الحديث 328 : الحكم بالقافة هل يعتبر العدد في القائف ؟ .
328 - الحديث الخامس : عن عائشة Bها أنها قالت [ إن رسول الله A دخل علي مسرورا تبرق أسارير وجهه فقال : ألم ترى أن مجززا نظرا آنفا إلى زيد بن حارثة وأسامة بن زيد فقال : إن بعض هذه الأقدام لمن بعض ] .
وفي لفظ [ كان مجزز قائفا ] .
أسارير وجهه تعني الخطوط التي في الجبهة واحدها سرر وسرر وجمعه أسرار وجمع الجمع أسارير وقال الأصمعي : الخطوط التي تكون في الكف مثلها السرر - بفتح السين والراء - والسرر - بكسر السين .
استدل به فقهاء الحجاز ومن تبعهم على أصل من أصولهم وهو العمل بالقيافة حيث يشتبه إلحاق الولد بأحد الواطئين فهو طهر واحد لا في كل الصور بل في بعضها .
ووجه الاستدلال : أن النبي A سر بذلك وقال الشافعي C : ولا يسر بباطل وخالفه أبو حنيفة وأصحابه واعتذارهم عن الحديث : أنه لم يقع فيه إلحاق متنازع فيه ولا هو وارد في محل النزاع فإن أسامة كان لاحقا بفراش زيد من غير منازع له فيه وإنما كان الكفار يطعنون في نسبه للتباين بين لونه ولون أبيه في السواد والبياض فلما غطيا رؤوسهما وبدت أقدامهما وألحق مجزز أسامة بزيد : كان ذلك إبطالا لطعن الكفار بسبب اعترافهم بحكم القيافة وإبطال طعنهم حق فلم يسر النبي A إلا بحق .
والأولون يجيبون : بأنه - وإن كان ذلك واردا في صورة خاصة - إلا أنه له جهة عامة وهي دلالة الأشباه على الأنساب فنأخذ هذه الجهة من الحديث ونعمل بها .
واختلف مذهب الشافعي في أن القيافة : هل تختص ببني مدلج أم لا ؟ من حيث إن المعتبر في ذلك الأشباه وذلك غير خاص بهم أو يقال : إن لهم في ذلك قوة ليست لغيرهم ومحل النص إذا اختص بوصف يمكن اعتباره لم يمكن إلغاؤه لاحتمال أن يكون مقصودا للشارع .
و مجزز بضم الميم وفتح الجيم وكسر الزاي المشددة المعجمة وبعدها زاي معجمة .
واختلف مذهب الشافعي أيضا في أنه هل يعتبر العدد في القائف أم يكتفي القائف الواحد ؟ فإن مجززا انفرد بهذه القيافة ولا يرد على هذا لأنه ليس من محال الخلاف وإذا أخذ من هذا الحديث : الاكتفاء بالقائف الواحد فليس من محال الخلاف كما قدمنا .
وقوله آنفا أي في الزمن القريب من القول وقد ترك في هذه الرواية ذكر تغطية أسامة وزيد رؤوسهما وظهور أقدامهما وهي زيادة مفيدة جدا لما فيها من الدلالة على صدق القيافة وكان يقال : إن من علوم العرب ثلاثة : السيافة والعيافة والقيافة فأما السيافة : فهي شم تراب الأرض ليعلم بها الاستقامة على الطريق أو الخروج منها قال المعري : .
( أودي فليت الحادثات كفافمال المسيف وعنبر المستاف ) .
و المستاف هو هذا القاص وأما العيافة : فهي زجر الطير والطيرة والتفاؤل بهما وما قارب ذلك وأما السانح والبارح : ففي الوحش وفي الحديث [ العيافة والطرق : من الجبت ] وهو الرمي بالحصا وأما القيافة : فهي ما نحن فيه وهو اعتبار الأشباه لإلحاق الأنساب