الثواب في الإنفاق مشروط بصحة النية .
وفيه دليل على أن الثواب في الإنفاق : مشروط بصحة النية في ابتغاء وجه الله وهذا دقيق عسر إذا عارضه مقتضى الطبع والشهوة فإن ذلك لا يحصل الغرض من الثواب حتى يبتغي به وجه الله ويشق تخليص هذا المقصود مما يشوبه من مقتضى الطبع والشهوة .
وقد يكون فيه دليل على أن الواجبات المالية إذا أديت على قصد الواجب وابتغاء وجه الله : أثيب عليها فإنه قوله [ حتى ما تجعل في امرأتك ] لا تخصيص له بغير الواجب ولفظة حتى ههنا تقتضي المبالغة في تحصيل هذا الأجر بالنسبة إلى المغني كما يقال : جاء الحاج حتى المشاة ومات الناس حتى الأنبياء فيمكن أن يقال : سبب هذا : ما أشرنا إليه من توهم أن أداء الواجب قد يشعر بأنه لا يقتضي غيره وأن لا يزيد على تحصيل براءة الذمة ويحتمل أن يكون ذلك دفعا لما عساه يتوهم من أن إنفاق الزوج على الزوجة وإطعامه إياها واجبا أو غير واجب : لا يعارض تحصيل الثواب إذا ابتغى بذلك وجه الله كما جاء في حديث زينب الثقفية لما أرادت الإنفاق من عندنا وقال لست بتاركتهم وتوهمت أن ذلك مما يمنع الصدقة عليهم فرفع ذلك عنها وأزيل الوهم نعم في مثل هذا يحتاج إلى النظر في أنه هل يحتاج إلى نية خاصة في الجزئيات أم تكفي نية عامة ؟ وقد دل الشرع على الاكتفاء بأصل النية وعمومها في باب الجهاد حيث قال [ لو مر بنهر ولا يريد أن يسقي به فشربت : كان له أجر ] أو كما قال : فيمكن أن يعدي إلى سائر الأشياء فيكتفي بنية مجملة أو عامة ولا يحتاج في الجزئيات إلى ذلك