الحيض : .
تعريفه : الحيض لغة السيلان .
وفي اصطلاح الفقهاء : دم جبلة يخرج من رحم المرأة مع الصحة من غير سبب ولادة أو في أوقات معلومة .
والحامل لا تحيض فإن رأت دما فهو دم فساد بخلاف الشافعية والمالكية لحديث أبي سعيد الخدري Bه - ورفعه إلى النبي A - أنه قال في سبايا أوطاس : ( لا توطأ الحامل حتى تضع ولا غير ذات حمل حتى تحيض حيضة ) ( 1 ) أي تعلم براءتها من الحمل بالحيضة فدل على أن الحيضة لا تجتمع مع الحمل .
_________ .
( 1 ) أبو داود : ج - 2 / كتاب النكاح باب 45 / 2157 .
_________ .
سن الحيض : أقل سن تحيض به المرأة تسع سنين لقول عائشة Bها : " إذا بلغت الجارية تسع سنين فهي امرأة " . وأكثر سن تحيض به خمسون عاما فإن رأت دم بعده فهو دم فاسد لأن السيدة عائشة Bها قالت : " إذا بلغت المرأة خمسين سنة خرجت من حد الحيض " ولقولها أيضا : " لن ترى المرأة في بطنها ولدا بعد الخمسين " .
مدة الحيض : .
أقله : يوم وليلة بشرط أن يكون الدم نازلا كالمعتاد في زمن الحيض بحيث لو وضعت قطنة لتلوثت بالدم والمراد باليوم والليلة ( 24 ) ساعة فلكية فلو رأت الدم وانقطع قبل مضي هذه المدة لا تعتبر المرأة حائضا ( أما عند الإمام أحمد أقله يوم فلو انقطع الدم لأقل منه فهو فساد ) . [ ص 120 ] .
أكثره : خمسة عشر يوما مع لياليها فإذا رأت الدم بعد ذلك فإنه ليس بحيض . ولا عبرة في هذا التقدير بعادة المرأة فلو اعتادت تحيض ثلاثة أيام أو أربعة أيام أو خمسة أيام ثم تغيرت عادتها فرأت الدم بعد هذه المدة فإنها تعتبر حائضا إلى خمسة عشر يوم .
غالبه : ستة أو سبعة أيام لما روته حمنة بنت جحش Bها في حديث لها أن رسول الله A قال لها : إنما هي ركضة من الشيطان فتحيضي ستة أيام أو سبعة أيام في علم الله ثم اغتسلي فإذا رأيت أنك قد طهرت واستنقأت فصلي أربعا وعشرين ليلة وصومي وصلي فإن ذلك يجزئك وكذلك فافعلي كما تحيض النساء وكما يطهرن لميقات حيضهن أو طهرهن ) ( 1 ) .
مدة الطهر : أقل مدة الطهر بين حيضتين ثلاثة عشر يوما ( 2 ) لما روي عن علي Bه أنه سئل عن امرأة ادعت انقضاء عدتها في الشهر . فقال لشريح قل فيها . فقال : " إن جاءت ببطانة من أهلها يشهدون أنها حاضت في شهر ثلاث مرات تترك الصلاة فيها وإلا هي كاذبة " فقال علي Bه : " قالون " يعني جيدا وهذا اتفاق بينهما . ولا يمكن ذلك إلا إذا كان الطهر ثلاثة عشر يوما .
أما أكثر مدة الطهر بين حيضتين فلا حد له لأن من النساء من تطهر شهور أو سنة ومنهن من لا تحيض أبدا . أما غالب الطهر هو أربعة وعشرون يوما أو ثلاثة وعشرون يوما .
_________ .
( 1 ) الترمذي : ج - 1 / كتاب الطهارة باب 95 / 128 .
( 2 ) سواء كان الطهر واقعا بين دمي حيض أو بين دمي حيض ونفاس .
_________ .
ما يحرم بالحيض : .
- 1 - الصلاة : عائشة Bها قالت عن فاطمة بنت أبي حبيش قالت لرسول الله A : يا رسول الله إني لا أطهر . . فقال A : . . . فإذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة فإذا ذهب قدرها فاغسلي عنك الدم وصلي " ( 1 ) . [ ص 121 ] .
- 2 - الصيام : لما روى أبو سعيد الخدري Bه أن النبي A قال للنساء : ( أليس إذا حاضت - يعني المرأة - لم تصل ولم تصم ) ( 2 ) .
