- الحديث في إسناد الترمذي زيد بن جبيرة وهو ضعيف كما قال الترمذي قال البخاري وابن معين : زيد بن جبيرة متروك وقال أبو حاتم : لا يكتب حديثه وقال النسائي : ليس بثقة وقال ابن عدي : عامة ما يرويه لا يتابع عليه . وقال الحافظ في التلخيص : إنه ضعيف جدا . وفي إسناد ابن ماجه عبد الله بن صالح وعبد الله بن عمر العمري وهما ضعيفان قال ابن أبي حاتم في العلل : هما جميعا يعني الحديثين واهيان وصحح الحديث ابن السكن وإمام الحرمين وقد تقدم الكلام في المقبرة والحمام وأعطان الإبل وما فيها من الأحاديث الصحيحة .
قوله ( المزبلة ) فيها لغتان فتح الموحدة وضمها حكاهما الجوهري وهي المكان الذي يلقى فيه الزبل .
قوله ( والمجزرة ) بفتح الزاي المكان الذي ينحر فيه الإبل وتذبح فيه البقر والغنم .
قوله ( وقارعة الطريق ) قيل المراد به أعلى الطريق وقيل صدره وقيل ما برز منه .
( والحديث ) يدل على تحريم الصلاة في هذه المواطن وقد اختلف في العلة في النهي أما في المقبرة والحمام وأعطان الإبل فقد تقدم الكلام في ذلك . وأما في المزبلة والمجزرة فلكونهما محلا للنجاسة فتحرم الصلاة فيهما من غير حائل اتفاقا ومع الحائل فيه خلاف .
وقيل إن العلة في المجزرة كونها مأوى الشياطين ذكر ذلك عن جماعة اطلعوا على ذلك وأما في قارعة الطريق فلما فيها من شغل الخاطر المؤدي إلى ذهاب الخشوع الذي هو سر الصلاة .
وقيل لأنها مظنة النجاسة وقيل لأن الصلاة فيها شغل لحق المار ولهذا قال أبو [ ص 143 ] طالب : إنها لا تصح الصلاة فيها ولو كانت واسعة قال : لاقتضاء النهي الفساد . وقال المؤيد بالله والمنصور بالله : لا تكره في الواسعة إذ لا ضرر لأن العلة عندهما الإضرار بالمار . وأما في ظهر الكعبة فلأنه إذا لم يكن بين يديه سترة ثابتة تستره لم تصح صلاته لأنه مصل على البيت لا إلى البيت . وذهب الشافعي إلى الصحة بشرط أن يستقبل من بنائها قدر ثلثي ذراع وعند أبي حنيفة لا يشترط ذلك وكذا قال ابن سريج قال : لأنه كمستقبل العرب لو هدم البيت والعياذ بالله .
( فائدة ) قال القاضي أبو بكر ابن العربي : والمواضع التي لا يصلى فيها ثلاثة عشر فذكر السبعة المذكورة في حديث الباب وزاد الصلاة إلى المقبرة وإلى جدار مرحاض عليه نجاسة والكنيسة والبيعة وإلى التماثيل وفي دار العذاب وزاد العراقي الصلاة في الدار المغصوبة والصلاة إلى النائم والمتحدث والصلاة في بطن الوادي والصلاة في الأرض المغصوبة والصلاة في مسجد الضرار والصلاة إلى التنور فصارت تسعة عشر موضعا ودليل المنع من الصلاة في هذه المواطن أما السبعة الأولى فلما تقدم وأما الصلاة إلى المقبرة فلحديث النهي عن اتخاذ القبور مساجد وقد تقدم وأما الصلاة إلى جدار مرحاض فلحديث ابن عباس في سبعة من الصحابة بلفظ : ( نهى عن الصلاة في المسجد تجاهه حش ) أخرجه ابن عدي قال العراقي : ولم يصح إسناده وروى ابن أبي شيبة في المصنف عن عبد الله بن عمرو أنه قال : لا يصلى إلى الحش وعن علي قال : لا يصلى تجاه حش وعن إبراهيم كانوا يكرهون ثلاثة أشياء فذكر منها الحش وفي كراهة استقباله خلاف بين الفقهاء .
