تعريفه التيمم : .
التيمم لغة : القصد .
وشرعا : استعمال تراب مخصوص في أعضاء مخصوصة من شخص مخصوص في وقت مخصوص .
دليله : .
القرآن والسنة والإجماع .
من القرآن : قوله تعالى : ( وإن كنتم جنبا فاطهروا . وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه ) ( 1 ) .
ومن السنة : ما روى عمران بن حصين Bه : ( كنا مع رسول الله A في سفر . . . وفيه : فصلى الناس فلما انفتل من صلاته إذا هو برجل معتزل لم يصل مع القوم قال : ما منعك يا فلان أن تصلي مع القوم ؟ قال : أصابتني جنابة ولا ماء قال : عليك بالصعيد فإنه يكفيك فلما حضر الماء أعطى النبي A الذي أصابته الجنابة إناء من ماء قال : اذهب فأفرغه على نفسك ) ( 2 ) .
والتيمم من خصائص هذه الأمة لم يجعله الله طهور لغيرها . [ ص 107 ] .
_________ .
( 1 ) المائدة : 6 .
( 2 ) البخاري : ج - 1 / كتاب التيمم باب 7 / 341 .
_________ .
ماهيته : .
هو طهارة بالتراب تقم مقام الطهارة بالماء عند العجز عن استعماله سواء كانت الطهارة من الحدث الأصغر الأكبر أو من الخبث عن البدن إلا أنها إذا كانت من الحدث الأصغر فينبغي مراعاة الترتيب فمثلا إن أراد التيمم عن عضو جريح من أعضاء الوضوء تيمم عنه في وقت غسله فيما لو كان صحيحا أما إذا كانت الطهارة من الحدث الأكبر تيمم عن العضو الجريح قبل الغسل أو بعده لأنه لا ترتيب في الطهارة الكبرى .
ويجوز التيمم للنجاسة على البدن بعد تخفيفها ما أمكن بمسح رطبها وحك يابسها لزوما ولا فرق في كون النجاسة على عضو صحيح أو جريح فإن تيمم لها قبل تخفيفها لم يصح . ودليل جواز التيمم للنجاسة على البدن هو أن طهارة البدن مشروطة للصلاة فجاز التيمم عنها كطهارة الحدث .
وفي وجوب إعادة الصلاة التي تيمم لها عن النجاسة روايتان : إحداهما : لا تجب الإعادة لأنه صلى بنجاسة .
ولا يجوز التيمم عن النجاسة بغير البدن .
شروط جواز صحة التيمم : .
أولا : العجز عن استعمال الماء : وهنا حالتان : .
أ - فقد الماء .
ب - الخوف على نفسه من استعمال الماء .
أ - فقد الماء : .
دليله : قوله تعالى : ( فلم تجدوا ماء فتيمموا ) وحديث أبي ذر Bه أن رسول الله A قال : ( إن الصعيد الطيب وضوء المسلم وإن لم يجد ماء عشر سنين فإذا وجد الماء فليمسه بشرته فإن ذلك خير ) ( 1 ) .
حالات فقد الماء : .
إن انقطع عنه الماء إما بحبس الماء عنه أو بحبسه عن الماء كأن يقطع العدو الماء عن البلد أو يعجز عن تناول الماء من البئر أو من غيره ولو بفم تيمم وصلى ولا إعادة عليه .
أو إن كان مسافرا ووصل إلى بلد لم يجد فيها الماء أو كان معه ماء يحتاج إلى شربه للعطش أو لشرب رفيقه أو بهائمه أو كان بينه وبين الماء سبع أو عدو يخاف على نفسه أو ماله إن تركه وذهب لجلب الماء ففي كل هذه الحالات جاز له التيمم سواء كان مسافرا أو مقيما وسواء كان السفر قصيرا أو طويلا .
وإن وجد ماء لا يكفي لطهارته إذا كان محدثا حدثا أصغر أو أكبر استعماله فيما يكفي وجوبا وتيمم عن الباقي من أعضائه ولا يصح تيممه قبل استعماله ( كما لو كان بعض بدنه صحيحا وبعضه جريحا فإنه يلزمه غسل الصحيح والتيمم عن الجريح ) لقوله تعالى : ( فلم تجدوا ماء ) وحديث أبي هريرة Bه عن النبي A : ( وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ) ( 2 ) وحديث ( فإذا وجد الماء فليمسه بشرته ) .