- 3 - الطواف : لقوله A لعائشة Bها حين حاضت في الحج : ( افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري ) ( 3 ) .
- 4 - قراءة القرآن : لحديث عبد الله بن عمر Bهما عن النبي A قال : ( لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئا من القرآن ) ( 4 ) .
- 5 - مس المصحف : لقوله تعالى : ( لا يمسه إلا المطهرون ) ( 5 ) ولقوله A لعمرو بن حزم : ( أن لا يمس القرآن إلا طاهر ) ( 6 ) .
- 6 - اللبث في المسجد : لقوله A فيما روته عائشة Bها : ( فإني لا أحل المسجد لحائض ولا لجنب ) ( 7 ) . أما المرور فجائز إن أمنت تلويثه .
- 7 - يحرم الوطء في الفرج لقوله تعالى : ( فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن ) ( 8 ) أما الاستمتاع بها في غير الفرج فلا يحرم لما روى أنس Bه قال : قال النبي A : ( اصنعوا كل شيء غير النكاح ) ( 9 ) وعن عائشة Bها قالت : ( كانت إحدانا إذا كانت حائضا أمرها رسول الله A فتأتزر بإزار ثم يباشرها ) ( 10 ) ولأن الوطء حرم للأذى فاختص بمحله فإذا كان الوطء قبل انقطاع الدم فعليه دينار أو نصف دينار إن قدر وإلا سقطت عنه الكفارة ووجبت عليه التوبة سواء كان الوطء بأول الحيض أو بآخره وسواء كان الواطئ مكرها أو جاهلا الحيض أو التحريم ناسيا . ومحل ذلك إذا لم يترتب [ ص 122 ] عليه مرض أو أذى شديدا وإلا كان حراما حرمة مغلظة بالإجماع . كما يحرم على المرأة أن تمكن الواطئ من وطئها في الفرج فإذا طاوعته على ذلك فعليها كفارة مثل ما على الرجل .
- 8 - يحرم إيقاع الطلاق فإن طلقها فهو طلاق بدعة لما فيه من تطويل العدة إلا أنه يقع ويؤمر بمراجعتها إن كانت لها رجعة .
_________ .
( 1 ) البخاري : ج - 1 / كتاب الحيض باب 8 / 300 .
( 2 ) البخاري : ج - 1 / كتاب الحيض باب 6 / 298 .
( 3 ) البخاري : ج - 1 / كتاب الحيض باب 7 / 299 .
( 4 ) الترمذي : ج - 1 / الطهارة باب 98 / 131 .
( 5 ) الواقعة : 79 .
( 6 ) شرح الرزقاني على الموطأ : ص - 106 .
( 7 ) أبو داود : ج - 1 / كتاب الطهارة باب 93 / 232 .
( 8 ) البقرة : 222 .
( 9 ) مسلم : ج - 1 / كتاب الحيض باب 3 / 16 .
( 10 ) مسلم : ج - 1 / كتاب الحيض / 1 .
_________ .
الأحكام المتعلقة بالحيض : .
- 1 - سقوط وجوب قضاء الصلاة دون الصيام لما روي عن معاذة قالت : سألت عائشة Bها فقلت : ( ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة ؟ فقالت : أحرورية أنت ؟ قلت لست بحرورية . ولكني أسأل . قالت : كان يصيبنا ذلك فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة ) ( 1 ) .
- 2 - منع صحة الطهارة لأنه حدث يوجب الطهارة فاستمراره يمنع صحتها .
- 3 - وجوب الغسل عند انقطاعه والنقاء منه لحديث عائشة Bها قالت : ( إن أم حبيبة سألت رسول الله A عن الدم . . . فقال لها رسول الله A : امكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك ثم اغتسلي وصلي ) ( 2 ) .
- 4 - وجوب الاعتداد به فلا تنقضي العدة في حق المطلقة وأشباهها إلا به لقوله تعالى : ( والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ) ( 3 ) .
- 5 - حصول البلوغ به لحديث عائشة Bها أن النبي A قال : ( لا يقبل الله صلاة الحائض إلا بخمار ) ( 4 ) . [ ص 123 ] .
_________ .
( 1 ) مسلم : ج - 1 / كتاب الحيض باب 15 / 69 .
( 2 ) مسلم : ج - 1 / الحيض باب 14 / 65 .
