أولا : الأعيان الطاهرة : .
- 1 - الإنسان سواء كان حيا أم ميتا بدليل قوله تعالى : ( ولقد كرمنا بني آدم ) ( 1 ) .
- 2 - جميع أجزاء الأرض ومعادنها كالذهب والفضة والنحاس والحديد .
- 3 - جميع أنواع النباتات ولو كانت مخدرة ( كالحشيشة والأفيون وجوزة الطيب ) أو سامة . وهناك قول ثاني أن المسكر منها نجس .
- 4 - الحيوانات التي يؤكل لحمها مهما كان حجمها والحيوانات التي لا يؤكل لحمها إذا كانت بقدر الهرة فما دون في الخلقة كالنمس والنسناس ابن عرس والقنفذ والحية والفأرة والهرة ما لم تكن متولدة من نجاسة .
- 5 - مني الآدمي ( 2 ) إن خرج من طريقه المعتاد دفقا بلذة بعد استكمال تسع سنين للأنثى وعشر سنين للذكر ولو خرج على شكل دم لما روى علقمة بن الأسود ( أن رجلا نزل بعائشة Bه فأصبح يغسل ثوبه فقالت عائشة : [ ص 49 ] إنما كان يجزئك إن رأيته أن تغسل مكانه فإن لم تر نضحت حوله ولقد رأيتني أفركه من ثوب رسول الله A فركا فيصلي فيه ) ( 3 ) . ولأنه بدء خلق الآدمي ( وعن الإمام أحمد أنه نجس ويكفي فرك يابسه ويعفى عن يسيره ) وكذا مني الحيوان الذي يؤكل لحمه طاهر .
- 6 - البلغم : ولو أزرق والصفراء والنخامة سواء خرجت من رأس أو صدر لما روى أبو هريرة Bه أن رسول الله A قال : ( إذا تنخع أحدكم فليتنخع عن يساره . تحت قدمه . فإن لم يجد فليقل هكذا . ووصف القاسم . فتفل في ثوبه ثم مسح بعضه على بعض ) ( 4 ) .
- 7 - البصاق واللعاب والعرق والمخاط والدمع سواء كانت من بني آدم أو من حيوان يؤكل لحمه أو حيوان طاهر لا يؤكل لحمه .
- 8 - مأكول اللحم المذكى ذكاة شرعية .
- 9 - مرارة الحيوان المأكول اللحم بعد تذكيته ذكاة شرعية وكذا جلدة المرارة لأنها جزء من الحيوان المذكى فهي تابعة له في طهارته .
- 10 - بول وروث وقيء ومذي وودي ومني ولبن وبيض ما يؤكل لحمه كلها طاهرة إذا كان علفها طاهرا لحديث جابر بن سمرة Bه أن رجلا سأل رسول الله A : ( أأتوضأ من لحوم الغنم ؟ قال : إن شئت فتوضأ . وإن شئت فلا توضأ . قال : أتوضأ من لحوم الإبل ؟ قال : نعم فتوضأ من لحوم الإبل . قال : أصلي في مرابض الغنم ؟ قال : نعم . . . ) ( 5 ) . وعن أنس Bه ( أن رسول الله A كان يصلي في مرابض الغنم قبل أن يبنى المسجد ) ( 6 ) [ ص 50 ] وعنه أيضا قال : ( قدم أناس من عكل أو عرينة فاجتووا المدينة فأمرهم النبي A بلقاح وأن يشربوا من أبوالها وألبانها فانطلقوا . . ) ( 7 ) .
أما ما كان أكثر علفه نجاسة فلبنه وبوله وبيضه وكذا لحمه نجس ويمكن تطهيره بحبس الحيوان ثلاثة أيام ولا يطعم خلالها إلا طاهرا فبعد ذلك تصبح كل هذه طاهرة .
- 11 - كل مالا تحله الحياة ( شعر صوف وبر ريش ) من حيوان طاهر حي أو ميت فهو طاهر سواء كان منفصلا أم متصلا ولا ينجس بالموت لأنه لا تحله الحياة . قال تعالى : ( ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثا ومتاعا إلى حين ) ( 8 ) فهذا دليل على طهارتها . أما أن كان من ميتة حيوان نجس فهو نجس .
- 12 - ميتة الحيوان البري الذي لا دم سائل له بشرط عدم تولدها من نجاسة كدود الجرح .
- 13 - ميتة الحيوان البحري باستثناء التمساح والضفدع والحية فإنها نجسة .
_________ .
( 1 ) الإسراء : 70 .
( 2 ) هو من الرجل عند الاعتدال مزاجه أبيض غليظ ومن المرأة أصفر رقيق .
( 3 ) مسلم : ج - 1 / كتاب الطهارة باب 32 / 105 .
( 4 ) مسلم : ج - 1 / كتاب المساجد ومواضع باب 13 / 53 .
( 5 ) مسلم : ج - 1 / كتاب الحيض باب 25 / 97 .
( 6 ) مسلم : ج - 1 / كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب 1 / 10 .
