . والثاني يحتمل أن يكون دخول البيت وقع مرتين قاله المهلب شارح البخاري . وقال ابن حبان : الأشبه عندي في الجمع أن يجعل الخبران في وقتين [ ص 147 ] فيقال لما دخل الكعبة في الفتح صلى فيها على ما رواه ابن عمر عن بلال ويجعل نفي ابن عباس الصلاة في الكعبة في حجته التي حج فيها لأن ابن عباس نفاها وأسنده إلى أسامة وابن عمر أثبتها وأسند إثباته إلى بلال وإلى أسامة أيضا فإذا حمل الخبر على ما وصفنا بطل التعارض .
قال الحافظ : وهذا جمع حسن لكن تعقبه النووي بأنه لا خلاف أنه صلى الله عليه وآله وسلم دخل يوم الفتح لا في حجة الوداع ويشهد له ما روى الأزرقي في كتاب مكة عن غير واحد من أهل العلم أنه صلى الله عليه وآله وسلم إنما دخل الكعبة مرة واحدة عام الفتح وأما يوم حج فلم يدخلها وإذا كان الأمر كذلك فلا يمتنع أن يكون دخلها عام الفتح مرتين ويكون المراد بالوحدة وحدة السفر لا الدخول