وأما الكنيسة والبيعة فروى ابن أبي شيبة في المصنف عن ابن عباس أنه كره الصلاة في الكنيسة إذا كان فيها تصاوير وقد رويت الكراهة عن الحسن ولم ير الشعبي وعطاء ابن أبي رباح بالصلاة في الكنيسة والبيعة بأسا ولم ير ابن سيرين بالصلاة في الكنيسة بأسا وصلى أبو موسى الأشعري وعمر بن عبد العزيز في كنيسة . ولعل وجه الكراهة ما تقدم من اتخاذهم لقبور أنبيائهم وصلحائهم مساجد لأنها تصير جميع البيع والمساجد مظنة لذلك .
وأما الصلاة إلى التماثيل فلحديث عائشة الصحيح : ( أنه قال لها صلى الله عليه وآله وسلم : أزيلي عني قرامك هذا فإنه لا تزال تصاويره تعرض لي في صلاتي ) وكان لها ستر فيه تماثيل .
وأما الصلاة في دار العذاب فلما عند أبي داود من حديث علي قال : ( نهاني حبي أن أصلي في أرض بابل لأنها ملعونة ) وفي إسناده ضعف .
وأما إلى النائم والمتحدث فهو في حديث ابن عباس عند أبي داود [ ص 144 ] وابن ماجه وفي إسناده من لم يسم .
وأما في بطن الوادي فورد في بعض طرق حديث الباب بدل المقبرة . قال الحافظ : وهي زيادة باطلة لا تعرف .
وأما الصلاة في الأرض المغصوبة فلما فيها من استعمال مال الغير بغير إذنه .
وأما الصلاة في مسجد الضرار فقال ابن حزم : إنه لا يجزئ أحدا الصلاة فيه لقصة مسجد الضرار وقوله ( لا تقم فيه أبدا ) فصح أنه ليس موضع صلاة .
وأما الصلاة إلى التنور فكرهها محمد بن سيرين وقال : بيت نار رواه ابن أبي شيبة في المصنف وزاد ابن حزم فقال : لا تجوز الصلاة في مسجد يستهزأ فيه بالله أو برسوله أو شيء من الدين أو في مكان يكفر بشيء من ذلك فيه وزادت الهادوية كراهة الصلاة إلى المحدث والفاسق والسراج وزاد الإمام يحيى الجنب والحائض فيكون الجميع ستة وعشرين موضعا واستدل على كراهة الصلاة إلى المحدث بحديث ذكره الإمام يحيى في الانتصار بلفظ : ( لا صلاة إلى محدث لا صلاة إلى جنب لا صلاة إلى حائض ) وقيل في الاستدلال على كراهة الصلاة إليه القياس على الحائض وقد ثبت أنها تقطع الصلاة وأما الفاسق فإهانة له كالنجاسة .
وأما السراج فللفرار من التشبيه بعبدة النار والأولى عدم التخصيص بالسراج ولا بالتنور بل إطلاق الكراهة على استقبال النار فيكون استقبال التنور والسراج وغيرهما من أنوع النار قسما واحدا . وأما الجنب والحائض فللحديث الذي في الانتصار ولما في الحائض من قطعها للصلاة .
واعلم أن القائلين بصحة الصلاة في هذه المواطن أو في أكثرها تمسكوا في المواطن التي صحت أحاديثها بأحاديث ( أينما أدركتك الصلاة فصل ) ونحوها وجعلوها قرينة قاضية بصحة تأويل الأحاديث القاضية بعدم الصحة وقد عرفناك أن أحاديث النهي عن المقبرة والحمام ونحوهما خاصة فتبنى العامة عليها وتمسكوا في المواطن التي لم تصح أحاديثها فيها لعدم التعبد بما لم يصح وكفاية البراءة الأصلية حتى يقوم دليل صحيح ينقل عنها لا سيما بعد ورود عمومات قاضية بأن كل موطن من مواطن الأرض مسجد تصح الصلاة فيه وهذا متمسك صحيح لا بد منه .
قوله ( أشبه وأصح من حديث الليث بن سعد ) قيل إن قوله من حديث الليث صفة لحديث ابن عمر بأنه من حديث الليث الذي هو أصح من حديث ابن جبيرة