( 7 ) البخاري : ج - 1 / كتاب الوضوء باب 66 / 231 .
( 8 ) النحل : 80 .
_________ .
ثانيا : النجاسات : .
تعريف النجاسة أو الخبث : .
النجاسة لغة : كل شيء مستقذر حسيا كان أو معنويا فيقال للآثام وإن كانت معنوية وفعلها نجس . قال تعالى : ( إنما المشركون نجس ) ( 1 ) .
وشرعا : العين المستقذرة .
أقسام النجاسة : للنجاسة قسمان الأول : النجاسة الحكمية : وهي الطائرة على محل طاهر قبل طروها . [ ص 51 ] .
والثاني : النجاسة الحقيقية : وهي عين النجس .
والأعيان النجسة هي : .
- 1 - بول الآدمي : بدليل حديث ابن عباس Bهما قال : ( مر رسول الله A على قبرين . فقال : أما إنهما ليعذبان . وما يعذبان في كبير . أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة . وأما الآخر فكان لا يستتر ( 2 ) من بوله ) ( 3 ) .
- 2 - العذرة : وإن لم تتغير عن حاله الطعام ولو كان الآدمي صغيرا لم يتناول الطعام .
- 3 - الوادي : وهو ماء أبيض ثخين يخرج عقب البول فحكمه حكم البول .
- 4 - المذي : وهو ماء رقيق يخرج من القبل عند الملاعبة لقول رسول الله A لعلي Bه وقد سأله عن المذي : ( إذا رأيت المذي فاغسل ذكرك وتوضأ وضوءك للصلاة ) ( 4 ) فهو أشبه البول . ( وعن الإمام أحمد : أنه كالمني لأنه يخرج بشهوة ) .
- 5 - رطوبة فرج المرأة : وفيها روايتان : إحداهما : أنها نجسة لأنها بلل يخرج من الفرج ولا يخلق منه ولد فأشبه المذي والثاني : أنها طاهرة وهي التي عليها أكثر الأصحاب .
- 6 - القيء والقلس : لأنه طعام استحال بالخوف إلى فساد أشبه بالغائط .
- 7 - الدم بجميع أنواعه لما روت أسماء بنت أبي بكر الصديق Bها قالت : ( سألت رسول الله A عن دم الحيض يكون في الثوب قال : اقرصيه [ ص 52 ] .
واغسليه وصلي فيه ) ( 5 ) ولقوله تعالى : ( حرمت عليكم الميتة والدم ) ( 6 ) . إلا الكبد والطحال فإنهما طاهران وكذا دم السمك والقمل والبرغوث . . . . فكلها طاهرة وما بقي من الدم في لحم المذكاة أو عروقها معفو عنه ولو علت حمرة الدم القدر لأنه لا يمكن التحرز منه فيعفى عنه .
- 8 - العلقة : لأنها دم خارج من الفرج . ( وعن الإمام : أنها طاهرة لأنها بدء خلق الآدمي ) .
- 9 - القيح : وهو دم استحال إلى نتن وفساد وكذا الصديد وهو ماء الجرح الرقيق المختلط بدم وما يسيل من القروح ونحوها .
- 10 - الخمر : لقوله تعالى : ( إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رج من عمل الشيطان فاجتنبوه ) ( 7 ) .
- 11 - النبيذ وكل مسكر مائع سواء كان مأخوذا من عصير العنب أو كان نقيع زبيب أو تمر أو غير ذلك لأن الله تعالى قد سمى الخمر رجسا والرجس في العرف النجس ولقوله A فيما رواه عنه ابن عمر Bهما : ( كل مسكر خمر وكل خمر حرام ) ( 8 ) .
ولأنه شراب فيه شدة مطربة أشبه بالخمر أما الحشيشة المسكرة ففيها قولان : الأول : هي نجسة سواء أميعت أم لا والثاني : هي طاهرة إلا إذا أميعت .
- 12 - بخار النجاسة ودخانها إن اجتمع منهما شيء ولاقى جسما صقيلا فصار ماء فهو نجس أما ما أصاب الإنسان من دخان النجاسة وغبارها فلم يجتمع منه شيء ولا ظهرت صفته فهو معفو عنه لعدم إمكان التحرز منه . [ ص 53 ] .
- 13 - الطيور والبهائم وسائر الحيوانات التي لا يؤكل لحمها والتي هي مما فوق الهرة بالخلقة مثل السبع العقاب الصقر الحدأة البومة وما يأكل منها الجيف كالنسر والرخم والعقعق وغراب بين والفيل والبغل والخنزير والكلب والحمار والسبع والأسد والنمر والذئب والفهد وابن آوى والدب والقرد وما تولد من حيوان مأكول اللحم وحيوان غير مأكول اللحم .
- 14 - فضلة ما لا يؤكل لحمه إذا كان له دم يسيل من بول ورجيع ( الروث والعذرة ) وبيض ولبن ومني ولو كان طاهرا قبل الموت كالفأرة أما ما لا دم له يسيل فإن ميتته طاهرة .
