حمل التفرق على التفرق بالأقوال .
أحدهما : أنه علق ذلك على التفرق فإذا حملناه على خيار الفسخ صح تعليقه على التفرق لأن الخيار يرتفع بالتفرق وإذا حملناه على الاستقالة فالاستقالة لا تتوقف على التفرق ولا اختصاص لها بالمجلس .
الثاني : أنا إذا حملناه على خيار الفسخ فالتفرق مبطل له قهرا فيناسب المنع من التفرق المبطل للخيار على صاحبه أما إذا حملناه على الإقالة الحقيقة : فمعلوم أنه لا يحرم على الرجل أن يفارق صاحبه خوف الاستقالة ولا يبقى بعد ذلك إلى النظر فيما دل عليه الحديث من التحريم .
الوجه السادس : تأويل الحديث بحمل المتبايعين على المتساومين لمصير حالهما إلى البيع وحمل الحمار على خيار القبول .
وأجيب عنه : بأن تسمية المتساومين متبايعين مجاز .
واعترض على هذا الجواب : بأن تسميتهما متبايعين بعد الفراغ من البيع مجاز أيضا فلم فلتم : إن الحمل على هذا المجاز أولى ؟ فقيل عليه : إنه إذا صدر البيع فقد وجدت الحقيقة فهذا المجاز أقرب إلى الحقيقة من مجاز لم توجد حقيقته أصلا عند إطلاقه وهو الحمل على المتساومين .
الوجه السابع : حمل التفرق على التفرق بالأقوال وقد عهد ذلك شرعا قال الله تعالى { وإن يتفرقا } أي عن النكاح .
وأجيب عنه : بأنه خلاف الظاهر فإن السابق إلى الفهم : التفرق عن المكان وأيضا فقد ورد في بعض الروايات [ ما لم يتفرقا عن مكانهما ] وذلك صريح في المقصود .
وربما اعترض على الأول بأن حقيقة التفرق : لا تختص بالمكان بل هي عائدة إلى ما كان الاجتماع فيه وإذا كان الاجتماع في الأقوال : كان التفرق فيها وإن كان في غيرها : كان التفرق عنه .
وأجيب عنه : بأن حمله على غير المكان بقرينة : يكون مجازا .
الوجه الثامن : قال بعضهم : تعذر المكان بظاهر الحديث فإنه أثبت الخيار لكل واحد من المتبايعين على صاحبه فالحال لا تخلوا : إما أن يتفقا في الاختيار أو يختلفا فإن اتفقا لم يثبت لواحد منهما على صاحبه خيار وإن اختلفا - بأن اختار أحدهما الفسخ والآخر الإمضاء - فقد استحال أن يثبت على كل واحد منهما لصاحبه الخيار إذ الجمع بين الفسخ والإمضاء مستحيل فيلزم تأويل الحديث ولا نحتاج إليه ويكفينا صدكم عن الاستدلال بالظاهر .
وأجيب عنه بأن قيل : لم يثبت A مطلق الخيار بل أثبت الخيار وسكت عما فيه الخيار فنحن نحمله على خيار الفسخ فيثبت لكل واحد منهما خيار الفسخ على صاحبه وإن أبي صاحبه ذلك