وإذا وجد مريد التيمم ترابا قليلا لا يكفيه لتيممه استعمله وصلى ثم يعيد الصلاة إن وجد ما يكفي من ماء أو تراب .
وكذا إن وصل المسافر إلى الماء وقد ضاق الوقت عن طهارته به . أو علم أن نوبة استسقائه منه لا تصل إليه إلا بعد خروج الوقت أو دخول وقت الضرورة عدل [ ص - 109 ] إلى التيمم لأنه غير قادر على استعمال الماء في الوقت فأشبه العادم له . أما غير المسافر فلا يعدل إلى التيمم ولو فاته الوقت لتشاغله بتحصيله أو استسقائه لأن الله تعالى قال : { فلم تجدوا ماء } وهذا واجد له حتى ولو خاف فوات الجنازة أما عند الإمام أحمد Bه فيجوز لأنه لا يمكن استدراكها .
ومن أرق الماء أو مر به وأمكنه الوضوء منه وهو يعلم أنه لا يجد غيره في الوقت ولم يتوضأ أو باعه أو وهبه وقد دخل الوقت ولم يترك منه شيئا يتطهر به فقد حرم عليك ذلك ولم يصح البيع ولا الهبة لتعلق حق الله تعالى به كالأضحية المعينة ثم إن لم يجد غيره تيمم وصلى وليس عليه إعادة لعدم القدرة على الماء .
وإذا اجتمع الحدث الحدث ونجاسة خبث على البدن والثوب وكان معه ماء لا يكفي للجميع فإنه يغسل ثوبه ( لأنه لا يصح التيمم عن نجاسته ) بشرط سبع مرات وإلا فهو كعدمه ثم إن فضل شيء من الماء غسل النجاسة من على بدنه ثم إن فضل شيء تطهر به وإلا تيمم وجوبا أما إذا كانت النجاسة في أعضاء الوضوء فيبدأ بالوضوء لأن ماء الوضوء يرفع الحدث ويزيل الخبث .
_________ .
( 1 ) الترمذي : ج - 1 / الطهارة باب 92 / 124 .
( 2 ) البخاري : ج - 6 / كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة باب 2 / 6858 .
_________ .
ب - الخوف على نفسه من استعمال الماء : .
وأسباب هذا الخوف هي : .
- 1 - المرض : كجروح أو قروح أو حمى فيجوز للمكلف التيمم إذا خاف أن يؤدي استعمال الماء إلى تلف عضو أو زيادة مرض أو تباطؤ شفاء أو حدوث شين فاحش في جسمه والدليل قوله تعالى : ( وإن كنتم جنبا فاطهروا . وإن كنتم مرضى أو على سفر ) ( 1 ) وقوله أيضا : ( ما يريد الله ليجعل عليكم في الدين من حرج ولكن يريد ليطهركم ) ( 2 ) . [ ص 110 ] وإن كان بعض بدنه صحيحا وبعضه جريحا غسل الصحيح وتيمم للجريح جنبا كان أو محدثا حدثا أصغر لما روى جابر Bه قال : ( خرجنا في سفر فأصاب رجلا منا حجر فشجه في رأسه ثم احتلم فسأل أصحابه فقال : هل تجدون لي رخصة في التيمم ؟ فقالوا : ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء فاغتسل فمات . فلما قدمنا على النبي A أخبر بذلك فقال : قتلوه قتلهم الله ألا سألوا إذ لم يعلموا فإنما شفاء العي السؤال إنما كان يكفي أن يتيمم ويعصب على جرحه خرقة ثم يمسح عليها ويغسل سائر جسده ) ( 3 ) . وليس عليه إعادة الصلاة في جميع الأحوال حتى ولو كان الجرح في أعضاء التيمم .
