الحديث 43 : تقتضي الحائض الصوم لا الصلاة و علة ذلك .
الحديث الخامس : عن معاذة قالت [ سألت عائشة Bها فقالت : ما بال الحائض تقضي الصوم و لا تقضي الصلاة ؟ فقالت : أحرورية أنت ؟ فقلت : لست بحرورية و لكني أسأل فقالت : كان يصيبنا ذلك فنؤمر بقضاء الصوم و لا نؤمر بقضاء الصلاة ] .
معاذة بنت عبد الله العدوية امرأة صلة بن أشيم بصرية أخرج لها الشيخان في صحيحيهما .
و الحروري من ينسب إلى حرواء و هو موضع بظاهر الكوفة اجتمع فيه أوائل الخوارج ثم كثر استعماله حتى استعمل في كل خارجي و منه قول عائشة لمعاذة [ أحرورية أنت ؟ ] أي أخارجية و إنما قالت ذلك لأن مذهب الخوارج أن الحائض تقضي الصلاة و إنما ذكرت ذلك أيضا لأن معاذة أوردت السؤال على غير جهة السؤال المجرد بل صيغتها قد تشعر بتعجب أو إنكار فقالت لها عائشة [ أحرورية أنت ] فأجابتها بأن قالت لا و لكني أسأل أي أسأل سؤالا مجردا عن الإنكار و التعجب بل لطلب مجرد العلم بالحكم فأجابتها عائشة بالنص و لم تتعرض للمعنى لأنه أبلغ و أقوى في الردع عن مذهب الخوارج و أقطع لمن يعارض بخلاف المعاني المناسبة فإنها عرضة للمعارضة و الذي ذكره العلماء من المعنى في ذلك أن الصلاة تتكرر فإيجاب قضائها مفض إلى حرج و مشقة فعفى عنه بخلاف الصوم فإنه غير متكرر فلا يفضي قضاؤه إلى حرج و قد اكتفت عائشة Bها في الاستدلال على إسقاط القضاء بكونه لم يؤمر به فيحمل ذلك على وجهين .
أحدهما : أن تكون أخذت إسقاط القضاء من سقوط الأداء و يكون مجرد سقوط الأداء دليلا على سقوط القضاء إلا أن يوجد معارض و هو الأمر بالقضاء كما في الصوم .
و الثاني : - وهو الأقرب - أن يكون السبب في ذلك أن الحاجة داعية إلى بيان هذا الحكم فإن الحيض يتكرر فلو وجب قضاء الصلاة فيه لوجب بيانه و حيث لم يبين دل على عدم الوجوب لا سيما و قد اقترن بذلك قرينة أخرى و هي الأمر بقضاء الصوم و تخصيص الحكم به و في الحديث دليل لما يقوله الأصوليون من أن قول الصحابي كنا نؤمر و ننهى في حكم المرفوع إلى النبي صلى الله عليه و سلم و إلا لم تقم الحجة به