- قوله ( المستطيل هكذا حتى يستطير هكذا ) صفة هذه الإشارة مبينة في صحيح مسلم في الصوم من حديث ابن مسعود بلفظ : ( وليس أن يقول هكذا وهكذا وصوب يده ورفعها حتى يقول هكذا وفرج بين إصبعيه ) وفي رواية : ( ليس الذي يقول هكذا وجمع أصابعه ثم نكسها إلى الأرض ولكن الذي يقول هكذا وجمع أصابعه ووضع المسبحة على المسبحة ومد يديه ) وفي رواية : ( ليس الذي يقول هكذا ولكن يقول هكذا ) وفسرها جرير بأن المراد أن الفجر هو المعترض وليس بالمستطيل والمعترض هو الفجر الصادق ويقال له الثاني والمستطير بالراء وأما المستطيل باللام فهو الفجر الكاذب الذي يكون كذنب السرحان . وفي البخاري من حديث ابن مسعود : ( وليس أن يقول الفجر أو الصبح وقال بأصابعه ورفعها إلى فوق وطأطأ إلى أسفل حتى يقول هكذا ) وقال زهير بسبابتيه إحداهما فوق الأخرى ثم أمرهما على يمينه وشماله .
قوله ( حتى يؤذن ابن أم مكتوم ) في رواية للبخاري ( حتى ينادي ) وبتلك الزيادة أعني قوله فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر أوردها في الصيام .
قوله ( ولمسلم ولم يكن بينهما ) هذه الزيادة ذكرها مسلم في الصيام من حديث ابن عمر وذكرها البخاري في الصيام من كلام القاسم قال الحافظ في أبواب الأذان من الفتح : ولا يقال إنه مرسل لأن القاسم تابعي فلم يدرك القصة المذكورة لأنه ثبت عند النسائي من رواية حفص بن غياث وعند الطحاوي من رواية يحيى بن القطان كلاهما عن عبيد الله بن عمر عن القاسم عن عائشة بلفظ : ولم يكن بينهما إلا أن ينزل هذا ويصعد هذا . قال النووي في شرح مسلم : قال العلماء معناه أن بلالا كان يؤذن قبل الفجر ويتربص بعد أذانه للدعاء ونحوه ثم يرقب الفجر فإذا قارب طلوعه نزل فأخبر ابن أم مكتوم فيتأهب ابن أم مكتوم بالطهارة وغيرها ثم يرقى [ ص 35 ] ويشرع في الأذان مع أول طلوع الفجر .
والحديث يدل على جواز اتخاذ مؤذنين في مسجد واحد وأما الزيادة فليس في الحديث تعرض لها ونقل عن بعض أصحاب الشافعي أنه يكره الزيادة على أربعة لأن عثمان اتخذ أربعة ولم تنقل الزيادة عن أحد من الخلفاء الراشدين وجوزه بعضهم من غير كراهة قالوا : إذا جازت الزيادة لعثمان على ما كان في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم جازت الزيادة لغيره . قال أبو عمر ابن عبد البر : وإذا جاز اتخاذ مؤذنين جاز أكثر من هذا العدد إلا أن يمنع من ذلك ما يجب التسليم له اه .
والمستحب أن يتعاقبوا واحدا بعد واحد كما اقتضاه الحديث إن اتسع الوقت لذلك كصلاة الفجر فإن تنازعوا في البداءة أقرع بينهم .
وفي الحديث دليل على جواز أذان الأعمى قال ابن عبد البر : وذلك عند أهل العلم إذا كان معه مؤذن آخر يهديه للأوقات وقد نقل عن ابن مسعود وابن الزبير كراهة أذان الأعمى . وعن ابن عباس كراهة إقامته وللحديثين المذكورين ههنا فوائد وأحكام قد سبق بعضها في شرح حديث ابن مسعود