- 2 - شدة البرد : والدليل ما روى عمرو بن العاص Bه قال : ( احتلمت في ليلة باردة في غزوة ذات السلاسل فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك فتيممت ثم صليت بأصحابي الصبح فذكروا ذلك للنبي A فقال : يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب ؟ فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال وقلت : إني سمعت الله يقول : " ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما " ( 4 ) . فضحك رسول الله A ولم يقل شيئا ) ( 5 ) ولأن خاف على نفسه أشبه بالمريض . ولا إعادة عليه إن كان مسافرا أما إن كان في حاضرا ففي لزوم الإعادة روايتان إحداهما : لا تلزمه الإعادة والثانية : تلزمه الإعادة وهي الرواية المعتمدة لأنه ليس بمريض ولا مسافر فلا يدخل في عموم الآية ولأن الحضر مظنه إسخان الماء فالعجز عن التسخين عذر غير متصل وإن قدر على تسخين الماء لزمه كما يلزمه شراء الماء .
ثانيا : طلب الماء : .
يجب على فاقد الماء طلبه بدليل قوله تعالى : ( فلم تجدوا ماء ) ولا يتحقق عدم الوجود إلا بعد الطلب فإن تيمم قبل طلبه لم يصح تيممه ولأنه بدل فلا يجوز العدول إليه قبل طلب المبدل . [ ص 111 ] .
_________ .
( 1 ) و ( 2 ) المائدة : 6 .
( 3 ) أبو داود : ج - 1 / كتاب الطهارة باب 127 / 336 .
( 4 ) النساء : 29 .
( 5 ) أبو داود : ج - 1 / كتاب الطهارة باب 126 / 334 .
_________ .
كيفية الطلب : .
- 1 - أن ينظر يمنة ويسرة وأمامه ووراءه فإن كان بين يديه حائل من ربوة أو حائط علاه ونظر حوله وإن رأى خضرة أو سواها استبرأها .
- 2 - إن كان معه رفيق سأله فإن بدله له لزمه قبوله .
- 3 - إن وجد ماء يباع بثمن المثل أو بزيادة غير مجحفة وهو واجد للثمن غير محتاج إليه لزمه .
شراؤه .
- 4 - إن علم بماء قريب لزمه قصده ما لم يخف على نفسه أو ماله أوفوت رفقة أو فوت الوقت .
فإن تيمم ثم رأى ركبا أوشيئا يدل على الماء كسراب ظنه ماء قبل الدخول بالصلاة لزمه الطلب لأنه وجد دليل الماء وبطل تيممه لأن من شروط التيمم الطلب أما لو وجد الدليل وهو بالصلاة لم تبطل لأنه شرع فيها بطهارة متيقنة فلا يبطلها بالشك وإن علم أو ظن وجود الماء آخر الوقت فيسن له أن ينتظر إلى آخر الوقت المختار لما روى علي بن أبي طالب Bه قال : ( إذا أجنب الرجل السفر نلوم ( 1 ) ما بينه وبين آخر الوقت فإن يجد الماء تيمم وصلى ( 2 ) ) ولأن الطهارة بالماء فريضة والصلاة بأول الوقت فضيلة فانتظار الفريضة أولى . أما إن يئس من وجود الماء استحب له أن يتيمم ويصلي بوقت الفضيلة ومتى صلى صحت صلاته ولا إعادة عليه ولو وجد الماء في الوقت لما روى عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري Bه قال : ( خرج رجلان في سفر فحضرت الصلاة وليس معهما ماء فتيمما صعيدا طيبا فصليا ثم وجدا الماء في الوقت فأعاد أحدهما الصلاة والوضوء ولم يعد الآخر ثم أتيا رسول الله A فذكرا ذلك له فقال الذي لم يعد أصبت السنة وأجزأتك صلاتك وقال للذي توضء وأعاد : لك الأجر مرتين ) ( 3 ) . وإن [ ص 112 ] علم في رحله ماء ونسيه فعليه إعادة لأنها طهارة واجبة فلا تسقط بالنسيان وكذا إن وجد بقربه بئرا أو غديرا علامته ظاهرة أعاد لأنه مفرط في بالطلب وإن كانت علامته خفية لم يعد لعدم تفريطه .
_________ .
( 1 ) أي يتأنى ما بينه وبين آخر الوقت ويلام إذا عجل وصلى .
( 2 ) البيهقي : ج - 1 / ص 233 .
( 3 ) أبو داود : ج - 1 / كتاب الطهارة باب 128 / 338 .
_________ .
ثالثا : دخول الوقت : .