( 3 ) البقرة : 228 .
( 4 ) ابن ماجة : ج - 1 / كتاب الطهارة باب 132 / 655 .
_________ .
الأحكام المتعلقة بانقطاع الحيض وقبل الطهارة : .
إذا انقطع الحيض ولم تغتسل المرأة زالت أربعة أحكام متعلقة فيه وهي : .
- 1 - سقوط فرض الصلاة .
- 2 - منع صحة الطهارة .
- 3 - تحريم الصيام .
- 4 - تحريم الطلاق .
أما باقي المحرمات فتبقى حتى تغتسل . وتحريم الوطء باق لأن الله تعالى قال : { ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن } ( 1 ) قال مجاهد : حتى يغتسلن .
فإن لم تجد الماء تيممت وحل وطؤها لأن التيمم قائم مقام الغسل وكذا إن تيممت للصلاة حل وطؤها . وإن كان الوطء قبل طهرها فعليه كفارة نصف دينار لما روى ابن عباس Bهما عن النبي A : ( في الرجل يقع على امرأته وهي حائض قال : يتصدق بنصف دينار ) ( 2 ) . أما إن كان الوطء بعد انقطاع الدم وقبل الطهر فلا كفارة فيه .
_________ .
( 1 ) البقرة : 222 .
( 2 ) الترمذي : ج 1 / الطهارة باب 103 / 139 .
_________ .
مدة حيض المبتدئة : .
إذا رأت المرأة الدم في سن تحيض لمثله النساء ( تسع فما فوق ) فتترك الصلاة والصوم لأن دم الحيض وعادة جبلة وعادة ودم الفساد عارض لمرض ونحو والأصل عدمه فإن انقطع لدون يوم وليلة فهو دم فساد وإن بلغ ذلك تركت الصلاة والصوم يوما وليلة فإن انقطع لذلك اغتسلت وصلت وكان ذلك حيضها وإن واجبة بيقين وما زاد على أقل الحيض مشكوك فيه فلا تسقط العبادة بالشك . فإن انقطع دمها ولم يعبر أكثر الحيض اغتسلت غسلا ثانيا ثم تفعل ذلك في شهرين [ ص 124 ] آخرين . فإن كان في أشهر كلها مدته واحدة علمت أن ذلك حيضها فانتقلت إليه وعملت على أساسه وأعادت ما صامت من فرض فيه لأنه تبين أنها صامت في حيضها .
المبتدئة المميزة : .
أي التي دمها متميز فبعضه أسود وبعضه أحمر . فإن عبر دمها أكثر الحيض فهو استحاضة فتنظر في دمها فإن كان بعضه أسود ثخينا منتنا وبعضه رقيقا أحمر وكان الأسود لا يزيد على اكثر الحيض ولا ينقص عن أقله فهذه مدة حيضها زمن الدم الأسود فتجلسه فإذا خلفته بدم أحمر رقيق فهي مستحاضة تغتسل للحيض وتتوضأ للصلاة وتصلي لما روت عائشة Bها قالت : ( جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي A قالت : يا رسول الله إني امرأة أستحاض فلا أطهر أفأدع الصلاة ؟ فقال : لا . إنما ذلك عرق وليس بالحيضة . فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة . وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلي ) ( 1 ) وفي رواية عن فاطمة بنت أبي حبيش أنها كانت تستحاض فقال لها النبي A : ( إذا كان دم الحيض فإنه دم أسود يعرف - أو يعرف - أي يعطي رائحة فأمسكي عن الصلاة وإذا كان الآخر فتوضئي فإنما هو عرق ) ( 2 ) .
_________ .
( 1 ) مسلم : / ج 1 / كتاب الحيض باب 14 / 62 ، يعني بإقباله : سواده ونتنه وبغباره : رقته وحمرته .
( 2 ) النسائي : ج 1 / ص 250 .
_________ .
المعتادة : .
كل ما تراه المرأة أثناء عادتها من دم أو صفرة أو كدرة أو غيرها فهو حيض لقول عائشة Bها : ( لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء ) ( 1 ) . قال مالك وأحمد Bهما : هي ماء أبيض يتبع الحيضة .
_________ .
( 1 ) البخاري : ج 1 / كتاب الحيض باب 19 .
_________ .
تغير العادة : هناك حالات : .
