- الحديث أخرجه أيضا ابن ماجه وفي الباب عن جابر بن سمرة عند مسلم . وعن البراء عند أبي داود . وعن سبرة بن معبد عند ابن ماجه . وعن عبد الله بن مغفل عند ابن ماجه أيضا والنسائي . وعن ابن عمر عند ابن ماجه أيضا . وعن أنس عند الشيخين وعن أسيد بن حضير عند الطبراني . وعن سليك الغطفاني عند الطبراني أيضا وفي إسناده جابر الجعفي ضعفه الجمهور ووثقه شعبة وسفيان . وعن طلحة بن عبد الله عند أبي يعلى في مسنده . وعن عبد الله بن عمرو بن العاص عند أحمد وفي إسناده ابن لهيعة . وله حديث آخر عند الطبراني . وعن عقبة بن عامر عند الطبراني ورجال إسناده ثقات . وعن يعيش الجهني المعروف بذي الغرة عند أحمد والطبراني ورجال إسناده ثقات .
قوله ( في مرابض الغنم ) جمع مربض بفتح الميم وكسر الباء الموحدة وآخره ضاد معجمة قال الجوهري : المرابض للغنم [ ص 141 ] كالمعاطن للإبل واحدها مربض مثال مجلس قال : وربوض الغنم والبقر والفرس مثل بروك الإبل وجثوم الطير .
قوله ( في أعطان الإبل ) هي جمع عطن بفتح العين والطاء المهملتين وفي بعض الطرق معاطن وهي جمع معطن بفتح الميم وكسر الطاء قال في النهاية : العطن مبرك الإبل حول الماء .
( والحديث ) يدل على جواز الصلاة في مرابض الغنم وعلى تحريمها في معاطن الإبل وإليه ذهب أحمد بن حنبل فقال : لا تصح بحال وقال : من صلى في عطن إبل أعاد أبدا وسئل مالك عمن لا يجد إلا عطن إبل قال : لا يصلي فيه قيل فإن بسط عليه ثوبا قال : لا .
وقال ابن حزم : لا تحل في عطن إبل وذهب الجمهور إلى حمل النهي على الكراهة مع عدم النجاسة وعلى التحريم مع وجودها وهذا إنما يتم على القول بأن علة النهي هي النجاسة وذلك متوقف على نجاسة أبوال الإبل وأزبالها وقد عرفت ما قدمنا فيه وسلمنا النجاسة فيه لم يصح جعلها علة لأن العلة لو كانت النجاسة لما افترق الحال بين أعطانها وبين مرابض الغنم إذ لا قائل بالفرق بين أوراث كل من الجنسين وأبوالها كما قال العراقي وأيضا قد قيل إن حكمة النهي ما فيها من النفور فربما نفرت وهو في الصلاة فتؤدي إلى قطعها أو أذى يحصل له منها أو تشوش الخاطر الملهي عن الخشوع في الصلاة وبهذا علل النهي أصحاب الشافعي وأصحاب مالك وعلى هذا فيفرق بين كون الإبل في معاطنها وبين غيبتها عنها إذ يؤمن نفورها حينئذ ويرشد إلى صحة هذا حديث ابن مغفل عند أحمد بإسناد صحيح بلفظ : ( لا تصلوا في أعطان الإبل فإنها خلقت من الجن ألا ترون إلى عيونها وهيئتها إذا نفرت ) وقد يحتمل أن علة النهي أن يجاء بها إلى معاطنها بعد شروعه في الصلاة فيقطعها أو يستمر فيها مع شغل خاطره .
وقيل لأن الراعي يبول بينها وقيل الحكمة في النهي كونها خلقت من الشياطين . ويدل على هذا أيضا حديث ابن مغفل السابق . وكذا عند النسائي من حديثه . وعند أبي داود من حديث البراء . وعند ابن ماجه بإسناد صحيح من حديث أبي هريرة . إذا عرفت هذا الاختلاف في العلة تبين لك أن الحق الوقوف على مقتضى النهي وهو التحريم كما ذهب إليه أحمد والظاهرية وأما الأمر بالصلاة في مرابض الغنم فأمر إباحة ليس للوجوب قال العراقي : اتفاقا وإنما نبه صلى الله عليه وآله وسلم على ذلك لئلا يظن أن حكمها حكم الإبل أو أنه أخرج على جواب السائل حين سأله عن الأمرين فأجاب في الإبل بالمنع وفي الغنم بالإذن .
وأما الترغيب المذكور في الأحاديث بلفظ : ( فإنها بركة ) فهو إنما ذكر لقصد تبعيدها عن حكم [ ص 142 ] الإبل كما وصف أصحاب الإبل بالغلظ والقسوة ووصف أصحاب الغنم بالسكينة .
( فائدة ) ذكر ابن حزم أن أحاديث النهي عن الصلاة في أعطان الإبل متواتر يوجب العلم