- الحديث رجال إسناده في سنن أبي داود ثقات وقد أخرجه أيضا ابن ماجه وسكت أبو داود والمنذري عن الكلام عليه وقد عرفت ما أسلفناه عن ابن الصلاح والنووي وغيرهما من صلاحية ما سكت عنه أبو داود للاحتجاج .
وحديث أبي ذر الذي قبله يشهد لصحته . وفيه دليل على وجوب تأدية الصلاة لوقتها وترك ما عليه أمراء الجور من التأخير وعلى استحباب الصلاة معهم لأن الترك من دواعي الفرقة وعدم الوجوب لقوله [ ص 429 ] في هذا الحديث : ( إن شئت ) وقوله : ( تطوعا ) وقد تقدم الكلام على فقه الحديث قال المصنف C تعالى : وفيه دليل لمن رأى المعادة نافلة ولمن لم يكفر تارك الصلاة ولمن أجاز إمامة الفاسق انتهى .
استنبط المؤلف من هذا الحديث والذي قبله ثلاثة أحكام وقد تقدم الكلام على الأول منها في شرح حديث أبي ذر وعلى الثاني في أول كتاب الصلاة وأما الثالث فلعله يأتي الكلام عليه إن شاء الله تعالى في الجماعة . والحق جواز الائتمام بالفاسق لأن الأحاديث الدالة على المنع كحديث : ( لا يؤمنكم ذو جراءة في دينه ) وحديث : ( لا يؤمن فاجر مؤمنا ) ونحوهما ضعيفة لا تقوم بها حجة وكذلك الأحاديث الدالة على جواز الائتمام بالفاسق كحديث : ( صلوا مع من قال لا إله إلا الله ) وحديث : ( صلوا خلف كل بر وفاجر ) ونحوهما ضعيفة أيضا ولكنها متأيدة بما هو الأصل الأصيل وهو أن من صحت صلاته لنفسه صحت لغيره فلا تنتقل عن هذا الأصل إلى غيره إلا لدليل ناهض وقد جمعنا في هذا البحث رسالة مستقلة وليس المقام مقام بسط الكلام في ذلك