الحكم إذا أراد إقامة البينة بعد الإحلاف .
هذا الحديث فيه دلالة على الوعيد المذكور كالأول و فيه شيء آخر يتعلق بمسألة اختلف فيها الفقهاء وهو ما إذا ادعى على غريمه شيئا فأنكره و أحلفه ثم أراد إقامة البينة عليه بعد الإحلاف فله ذلك عند الشافعية و عند المالكية : ليس له ذلك إلا أن يأتي بعذر في ترك إقامة البينة يتوجه له و ربما يتمسكون بقوله عليه السلام [ شاهداك أو يمينه ] و في حديث آخر [ ليس لك إلا ذلك ] ووجه الدليل منه أن أو تقتضي أحد الشيئين فلو أجزنا إقامة البينة بعد التحليف لكان له الأمران معا أعني اليمين و إقامة البينة مع أن الحديث يقتضي أن ليس له إلا أحدهما .
و قد يقال في هذا إن المقصود من الكلام نفي طريق أخرى لإثبات الحق فيعود المعنى إلى حصر الحجة في هذين الجنسين - أعني البينة و اليمين - إلا أم هذا قليل النفع بالنسبة إلى المناظرة و فهم مقاصد الكلام نافع بالنسبة إلى النظر و للأصوليين في أصل هذا الكلام بحث و لم ينبه على هذا حق التنبيه - أعني اعتبار مقاصد الكلام - و بسط القول فيه إلا أحد مشايخ بعض مشايخنا من أهل المغرب و قد ذكره قبله بعض المتوسطين من الأصوليين المالكيين في كتابه في الأصول وهو عندي قاعدة صحيحة نافعة للناظر في نفسه غير أن المناظر الجدلي قد ينازع في المفهوم و يعسر تقريره عليه .
و قد استدل الحنفية بقوله عليه السلام [ شاهداك أو يمينه ] على ترك العمل بالشاهد و اليمين