قوله ليخالفن الله بين وجوهكم .
وكان يظهر لي في قوله أو ليخالفن الله بين وجوهكم أنه راجع إلى اختلاف القلوب وتغير بعضهم على بعض فإن تقدم إنسان على الشخص أو على الجماعة و تخليفه إياهم من غير أن يكون مقاما للإمامة بهم قد يوغر صدورهم و هو موجب لاختلاف قلوبهم فعبر عنه بمخالفة وجوههم لأن المختلفين في التباعد و التقارب يأخذ كل واحد منهما غير وجه الآخر فإن شئت بعد ذلك أن تجعل الوجه بمعنى الجهة وإن شئت أن تجعل الوجه معبرا به عن اختلاف المقاصد و تباين النفوس فإن من تباعد عن غيره وتنافر زوى وجهه عنه فيكون المقصود : التحذير من وقوع التباغض و التنافر وقال القاضي عياض C في قوله أو ليخالفن الله بين وجوهكم يحتمل أنه كقوله أن يحول الله صورته صورة حمار فيخالف بصفتهم إلى غيرها من المسوخ أو يخالف بوجه من لم يقم صفه و يغير صورته عن وجه من أقامه أو يخالف باختلاف صورها بالمسخ والتغيير و أقول أما الأول وهو قوله : فيخالف بصفتهم إلى غيرها من المسوخ فليس فيه محافظة ظاهرة على مقتضى لفظة بين و الأليق بهذا المعنى أن يقال : يخالف وجوهكم عن كذا إلا أن يراد المخالفة بين وجوه من مسخ ومن لم يمسخ فهذا الوجه الثاني وأما الوجه الأخير ففيه محافظة على معنى بين إلا أنه ليس فيه محافظة ظاهرة على قوله وجوهكم فإن تلك المخالفة بعد المسخ و ليست تلك صفة وجوههم عند المخالفة في الفعل و الأمر في هذا قريب محتمل و قوله القداح هي خشب السهام حين تبرى و تنحت و تهيأ للرمي وهي مما يطلب فيه التحرير وإلا كان السهم طائشا وهي مخالفة لغرض إصابة الغرض فيضرب به المثل لتحرير التسوية لغيره