العلة في تقديم الطعام على الصلاة .
لا ينبغي حمل الألف واللام في الصلاة على الاستغراق ولا على تعريف الماهية بل ينبغي أن تحمل على المغرب لقوله [ فابدأوا بالعشاء ] وذلك يخرج صلاة النهار ويبين أنها غير مقصودة ويبقى التردد بين المغرب والعشاء فيترجح حمله على المغرب لما ورد في بعض الروايات [ إذا وضع العشاء وأحدكم صائم فابدأوا به قبل أن تصلوا ] وهو صحيح وكذلك أيضا صح [ فابدأوا به قبل أن تصلوا صلاة المغرب ] والحديث يفسر بعضه بعضا .
والظاهرية أخذوا بظاهر الحديث في تقديم الطعام على الصلاة وزادوا - فيما نقل عنهم - فقالوا : إن صلى فصلاته باطلة .
وأما أ÷ل القياس والنظر فإنهم نظروا إلى المعنى وفهموا : أن العلة التشويش لأجل التشوف إلى الطعام وقد أوضحته تلك الرواية التي ذكرناها .
وهي قوله [ وأحدكم صائم ] فتتبعوا هذا المعنى فحيث حصل التشوف المؤدي إلى عدم الحضور في الصلاة قدموا الطعام واقتصروا أيضا على مقدار ما يكسر سورة الجوع ونقل عن مالك : يبدأ بالصلاة إلا أن يكون طعاما خفيفا .
واستدل بالحديث على أن وقت المغرب موسع فإن أريد به مطلق التوسعة فصحيح لكن ليس بمحل الخلاف المشهور وإن أريدا التوسعة إلى مغيب الشفق ففي الاستدلال نظر لأن بعض من ضيق وقت المغرب جعله مقدرا بزمان يدخل في مقدار ما يتنازل لقيمات يكر بهاسورة الجوع فعلى هذا : لا يلزم أن لا يكون وقت المغرب موسعا إلى غروب الشفق .
على أن الصحيح الذي نذهب إليه : أن وقتها موسع إلى غروب الشفق وإنما الكلام في وجه هذا الاستدلال من هذا الحديث .
وقد استدل به أيضا على أن صلاة الجماعة ليست فرضا على الأعيان في كل حال وهذا صحيح إن أريد به : أن حضور الطعام - مع التشوف إليه - عذر ترك الجماعة وإن أريد به الاستدلال عل أنها ليست بفرض من غير عذر لم يصح ذلك .
وفي الحديث : دليل على فضيلة تقديم حضور القلب في الصلاة على فضيلة أو الوقت فإنهما لما تزاحما قدم صاحب الشرع الوسيلة إلى حضور القلب على أداء الصلاة في أول الوقت والمتشوفون إلى المعنى أيضا قد لايقصرون الحكم على حضور الطعام بل يقولون به عند وجود المعنى وهو التشوف إلى الطعام .
والتحقيق في هذا : أن الطعام إذا لم يحضر فإما أن يكون متيسر الحضور عن قريب حتى يكون كالحاضر أولا ؟ فإن كان الأول : فلا يبعد أن يكون حكمه حكم الحاضر وإن كان الثاني وهو ما يتراخى حضوره : فلا ينبغي أن يلحق بالحاضر فإن حضور الطعام يوجب زيادة تشوف وتطلع إليه وهذه الزيادة يمكن أن يكون الشارع اعتبرها في تقديم الطعام على الصلاة فلا ينبغي أن يلحق به ما لا يساويها للقاعدة الأصولية إن محل النص إذا اشتمل على وصف يمكن أن يكون معتبرا لم يلغ