هل يلزم في انتفاء القبول انتفاء الصحة ؟ .
الكلام عليه من وجوه : .
أحدها : القبول وتفسير معناه قد استدل جماعة من المتقدمين بانتفاء القبول على انتفاء الصحة كما قالوا في قوله A [ لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار ] أي من بلغت سن المحيض .
والمقصود بهذا الحديث : الاستدلال على اشتراط الطهارة من الحدث في صحة الصلاة ولا يتم ذلك إلا بأن يكون انتفاء القبول دليلا على انتفاء الصحة وقد حرك المتأخرون في هذا بحثا لأن انتفاء القبول قد ورد في مواضع مع ثبوت الصحة كالعبد إذا أبق لا تقبل له صلاة وكما ورد فيمن أتى عرافا وفي شارب الخمر .
فإذا أريد تقرير الدليل على انتفاء الصحة مع انتفاء القبول فلا بد من تفسير معنى القبول وقد فسر بأنه ترتب الغرض المطلوب من الشيء على الشيء يقال : قبل فلان عذر فلان : إذا رتب على عذره الغرض المطلوب منه وهو محو الجناية والذنب .
فإذا ثبت ذلك فيقال مثلا في هذا المكان : الغرض من الصلاة : وقوعها مجزئة بمطابقتها للأمر فإذا حصل هذا الغرض : ثبت القبول على ما ذكر من التفسير وإذا ثبت القبول على هذا التفسير : ثبتت الصحة وإذا انتفى القبول على هذا التفسير : انتفت الصحة .
وربما قيل من جهة بعض المتأخرين : إن القبول كون العبادة بحيث يترتب الثواب والدرجات عليها و الإجزاء كونها مطابقة للأمر والمعنيان إذا تغايرا وكان أحدهما أخص من الآخر : لم يلزم من نفي الأخص نفي الأعم و القبول على هذا التفسير : أخص من الصحة فإن كل مقبول صحيح وليس كل صحيح مقبولا وهذا - إن نفع في تلك الأحاديث التي نفي عنها القبول مع بقاء الصحة - فإنه يضر في الاستدلال بنفي القبول على نفي الصحة كما حكينا عن الأقدمين .
اللهم إلا أن يقال : دل الدليل على كون القبول من لوازم الصحة فإذا انتفى انتفت فيصح الاستدلال بنفي القبول على نفي الصحة حينئذ ويحتاج في تلك الأحاديث - التي نفي عنها القبول مع بقاء الصحة - إلى تأويل أو تخريج جواب على أنه يرد على من فسر القبول بكون العبادة مثابا عليها أو مرضية أو ما أشبه ذلك - إذا كان مقصوده بذلك : أن لا يلزم من نفي القبول نفي الصحة : أن يقال : القواعد الشرعية تقتضي : أن العبادة إذا أتى بها مطابقة للأمر كانت سببا للثواب والدرجات والإجزاء والظواهر في ذلك لا تنحصر