غسل اليدين قبل إدخالهما الإناء .
الخامسة : ذهب بعضهم إلى وجوب غسل اليدين قبل إدخالهما في الإناء في ابتداء الوضوء عند الاستيقاظ من النوم لظاهر الأمر ولا يفرق هؤلاء بين نوم الليل والنهار لإطلاق قوله A [ إذا استيقظ من نومه ] وذهب أحمد إلى وجوب ذلك من نوم الليل دون نوم النهار لقوله A [ أين باتت يده ؟ ] والمبيت يكون بالليل وذهب غيرهم إلى عدم الوجوب مطلقا وهو مذهب مالك و الشافعي والأمر محمول على الندب .
واستدل على ذلك بوجهين أحدهما : ما ذكرناه من حديث الأعرابي والثاني : أن الأمر - وإن كان ظاهره الوجوب - إلا أنه يصرف عن الظواهر لقرينة ودليلة وقد دل الدليل وقامت القرينة ههنا فإنه A علل بأمر يقتضي الشك وهو قوله [ فإنه لا يدري أين باتت يده ؟ ] والقواعد تقتضي أن الشك لا يقتضي وجوبا في الحكم إذا كان الأصل المستصحب على خلافه موجودا والأصل : الطهارة في اليد فلتستصحب [ وفيه احتراز عن مسألة الصيد ] .
السادسة : قيل : إن سبب هذا الأمر : أنهم كانوا يستنجون بالأحجار فربما وقعت اليد على المحل وهو عرق فتنجست فإذ وضعت في الماء نجسته لأن الماء المذكور في الحديث : هو ما يكون في الأواني التي يتوضأ منها والغالب عليها القلة وقيل : إن الإنسان لا يخلو من حك بثرة في جسمه أو مصادفة حيوان ذي دم فيقتله فيتعلق دمه بيده .
السابعة : الذين ذهبوا إلى أن الأمر للاستحباب : استحبوا غسل اليد قبل إدخالها في الإناء في ابتداء الوضوء مطلقان سواء قام من النوم أم لا ولهم فيه مأخذان أحدهما : أن ذلك : وارد في صفة وضوء النبي A من غير تعرض لسبق نوم والثاني : أن المعنى الذي علل به في الحديث - وهو جولان اليد موجود في حال اليقظة فيعم الحكم لعموم علته