ردهم الحديث لأنه معارض لإجماع أهل المدينة .
الوجه الرابع من الاعتذارات : هذا حديث معارض لإجماع أهل المدينة وعملهم وما كان كذلك يقدم عليه العمل فهذا يقدم عليه العمل أما الأول : فلأن مالكا قال عقيب روايته وليس لهذا عندنا حد معلوم ولا أمر معمول به فيه وأما الثاني : فلما اختص به أهل المدينة من سكناهم في مهبط الوحي ووفاة الرسول بين أظهرهم ومعرفتهم بالناسخ والمنسوخ فمخالفتهم لبعض الأخبار تقتضي علمهم بما أوجب ترك العمل به من ناسخ أو دليل راجح ولا تهمة تلحقهم فيتعين اتباعهم وكان ذلك أرجح من خبر الواحد المخالف لعملهم .
وجوابه من وجهين أحدهما : منع المقدمة الأولى وهو كون المسألة من إجماع أهل المدينة وبيانه من ثلاثة أوجه منها : أنا تأملنا لفظ مالك فلم نجده مصرحا بأن المسألة إجماع أهل المدينة ويعرف ذلك بالنظر في ألفاظه ومنها : أن هذا الإجماع إما أن يراد به إجماع سابق أو لاحق والأول باطل لأن ابن عمر رأس المفتين في المدينة في وقته وقد كان يرى إثبات خيار المجلس والثاني : أيضا باطل فإن ابن أبي ذئب - من أقران مالك ومعاصريه - وقد أغلظ على مالك لما بلغه مخالفته للحديث .
وثانيهما : منع المقدمة الثانية وهو أن إجماع أهل المدينة وعملهم مقدم على خبر الواحد مطلقا فإن الحق الذي لا شك فيه : أن عملهم وإجماعهم لا يكون حجة فيما طريقه الاجتهاد والنظر لأن الدليل العاصم للأمة من الخطأ في الاجتهاد لا يتناول بعضهم ولا مستند للعصمة سواه وكيف يمكن أن يقال : بأن من كان بالمدينة من الصحابة رضوان الله عليهم يقبل خلافه باعتبار صفات قائمة به حيث حل فتفرض المسألة فيما اختلف فيه أهل المدينة مع بعض من خرج منها من الصحابة بعد استقرار الوحي وموت الرسول A فكل ما قيل من ترجيح لأقوال علماء أهل المدينة وما اجتمع لهم من الأوصاف قد كان حاصلا لهذا الصحابي ولم يزل عنه بخروجه وقد خرج من المدينة أفضل أهل زمانه في ذلك الوقت بالإجماع من أهل السنة وهو علي بن أبي طالب Bه وقال أقوالا بالعراق فكيف يمكن إهدارها إذا خالفها أهل المدينة ؟ وهو كان رأسهم وكذلك ابن مسعود Bه ومحله من العلم معلوم وغيرهما قد خرجوا وقالوا أقوالا على أن بعض الناس يقول : إن المسائل المختلف فيها خارج المدينة مختلف فيها بالمدينة وادعى العموم في ذلك