قوله إنك ستأتي قوما أهل كتاب .
و قوله عليه السلام [ إنك ستأتي قوما أهل كتاب ] لعله للتوطئة و التمهيد للوصية باستجماع همته في الدعاء لهم فإن أهل الكتاب أهل علم و مخاطبتهم لا تكون كمخاطبة جهال المشركين و عبدة الأوثان في العناية بها و البداءة في المطالبة في الشهادتين لأن ذلك أصل الدين الذي لا يصح شيء من فروعه إلا به فمن كان منهم غير موحد على التحقيق كالنصارى فالمطالبة متوجهة إليه بكل واحدة من الشهادتين عينا و من كان موحدا كاليهود فالمطالبة له بالجمع بين ما أقر به من التوحيد و بين الإقرار بالرسالة و إن كان هؤلاء اليهود الذين كانوا باليمن عندهم ما يقتضي الإشراك و لو باللزوم يكون مطالبتهم بالتوحيد لنفي ما يلزم من عقائدهم و قد ذكر الفقهاء أن من كان كافرا بشيء مؤمنا .
بغيره لم يدخل في الإسلام إلا بالإيمان بما كفر به .
و قد يتعلق بالحديث في أن الكفار غير مخاطبين بالفروع من حيث أنه إنما أمر أولا بالدعاء إلى الإيمان فقط و جعل الدعاء إلى الفروع بعد إجاباتهم الإيمان و ليس بالقوي من حيث أن الترتيب في الدعاء لا يلزم منه الترتيب في الوجوب ألا ترى أن الصلاة و الزكاة لا ترتيب بينهما في الوجوب ؟ و قد قدمت في المطالبة على الزكاة و آخر الأخبار لوجوب الزكاة عن الطاعة بالصلاة مع أنهما متساويتان في خطاب الوجوب