الأعمال و المفاضلة فيها باختلاف الجواب .
وقد اختلفت الأحاديث في فضائل الأعمال و تقديم بعضها على بعض و الذي قيل في هذا إنها أجوبة مخصوصة لسائل مخصوص أو من هو في مثل حاله أو هي مخصوصة ببعض الأحوال التي ترشد القرائن إلى أنها المراد و مثال ذلك أن يحمل ما ورد عنه صلى الله عليه و سلم من قوله [ ألا أخبركم بأفضل أعمالكم و أزكاها عند مليككم و أرفعها في درجاتكم ؟ ] و فسره بذكر الله تعالى على أن يكون ذلك أفضل الأعمال بالنسبة إلى المخاطبين بذلك أو من هو في مثل حالهم أو من هو في صفاتهم و لو خوطب بذلك الشجاع الباسل المتأهل للنفع الأكبر في القتال لقيل له الجهاد و لو خوطب به من لا يقوم مقامه في القتال و لا يتمحض حاله لصلاحية التبتل لذكر الله تعالى و كان غنيا ينتفع بصدقة ماله لقيل له الصدقة و هكذا في بقية أحوال الناس قد يكون الأفضل في حق هذا مخالفا للأفضل في حق ذاك بحسب ترجيح المصلحة التي تليق به و أما بر الوالدين فقد قدم في الحديث على الجهاد و هو دليل على تعظيمه و لا شك في أن أذاهما بغير ما يجب من البر في غير هذا ففي ضبطه إشكال كبير وأما الجهاد في سبيل الله تعالى فمرتبته في الدين عظيمة و القياس يقتضي أنه أفضل من سائر الأعمال التي هي وسائل فإن العبادات على قسمين منها ما هو مقصود لنفسه و منها ما هو وسيلة إلى غيره و فضيلة الوسيلة بحسب فضيلة المتوسل إليه فحيث تعظم فضيلة المتوسل إليه تعظم فضيلة الوسيلة و لما كان الجهاد في سبيل الله وسيلة إلى إعلان الإيمان و نشره وإخمال الكفر و دحضه كانت فضيلة الجهاد بحسب فضيلة ذلك و الله أعلم