الغدو إليه والرواح منه خير من الدنيا وما فيها وأما كونه فرض كفايه فلما أخرجة أبو داود عن ابن عباس قال [ إلا تنفورا يعذبكم عذابا اليما ] وما كان لأعل المدينة ] إلى قوله ( يعلمون ) نسختها الآية التي تلها [ وما كان المؤمنون ] وقد حسنه ابن حجر قال الطبري يجوز أن يكون [ إلا تنفروا يعذبكم عذابا اليما ] خاصا والمراد به من استنفره النبي صلعم فامتنع قال ابن حجر والذي يظهر أنها مخصوصه وليست بمنسوخة وقد وافق ابن عباس على دعوى النسخ عكرمه والحسن البصري كما روى ذلك الطبري عنهما ومن الأدله الداله على أنه فرض كفايه أنه كان صلعم يغزو تارة بنفسه وتارة يرسل غيره ويكتفي ببعض المسلمين وقد كانت سراياه صلعم وبعوثه متعاقبه والمسلمون بعضهم في الغزو وبعضهم في أهله وإلى كونه فرض كفايه ذهب الجمهور وقال الماوردي أنه كان فرض عين على المهاجرين دون غيرهم وقال السهيلي كان عينا على الأنصار وقال ابن المسيب أنه فرض عين وقال قوم أنه فرض عين في زمن الصحابه وأما كونه مع كل بر وفاخر فلأن الأدلة الدالة على وجوب الجهاد من الكتاب والسنة وعلى فضيلته والترغيب فيه وردت غير مقيدة بكون السلطان أو أمير الجيش عادلا بل هذه فريضة من فرائض الدين أوجبها الله على عبادة المسلمين من غير تقيد بزمن أو مكان أو شخص أو عدل أو جور فتخصيص وجوب الجهاد يكون السلطان عادلا ليس عليه أثارة من علم وقد يبلي الرجل الفاجر في الجهاد مالا يبليه البار العادل وقد ورد بهذا الشرع كما هو معروف وأخرج أحمد في المسند في روايه ابن عبد الله وأبو داود وسعيد ابن منصور من حديث أنس قال قال رسول الله صلعم ثلاث من أصل الايمان الكف عمن قال لا إله إلا الله لا تكفرة بذنب ولا نخرجة عن الإسلام بعمل والجهاد ماض مذ بعثني الله إلى أن يقاتل آخر أمتي الدجال لا يبطله جور جائر ولا عدل عادل ولا يعنبر في االجهاد إلا أن يقصد المجاهد بجهاده