أي دخول وقت الصلاة التي يريد صلاتها من فرض أو نافلة لأنه قبل الوقت مستغن عن التيمم فلا يصح التيمم لصلاة قبل دخول وقتها لأنه بدخول وقتها يبطل تيممه ولا يصح التيمم لنافلة في وقت منهي عن فعلها فيه إلا ركعتي الطواف فيصح التيمم لها في أي وقت .
ويستبيح المكلف بالتيمم لمكتوبة في وقتها أن يصلي ما شاء من الفرائض أداء وقضاء ومن النوافل ما شاء قبلها وبعدها إلى أن يخرج وقتها .
رابعا التيمم بتراب : .
دليله : قوله تعالى : ( فتيمموا صعيدا طيبا ) ( 1 ) قال ابن عباس Bهما الصعيد : هو التراب الحرث والطيب : الطاهر وروى علي بن أبي طالب Bه قال : قال رسول الله A : ( أعطيت ما لم يعط أحد من الأنبياء فقلنا يا رسول الله ما هو ؟ قال : نصرت بالرعب وأعطيت مفاتيح الأرض وسميت أحمد وجعل التراب لي طهورا وجعلت أمت خير الأمم ( 2 ) ) فلو كان غيره طهورا ذكره فيما من الله به عليه . وعن الإمام أحمد Bه يجوز التيمم بالرمل والسبخة ( 3 ) لما روى جابر بن عبد الله أن النبي A قال : ( أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي : نصرت بالرعب مسيرة شهر وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا ) ( 4 ) . [ ص 113 ] .
شروط التراب : .
- 1 - أن يكون التراب مباحا فلا يصح بمغصوب .
- 2 - أن يكون التراب طاهرا .
- 3 - أن يكون له غبار يعلق على اليد لأن ما لا غبار له لا يمسح شيء منه . وإن ضرب بيده على أي شيء طاهر له غبار ( صخرة حائط لباد ) أبيح له التيمم به لأن المقصود التراب الذي يمسح به وجهه ويديه لحديث ابن عمر ( أن النبي A ضرب بيديه على الحائط فمسح بهما وجهه ثم ضرب ضربة أخرى فمسح ذراعيه ) ( 5 ) .
ولا بأس أن يتيمم جماعة موضع واحد كما يتوضؤون من حوض واحد .
- 4 - أن يكون التراب غير محترق فلا يصح التيمم بما دق من الخزف لأنه ليس بتراب .
وإن خالط التراب جص أو دقيق فحكمه حكم الماء إذا خالطته الطاهرات ( أي إذا غلبت الطاهرات على التراب لم يصح وإن غلب التراب على الطاهرات صح التيمم به ) وإن خالطه ما لا يعلق باليد كالرمل والحصى فيصح التيمم به لأنه لا يمنع من وصول الغبار إلى اليد .
_________ .
( 1 ) المائدة : 6 .
( 2 ) مسند الإمام أحمد : ج - 1 / ص 98 .
( 3 ) السبخة : طين جاف لا يزرع لصلابته .
( 4 ) البخاري : ج - 1 / كتاب التيمم رقم 328 .
( 5 ) الدارقطني : ج - 1 / ص 177 .
_________ .
خامسا : النية : .
أي أن ينوي استباحة مالا يباح إلا به فإن نوى استباحة فرض صلاة مكتوبة استباح كل شيء معها لأنه تابع لها وإن نوى استباحة الصلاة أو استباحة نفل يبح له الفرض ويباح له ما دون ذلك بما فيها صلاة الجنازة إن لم تكن متعينة عليه أما إن كانت متعينة عليه كأن لم يوجد أحد يصلي على هذه الجنازة إلا هو فيصبح حكمها فرضا وعندها لا يستطيع صلاتها بنية استباحة الصلاة أو استباحة [ ص 114 ] نفل بل لا بد من ذكر استباحة فرض الصلاة . وإن نوى استباحة تلاوة القرآن لم تبح له الصلاة بكل أنواعها لأنها أعلى من التلاوة . وإن نوى بالتيمم رفع الحدث لم يجزئه لأن التيمم لا يرفع حدثا وعن الإمام أحمد : أنه يرفع حدثا فعندها يكون حكمه حكم الوضوء بنيته . وأما إن نوى بتيممه استباحة شيء يشترط له الطهارة استباحة واستباح مثله وما دونه وترتيب هذه الأشياء كما يلي : فرض عين ( الصلاة المكتوبة وطواف الإفاضة ) فالنذر ففرض الكفاية فنافلة الصلاة والطواف فمس المصحف فالتلاوة فالمكث في المسجد .