أولا : نقيت المرأة قبل انتهاء عادتها : تغتسل وتصلي لقول ابن عباس Bهما : ( لا يحل لها ما رأت الطهر ساعة إلا أن تغتسل ) ( 1 ) وهناك حالتان : .
أ - عاودها الدم في عادتها : هو حيض ومع ذلك لا تعيد ما صامته أثناء طهرها .
ب - عاودها الدم في عادتها : .
- 1 - وعبر أكثر الحيض : فهو استحاضة .
- 2 - ولم يعبر اكثر الحيض ولكنه تكرر ثلاثا : فهو حيض وإلا فلا لأنه لم يصادف عادة فلا يكون حيضا بغير تكرار .
ثانيا : رأت الدم في غير عادتها قبلها أو بعدها مع بقاء عادتها أو طهرها فيه : لا تترك الصلاة والصوم حتى يتكرر ثلاثا . وعن الإمام أحمد : أنها تصير إليه من غير تكرار واختاره جمع وعليه العمل ولا يسع النساء العمل بغيره . وقيل هو الصواب : إذ يصعب على النساء التقيد بالتكرار .
ثالثا : أن ينضم إلى العادة ما يزيد بمجموعة عن أكثر الحيض : وهناك حالتان : .
آ - ذاكرة لعادتها : إما غير مميزة فتجلس قدر عادتها ثم تغتسل بعدها وتصلي وتصوم لقوله A لأم حبيبة : ( امكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك ثم اغتسلي وصلي ) ( 2 ) .
أو مميزة : ففيها روايتان : إحداهما : تعمل بالعادة وهو المعتمد والثانية تعمل بالتمييز .
ب - ناسية لعادتها : إن كانت مميزة فتعمل بالتمييز أو كانت غير مميزة : [ ص 126 ] .
- 1 - المتحيرة : وهي الناسية لوقت العادة ولعددها فهذه تتحيض في كل شهر ستة أيام أو سبعة ( وعن الإمام أنها ترد إلى عادة النساء ) تترك خلالها الصلاة والصيام بالاجتهاد في العدد بين الست والسبع .
- 2 - تعلم عددها وتنسى وقتها : فتجلس قدر أيامها من أول كل شهر على أحد الوجهين وعلى الوجه الآخر تجلسه بالتحري .
- 3 - تذكر وقتها وتنسى عددها : فحكمها في قدر ما تجلسه حكم المتحير . فتجلس في موضع حيضها من أوله غالب الحيض ستا أو سبعا بالتحري إن اتسع له شهرها في كأن يكون شهرها عشرين فتجلس في أوله ستا أو سبعا ثم تغتسل وتصلي بقية العشرين .
_________ .
( 1 ) المحلى لابن حزم : ج - 2 / ص 269 .
( 2 ) مسلم : ج - 1 / كتاب الحيض باب 14 / 65 .
_________ .
أنوع العادة : متفقة ومختلفة .
- 1 - المتفقة : أن تكون أياما متساوية مثل من تحيض خمسة أيام من كل شهر .
- 2 - المختلفة : مثل من تحيض في شهر ثلاثة وفي الثاني أربعة وفي الثالث خمسة ثم تعود إلى الثلاثة .
التلفيق : .
إذا رأت المرأة يوما دما ويوما طهرا فإنها تغتسل وتصلي في زمن الطهر لقول ابن عباس Bهما المتقدم : ( لا يحل لها إذا رأت الطهر ساعة إلا أن تغتسل ) . ثم إذا انقطع الدم لخمسة عشر فما دون فجميعه حيض وتغتسل عقب كل يوم وتصلي في الطهر . وإن عبر الخمسة عشر فهي مستحاضة ترد إلى عادتها فإن كانت عادتها سبعة أيام متوالية جلست ما وافقها من الدم فيكون حيضها منه ثلاثة أيام أو أربعة أيام . وإن كانت ناسية جلست سبعة أيام .
مسائل : .
- 1 - إذا رأت الدم ( 3 ) أيام وطهرت بعدها ( 12 ) يوما ثم رأت الدم ( 3 ) أيام فالمجموع ويساوي ( 18 ) يوما زاد على أكثر الحيض فيعتبر [ ص 127 ] مجموع ال ( 3 ) أيام مع ال ( 12 ) يوما وهو خمسة عشر يوما حيض والدم الثاني استحاضة لأنه جاوز الخمسة عشر فلا يحسب من الحيض وما بيته وبين الدم الأول أقل من الطهر فهو ليس بحيضة ثانية .
