- تقريره A لمن رآه يصلي في ذلك الوقت يدل على عدم كراهة الصلاة فيه ولا سيما والفاعل لذلك عدد كثير من الصحابة وفي المسألة مذهبان للسلف استحبهما جماعة من الصحابة والتابعين ومن المتأخرين أحمد وإسحاق ولم يستحبهما الأربعة الخلفاء Bهم وآخرون من الصحابة ومالك وأكثر الفقهاء . وقال النخعي : هما بدعة .
احتج من قال بالاستحباب بما في هذا الباب من الأحاديث الصحيحة وبما أخرجه ابن حبان من حديث عبد الله بن مغفل : ( أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلى قبل المغرب ركعتين ) فقد ثبتنا عنه A قولا كما سيأتي وفعلا وتقريرا [ ص 408 ] واحتج من قال بالكراهة بحديث عقبة بن عامر الذي قد مر ذكره في باب وقت صلاة المغرب وهو يدل على شرعية تعجيلها وفعلهما يؤدي إلى تأخير المغرب .
والحق أن الأحاديث الواردة بشرعية الركعتين قبل المغرب مخصصة لعموم أدلة استحباب التعجيل قال النووي : وأما قولهم يؤدي إلى تأخير المغرب فهذا خيال منابذ للسنة ولا يلتفت إليه ومع هذا فهو زمن يسير لا تتأخر به الصلاة عن أول وقتها وأما من زعم النسخ فهو مجازف لأن النسخ لا يصار إليه إلا إذا عجزنا عن التأويل والجمع بين الأحاديث وعلمنا التاريخ وليس هنا شيء من ذلك انتهى . وهذا الاستحباب ما لم تقم الصلاة كسائر النوافل لحديث ( إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة ) واعلم أن التعليل للكراهة بتأدية الركعتين إلى تأخير المغرب مشعر بأنه لا خلاف في أنه يستحب لمن كان في المسجد في ذلك الوقت منتظرا لقيام الجماعة وكان فعله للركعتين لا يؤثر في التأخير كما يقع من الانتظار بعد الآذان للمؤذن حتى ينزل من المنارة ولا ريب أن ترك هذه السنة في ذلك الوقت الذي لا اشتغال فيه بصلاة المغرب ولا بشيء من شروطها مع عدم تأثير فعلها للتأخير من الاستحواذات الشيطانية التي لم ينج منها إلا القليل .
قوله ( شيء ) التنوين فيه للتعظيم أي لم يكن بينهما شيء كثير ونفي الكثير يقتضي إثبات القليل وبهذا يجمع بين هذه الرواية ورواية قليل . وقال ابن المنير : يجمع بين الروايتين بحمل النفي المطلق على المبالغة مجازا والإثبات للقليل على الحقيقة وقد طول الكلام في ذلك الحافظ في الفتح فليرجع إليه