سادسا : الإسلام .
سابعا : العقل .
ثامنا : التمييز .
تاسعا : الاستنجاء أو الاستجمار المستوفيان للشروط .
أركان التيمم : .
أولا : تعيين النية لما يتيمم له هل هو الحدث الموجب للغسل أو الوضوء أو من نجاسة فيقول : نويت التيمم لاستباحة فرض الصلاة عن الحدث الأكبر أو الأصغر أو النجاسة فإن نوى التيمم عن الحدث الأصغر ونسي الجنابة لم يجزئه أو نسي الحدث وتيمم . عن الجنابة لم يجزئه والأفضل أن يقول : نويت التيمم لاستباحة فرض الصلاة من الحدث الأكبر والأصغر .
محلها : لا يشترط فيها مقارنة عند وضع يده على ما يتيمم به بل يصح تقدمها عن المسح بزمن يسير .
ثانيا : مسح جميع الوجه بباطن أصابع كفيه بيده واحده أو أصبع ويدخل في الوجه اللحية ولو طالت وكذا الوترة ( 1 ) وما غار من الأجفان وما بين [ ص 115 ] العذار وكذا ما تحت الوتد من البياض الذي بين الأذن والعذر . ولا يتتبع ما غار من بدنه ولا ما تحت شعره ولو خفيفا ولا داخل الأنف والفم .
ثالثا : مسح ظاهر اليدين إلى الكوعين بباطن راحتيه ويجب أن ينزع ما ستر شيئا منها كالخاتم والدليل على ذلك أن الله تعالى إذا علق حكما بمطلق اليدين لم يدخل فيه الذراع كقطع يد السارق في قوله تعالى : { والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما } ( 2 ) . ويصح أن يمر العضو الواجب مسحه على التراب فيمسحه به أو ينصبه للريح أي يعرضه للريح والتراب ثم يمسحه أما إن سفته الريح من غير قصد فلا يجزئ .
ودليل مسح الوجه واليدين إلى الكوعين ما روي عن عمار Bه أنه قال : ( بعثني رسول الله A في حاجة فأجنبت فلم أجد الماء فتمرغت في الصعيد كما تمرغ الدابة ثم أتيت النبي A فذكرت ذلك له فقال : ( إنما كان يكفيك أن تقول بيديك هكذا ثم ضرب بيديه الأرض ضربة واحدة . ثم مسح الشمال على اليمين وظاهر كفيه ووجهه ) ( 3 ) .
رابعا : الترتيب : وهو مسح الوجه أولا ثم اليدين لحدث أصغر لأن التيمم مبني على طهارة الماء وهو فرض في الوضوء دون ما سواه .
خامسا : الموالاة بين مسح الوجه ومسح اليدين إذا كان التيمم عن الوضوء وكذا الموالاة بين التيمم ومتابعة الوضوء في الطهارة الصغرى إذا كان التيمم عن عضو جريح فإذا جعل فاصل بين التيمم ومتابعة الوضوء بطل التيمم .
_________ .
( 1 ) وهي الحاجز بين طاقتي الأنف .
( 2 ) المائدة : 38 .
( 3 ) مسلم : ج - 1 / كتاب الحيض باب 28 / 110 .
_________ .
واجبات التيمم : .
للتيمم واجب واحد هو التسمية ولو كان التيمم عن نجاسة ببدنه وتسقط التسمية بالسهو والجهل ويبطل التيمم بتركها عمدا . [ ص 116 ] .
سنن التيمم : .
- 1 - يسن أن يضرب على التراب ضربتين ضربة للوجه وضربة لليدين .
- 2 - يستحب أن يمسح اليدين إلى المرفقين خروجا من خلاف من أوجبه .
- 3 - أن يغرق الأصابع عند الضرب ليدخل التراب فيما بينها .
- 4 - أن ينفض التراب إن كان كثيرا قبل المسح .
- 5 - أن يمسح إحدى راحتيه بالأخرى وأن يخلل بين الأصابع .
- 6 - أن يأتي بالشهادتين مع ما بعدهما كما في الوضوء . ويجوز أن ييممه غيره كما يجوز أن يوضئه غيره .
كيفية التيمم : .