- 2 - رأت الدم ( 3 ) أيام وطهرت بعدها ( 13 ) يوما ثم رأت الدم ( 3 ) أيام فالمجموع ( 19 ) زاد على أكثر الحيض فنقول أن المجموع ( 3 ) و ( 13 ) يساوي ( 16 ) فلا يمكن أن يكون الدم الثاني من الحيض الأول لتجاوز المجموع الخمسة عشر يوما وهي أكثر مدة الحيض ويمكن أن يكون حيضة ثانية لأنه بينه وبين الدم الأول ( 13 ) يوما وهي أقل مدة الطهر هذا فيما إذا تكرر ذلك أكثره من مرة فيكون تبين أن طهرها ( 13 ) يوما دائما .
- 3 - رأت الدم يومين وطهرت بعدها عشرة أيام ثم رأت الدم ثلاثة أيام فالمجموع خمسة عشر لم يزد على أكثر الحيض فيعتبر عندئذ المجموع كله حيض فيما إذا تكرر أكثر من مرة .
الاستحاضة : .
الاستحاضة هي دم ليس بحيض ولا نفاس فكل ما زاد عن أكثر الحيض أو نقص عن أقله أو سال قبل سن الحيض فهو استحاضة . وهو دم فساد ناتج عن مرض .
حكم المستحاضة : .
حكمها حكم الطاهرات في وجوب العبادات وفعلها لأنها نجاسة غير معتادة أشبه بثلث البول . فإن اختلط حيضها باستحاضتها فعليها الغسل عند قطع الحيض ومتى أرادت الصلاة غسلت فرجها وما أصابها من الدم حتى إذا استنقأت عصبت فرجها واستوفقت بالشد والتلجم ثم توضأت ونوت فرائض الوضوء لاستباحة فرض الصلاة ( حكم وضوئها كحكم التيمم ) وصلت لحديث حمنة بنت جحش قالت : ( قلت يا رسول الله إني استحاض حيضا كثيرة [ ص 128 ] شديدة فما تأمرني فيها قد منعتني الصيام والصلاة ؟ قال : أنعت لك الكرسف فإنه يذهب الدم . قالت : هو أكثر من ذلك . قال : فتلجمي . قالت : هو أكثر من ذلك . قال : فاتخذي ثوبا . قالت : هو أكثر من ذلك إنما أثج ثجا . ثم قال : إنما هي ركضة من الشيطان ) ( 1 ) .
وعن أم سلمة زوج النبي A ( أن امرأة كانت تهراق الدماء على عهد رسول الله A فاستفت لها أم سلمة رسول الله A فقال : لتنظر عدة الليالي والأيام التي كانت تحيضهن من الشهر قبل أن يصيبها الذي أصابها فلتترك الصلاة قدر ذلك من الشهر فإذا خلفت ذلك فلتغتسل ثم لتستثفر لثوب ثم لتصل فيه ) ( 2 ) . وإن خرج الدم بعد الوضوء فلا شيء عليها لأنه لا يمكن التحرز منه فسقط وتصلي بطهارتها ما شاءت من الفرائض والنوافل قبل الفريضة وبعدها حتى يخرج الوقت فتبطل به طهارتها وتستأنف الطهارة لصلاة أخرى لحديث عائشة Bها قالت : جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي A فقال لها : ( واغتسلي ثم توضئي لكل صلاة وصلي ) ( 3 ) . فهي طهارة عذر وضرورة فتقيدت بالوقت كالتيمم ولو توضأت قبل دخول الوقت فيبطل وضوؤها بدخوله كما في التيمم . فإن انقطع الدم بعد الوضوء وكانت عادتها انقطاعه وقتا لا يتسع للصلاة لم يؤثر انقطاعه في طهارتها لأنه وقت لا تتمكن من أداء الصلاة فيه في طهارة كاملة وإن لم تكن لها عادة أو كانت عادتها انقطاعه مدة طويلة لزمها استئناف الوضوء وإن كانت في الصلاة بطلت .
وحكم من به سلس بول أو مذي أو ريح أو جرح لا يرقأ دمه حكمها في ذلك إلا أن ما لا يمكن عصبه يتركه كما هو ويصلي فقد صلى عمر Bه وجرحه يعثف دما .
_________ .
( 1 ) الترمذي : ج - 1 / الطهارة باب 95 / 128 .
