معنى لا حرج .
وادعى بعض الشارحين : أنه قوله عليه السلام لا حرج ظاهر في أنه لا شيء عليه وعني بذلك نفي الإثم والدم معا وفيما ادعاه من الظهور نظر وقد ينازعه خصومه فيه بالنسبة إلى الاستعمال العرفي فإنه قد استعمل لا حرج كثيرا في نفي الإثم وإن كان من حيث الوضع اللغوي يقتضي نفي الضيف قال الله تعالى { ما جعل عليكم في الدين من حرج } .
وهذا البحث كله إنما يحتاج إليه بالنسبة إلى الرواية التي جاء فيها السؤال عن تقديم الحلق على الرمي وأما على الرواية التي ذكرها المصنف : فلا تعلم من أوجب الدم وحمل نفي الحرج على نفي الإثم فيشكل عليه تأخير بيان وجوب الدم فإن الحاجة تدعو إلى تبيان هذا الحكم فلا يؤخر عنها بيانه .
ويمكن أن يقال : إن ترك ذكره في الرواية لا يلزمه منه ترك ذكره في نفس الأمر .
وأما من أسقط الدم وجعل ذلك مخصوصا بحالة عدم الشعور : فإنه يحمل [ لا حرج ] على نفي الإثم والدم معا فلا يلزم تأخير البيان عن وقت الحاجة ويبني أيضا على القاعدة : في أن الحكم إذا رتب على وصف يمكن أن يكون معتبرا لم يجز اطراحه وإلحاق غيره مما لا يساويه به ولا شك أن عدم الشعور وصف مناسب لعدم التكليف والمؤاخذة والحكم علق به فلا يمكن اطراحه بإلحاق العمد به إذ لا يساويه فإن تمسك بقول الراوي فما سئل عن شيء قدم ولا أخر إلا قال : افعل ولا حرج فإنه قد يشعر بأن الترتيب مطلقا غير مراعى في الوجوب فجوابه : أن الراوي لم يحك لفظا عاما عن الرسول A يقتضي جواز التقديم والتأخير مطلقا وإنما أخبر عن قوله E لا حرج بالنسبة إلى كل ما سئل عنه من التقديم والتأخير حينئذ هذا الإخبار من الراوي : إنما تعلق بما وقع السؤال عنه وذلك مطلق بالنسبة إلى حال السؤال وكنه وقع عن العمد أو عدمه والمطلق لا يدل على أحد الخاصيين بعينه فلا يبقى حجة في حال العمد والله أعلم