- 1 - ينوي استباحة ما يتيمم له ( فرض صلاة طواف . . . ) مع تعيين الحدث الذي يتيمم عنه كأن يقول نويت التيمم عن الحدث الأكبر أو الحدث الأصغر أوعن العضو الجريح لاستباحة فرض الصلاة .
- 2 - التسمية .
- 3 - يضرب التراب بيديه مفرجة الأصابع فإذا كان التراب ناعما ووضع يديه وضعاعلى التراب دون ضرب فعلق التراب بيديه أجزأه والأحوط أن تكون ضربتان ضربة لمسح وجهه وضربة لمسح يديه إلى المرفقين بعد نزع الخاتم ونحوه يمسح بالضربة الأولى وجهه وبالثانية يديه فيضع بطون أصابع يده اليسرى على ظهور أصابع يده اليمنى ويمرها على ظهر الكف فإذا بلغ الكوع قبض أطراف أصابعه على حرف الذراع وأمرها إلى مرفقه ثم يدير بطن كفه إلى بطن الذراع ويمرها عليه ويرفع إبهامه فإذا بلغ الكوع أمر الإبهام على ظهر إبهام يده اليمنى ثم يمسح بيده اليمنى يده اليسرى مثل ذلك ويمسح إحدى الراحتين بالأخرى ويخلل بين أصابعهما .
أما إذا كانت ضربة واحدة مسح بباطن أصابع يديه ووجهه وبباطن الكفين ظهر الكفين إلى الكوع . [ ص 117 ] مبطلات التيمم : .
أولا : يبطل التيمم بجميع مبطلات الطهارة التي تيمم عنها لأنه بدل عنها فإن كان تيممه عن الوضوء بطل تيممه بأحد نواقض الوضوء وإن كان تيممه عن غسل بطل تيممه بطروء موجب من موجبات الغسل أما إن كان تيممه عن وضوء وغسل بطل تيممه بناقض من نواقض الوضوء ولم يعد محدثا حدثا أكبر .
ثانيا : القدرة على استعمال الماء سواء وجده أثناء الصلاة أو قبلها لحديث أبي ذر Bه أن رسول الله A قال : ( إن الصعيد الطيب طهور المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين فإذا وجد الماء فليمسه بشرته فإن ذلك خير ) ( 1 ) دل بمفهومه أن الصعيد ليس بطهوره عند وجود الماء ودل بمنطوقه على وجوب استعماله عند وجوده فعلى هذا إن وجده وهو في الصلاة خرج وتوضأ واغتسل إن كان جنبا واستقبل الصلاة كما لو أحدث أثنائها . أما إن وجد الماء أو قدر على استعماله بعد الصلاة فلا إعادة عليه ولو لم يخرج الوقت والطواف كالصلاة .
ثالثا : خروج الوقت يبطل التيمم بكل أنواعه لأنها طهارة عذر وضرورة فتقدرت بالوقت كطهارة المستحاضة فإن خرج الوقت وهو في الصلاة بطل تيممه كما لو أحدث أثناء الصلاة .
رابعا : ذكر بعض السادة الحنابلة أن التيمم يبطل فيما لو خلع خفيه أو عمامته لأنهما من مبطلات الوضوء لكن الأرجح أن لا يبطل لأن التيمم طهارة لم يمسح على الخفين أو العمامة فيها فلا تبطل بخلعها .
_________ .
( 1 ) الترمذي : ج - 1 / الطهارة باب 92 / 124 .
_________ .
فاقد الطهورين : .
إذا عدم المكلف الماء والتراب أو عجز عن استعمالهما لمرض شديد أو حبس في مكان ليس فيه ما يصح به التيمم أو الوضوء فإنه يجب عليه أن يصلي في [ ص 118 ] الوقت بدون وضوء وبدون تيمم لأن الطهارة شرط من شروط صحة الصلاة فتعذرها لا يبيح ترك الصلاة كالسترة واستقبال القبلة ويصلي صلاة حقيقية ولا يعيد تلك الصلاة ( وفي رواية أخرى : تلزمه الإعادة لأن عدم الماء والتراب عذر نادر غير متصل أشبه نسيان الطهارة ) إلا إنه يجب عليه أن يقتصر في صلاته على الفرائض والشروط التي لا تصح الصلاة إلا بها . [ ص 119 ]