( 2 ) أبو داود : ج - 1 / كتاب الطهارة باب 108 / 274 .
( 3 ) أبو داود : ج - 1 / كتاب الطهارة باب 113 / 298 .
_________ .
ما يسن للمستحاضة : .
- 1 - لا توطأ المستحاضة إلى لضرورة لأنه أذى في الفرج وإن خاف على نفسه العند أبيح له الوطء وفي رواية يحل له والفرق بين الوطء في الاستحاضة وبين الوطء في الحيض هو أن الوطء في الحيض ربما يتعدى ضرره إلى الولد فإنه قيل قد يأتي الولد مجذوما بخلاف الوطء في الاستحاضة .
- 2 - يستحب لها الغسل لكل صلاة لما روت عائشة Bها ( أن أم حبيبة بنت جحش Bها استحيضت في عهد رسول الله A فأمرها بالغسل لكل صلاة ) ( 1 ) وعن حنا بنت جحش قالت : كنت استحاض حيضة كثيرة شديدة فأتيت النبي A استفتيه وأخبره . . . قال : فإن قويت على أن تؤخري الظهر وتعجلي العصر ثم تغتسلين حين تطهرين وتصلين الظهر والعصر جميعا ثم تؤخرين المغرب وتعجلين العشاء ثم تغتسلين وتجمعين بين الصلاتين فافعلي وتغتسلين مع الصبح وتصلين وكذلك فافعلي وصومي إن قويتي على ذلك ) ( 2 ) .
_________ .
( 1 ) أبو داود : ج - 1 / كتاب الطهارة باب 111 / 292 .
( 2 ) الترمذي : ج - 1 / الطهارة باب 95 / 128 .
_________ .
النفاس : .
تعريفه : هو الدم الخارج عقب الولادة أو قبلها بيومين أو ثلاثة ( مع وجود أمارة كالطلق ) لأن سبب خروجه الولادة أما إن خرج قبل ذلك فهو دم فساد لأن الحامل لا تحيض . ولا يعتبر الدم الخارج عقب الولادة نفاسا إلا بوضع ما تبين فيه خلق إنسان وأقل ما يتبن فيه خلق إنسان واحد وثمانون يوما فلو وضعت علقة أو مضغة لا تخطيط فيها فلا يثبت لها حكم النفاس وكذا إذا وضعت كتلة ليس فيها خلق شيء ( حمل عنقودي ) فلا نفاس لها . أما السقط فقيل فيه : وسقط لأربعة أشهر كالمولود حيا يغسل ويكفن ويصلى عليه وبالتالي يثبت لها حكم النفاس . [ ص 130 ] .
حكمه : حكم الحيض تماما فيما يحرم ويجب ويسقط به لأنه دم حيض متجمع احتبس لأجل الحمل .
أكثره : أربعون يوما لما روت أم سلمة Bها ( كانت النفساء على عهد رسول الله A تقعد بعد نفاسها أربعين يوما أو أربعين ليلة ) ( 1 ) فإذا رأت الدم بعد الأربعين فهو دم فساد وإن صادف عادة الحيض فهو حيض .
أقله : ليس لأقله حد ففي أي وقت رأت الطهر فهي طاهر تغتسل وتصلي . ويستحب لزوجها الإمساك عن وطئها حتى تتم الأربعين . فإن عاودها الدم في مدة النفاس فهو مشكوك فيه لذا تصوم وتصلي وتقضي الصوم احتياطا لأن الصوم واجب بيقين فلا يجوز تركه لعارض مشكوك فيه ويجب قضاؤه لأنه ثابت بيقين فلا يسقط بفعل مشكوك فيه . ويفارق الحيض المشكوك فيه النفاس لكثرة الحيض وتكرره ومشقة إيجاب القضاء فيه .
تعقيب : .
يجوز للرجل أن يشرب دواء غير محرم ليمنع الجماع ويجوز للمرأة شرب دواء لإلقاء النطفة وحصول الحيض أو شرب دواء لقطع الحيض إن أمنت الضرر . ولا يجوز لأحد أن يسقيها بغير علمها ما يقطع حيضها لإسقاط حقها من النسل أما شرب ما يمنع الحمل مطلقا فلا يجوز . [ ص 131 ] .
_________ .
( 1 ) أبو داود : ج - 1 / كتاب الطهارة باب 121 / 311