أجاز الرسول لخالد أن يحتسب ما حبسه فيما عليه من الزكاة .
الخامس : نشأ إشكال من كونه لم يؤمر بأخذ الزكاة منه وانتزاعها عند منعه فقيل : في جوابه : يجوز أن يكون عليه السلام أجاز لخالد أن يحتسب ما حبسه من ذلك فيما يجب عليه من الزكاة لأنه في سبيل الله حكاه القاضي قال : وهو حجة لمالك في جواز دفعها لصنف واحد وهو قول كافة العلماء خلافا للشافعي في وجوب قسمتها على الأصناف الثمانية قال : وعلى هذا يجوز إخراج القيم في الزكاة وقد أدخل البخاري هذا الحديث في باب أخذ العرض في الزكاة فيدل : أنه ذهب إلى هذا التأويل .
وأقول : هذا لا يزيل الإشكال لأن ما حبس على جهة معينة تعين صرفه إليها واستحقه أهل تلك الجهة مضافا إلى جهة الحبس فإن كان قد طلب من خالد زكاة ما حبسه فكيف يمكن من ذلك مع تعين ما حبسه لمصرفه ؟ وإن كان قد طلب منه زكاة المال الذي لم يحبسه - من العين والحرث والماشية - فكيف يحاسب بما وجب عليه في ذلك وقد تعين صرف ذلك المحبس إلى جهته ؟ .
وأما الاستدلال بذلك على أن صرف الزكاة إلى صنف من الثمانية جائز وأن أخذ القيم جائز : فضعيف جدا لأنه لو أمكن توجيه ما قيل في ذلك لكان الإجزاء في المسألتين مأخوذا على تقدير ذلك التأويل وما ثبت على تقدير لا يلزم أن يكون واقعا إلا إذا ثبت وقوع ذلك التقدير ولم يثبت ذلك بوجه ولم يبين قائل هذه المقالة إلا مجرد الجواز والجواز لا يدل على الوقوع .
إلا أن القاضي : أنه حجة لمالك و أبي حنيفة على التقدير فقريب إلا أنه يجب التنبيه لأنه لا يفيد الحكم في نفس الأمر .
وأنا أقول : يحتمل أن يكون تحبيس خالد لأدراعه وأعتاده في سبيل الله : إرصاده إياها لذلك وعدم تصرفه بها في غير ذلك وهذا النوع حبس وإن لم يكن تحبيسا ولا يبعد أن يراد مثل ذلك بهذا اللفظ ويكون قوله [ إنكم تظلمون خالدا ] مصروفا إلى قولهم منع خالد أي تظلمونه في نسبته إلى منع الواجب مع كونه صرف ماله في سبيل الله ويكون المعنى : أنه لم يقصد منع الواجب ويحمل منعه على غير ذلك .
السادس : أخذ بعضهم من هذا : وجوب زكاة التجارة وأم خالدا طولب بأثمان الأربع والأعتد قالوا : ولا زكاة في هذه الأشياء إلا أن تكون للتجارة وقد استضيف هذا الاستدلال من حيث إنه استدلال بأمر محتمل غير متعين لما ادعى .
السابع : من قال بأن هذه الصدقة كانت تطوعا ارتفع عنه هذا الإشكال ويكون النبي A اكتفى بما حبسه خالد على هذه الجهات عن أخذ شيء آخ من صدقة التطوع ويكون من طلب منه شيئا آخر - مع ما حبسه من ماله وأعتاده في سبيل الله - ظالما له في مجرى العادة وعلى سبيل التوسع في إطلاق اسم الظلم