وجوب افتتاح الصلاة بالتكبيرة والرد على من خالف ذلك .
وقولها [ وكان يفتتح الصلاة بالتكبير ] يدل على أمور كثيرة : .
أحدها : أن الصلاة تفتتح بالتحريم أعني ما هو أعم من التكبير بمعنى أنه لا يكتفي بالنية في الدخول فيها فإن التكبير تحريم مخصوص والدال على وجود الأخص دال على وجود الأعم وأعني بالأعم ههنا : هو المطلق ونقل بعض المتقدمين خلافه وربما تأوله بعضهم على مالك والمعروف خلافه عنه وعن غيره .
الثاني : أن التحريم يكون بالتكبير خصوصا و أبو حنيفة يخالف فيه ويكتفي بمجرد التعظيم كقوله الله أجل أو أعظم والاستدلال على الوجوب بهذا الفعل إما على الطريقة السابقة من كونه بيانا للمجمل وفيه ما تقدم وإما بأن يضم إلى ذلك قوله A [ صلوا كما رأيتموني أصلي ] وقد فعلوا ذلك في مواضع كثيرة واستدلوا على الوجوب بالفعل مع هذا القول أعني قوله A [ صلوا كما رأيتموني أصلي ] وهذا إذا أخذ مفردا عن ذكر سببه وسياقه : أشعر بأنه خطاب للأمة بأن يصلوا كما صلى A فيقوي الاستدلال بهذه الطريقة على كل فعل ثبت أنه فعله في الصلاة وإنما هذا الكلام قطعة من حديث مالك بن الحويرث قال [ أتينا رسول الله A - ونحن شببة متقاربون - فأقمنا عنده عشرين ليلة وكان رسول الله A رحيما رفيقا فظن أنا قد اشتقنا أهلنا فسألنا عمن تركنا من أهلنا ؟ فأخبرناه فقال : ارجعوا إلى أهليكم فأقيموا فيهم وعلموهم ومروهم فإذا حضرت الصلاة فيؤذن لكم أحدكم ثم ليؤمكم أكبركم ] زاد البخاري [ وصلوا كما رأيتموني أصلي ] فهذا خطاب لمالك وأصحابه بأن يوقعوا الصلاة على ذلك الوجه الذي رأوا النبي A يصلي عليه ويشاركهم في هذا الخطاب كل الأمة في أن يوقعوا الصلاة على ذلك الوجه فما ثبت استمرار فعل النبي A عليه دائما : دخل تحت الأمر وكان واجبا وبعض مقطوع به أي مقطوع باستمرار فعله له وما لم يدل دليل على وجوده في تلك الصلوات التي تعلق الأمر بإيقاع الصلاة على صفتها - لا يجزم بتناول الأمر له .
وهذا أيضا يقال فيه من الجدل ما أشرنا إليه