- 15 - ميتتة الحيوان البري إذا كان له دم يسيل سواء كان في حال الحياة طاهرا أم نجسا والدليل قوله تعالى : ( حرمت عليكم الميتة ) ( 9 ) بخلاف ميتة الآدمي وأجزائه وأبعاضه فحكمها حكم جملته لحديث أبي هريرة Bه عن النبي A قال : ( إن المؤمن لا ينجس ) ( 10 ) وبخلاف ميتة الحيوان البحري فإنها طاهرة لحديث أبي هريرة Bه عن النبي A قال : ( هو الطهور ماؤه الحل ميتته ) ( 11 ) كالسمك وسائر حيوانات البحر مما لا يعيش إلا في الماء أما الضفادع والسلاطعين فهي برمائية وعيشتها ليست في البحر فيحرم . أكلها وميتتها نجسة . وأما الجراد وما لا دم سائل له كالعقرب والخنفساء والبق والقمل والبراغيث والعنكبوت والصرصار فكلها طاهرة إذا لم تكن متولدة من نجاسة مثل الكنف لما روى أبو هريرة Bه أن رسول الله A قال : ( إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه كله ثم ليطرحه فإن في أحد جناحيه شفاء وفي الآخر داء ) ( 12 ) .
- 16 - جلود الميتة : ولا تطهر بالدباغة في ظاهر المذهب لقوله تعالى : [ ص 54 ] ( حرمت عليكم الميتة ) ( 14 ) والجلد جزء منها ولحديث عبد الله بن عكيم ( أن رسول الله A كتب إلى جهينة قبل موته بشهر أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب ) ( 15 ) .
- 17 - كل ما يرشح من الكلب والخنزير من لعاب ومخاط وعرق ودمع .
- 18 - كل ما تحله الحياة من أجزاء الميتة : عظمها وقرنها وظفرها وحافرها لأن ما تحله الحياة يحله الموت فينجسه والله تعالى قال : ( حرمت عليكم الميتة ) ودليل الحياة الإحساس والألم .
- 19 - كل ما يخرج من الميتة نحو دم ومخاط ولبن وأنفحة ( وعن الإمام أحمد : الأنفحة طاهرة لأن الصحابة رضوان الله عليهم أكلوا من حين المجوس وهو يصنع من الأنفحة وذبائحهم ميتة ) وبيض الميتة إن لم يصلب قشرة أما إن كان صلب القشرة وهو من حيوان يؤكل لحمه فطاهر وكذا البيض الفاسد وهو ما اختلط صفاره ببياضه مع التعفن فهو طاهر .
- 20 - كل ذبح لا يفيد إباحة اللحم ( يحرم أكله ) يكون مذبوحه نجس كذبح المجوسي والمرتد والذبح المتروك التسمية عليه عمدا وذبح المحرم للصيد وذبح الحيوان غير مأكول اللحم .
_________ .
( 1 ) التوبة : 28 .
( 2 ) أي لا يتجنبه ويتحرز منه .
( 3 ) مسلم : ج - 1 / كتاب الطهارة باب 34 / 111 .
( 4 ) أبو داود : ج - 1 / كتاب الطهارة باب 83 / 206 .
( 5 ) ابن ماجة : ج - 1 / كتاب الطهارة باب 118 / 629 .
( 6 ) المائدة : 3 .
( 7 ) المائدة : 90 .
( 8 ) مسلم : ج - 3 / كتاب الأشربة باب 7 / 75 .
( 9 ) المائدة : 3 .
( 10 ) مسلم : ج - 1 / كتاب الحيض باب 29 .
( 11 ) الترمذي ج - 1 / الطهارة باب 52 / 69 .
( 12 ) البخاري : ج - 5 / كتاب الطب باب 57 / 5445 .
( 13 ) المائدة : 3 .
( 14 ) أبو داود : ج - 4 / كتاب اللباس باب 42 / 4128 .
_________ .
النجاسات المعفو عنها : .
- 1 - أثر النجاسة بعد غسلها كأن يبقى لونها أو ريحها لمشقة إزالته لما روي عن أبي هريرة Bه ( أن خولة بنت يسار أتت النبي A فقالت : يا رسول الله إنه ليس لي ثواب واحد وأنا أحيض فيه فكيف أصنع ؟ قال : إذا طهرت فاغسليه ثم صلي فيه . فقالت : فإن للم يخرج الدم ؟ قال : يكفيك غسل الدم ولا يضرك أثره ) ( 1 ) . [ ص 55 ] .
- 2 - يسير الدم والقيح والصديد في غير المائعات والمطعوم لأنه لا يمكن التحرز منه بشرط أن يكون من حيوان طاهر حال حياته أو من إنسان لا يخلوا من حبة وبئر وقد روي عن جماعة من الصحابة رضوان الله عليهم الصلاة مع الدم ولم يعرف لهم مخالف .
وحد اليسير : ما لا ينقص مثله الوضوء وهو ما يعده الإنسان في نفسه يسيرا فلو أصاب الدم ثوبا في مواضع فإنه يضم بعضه إلى بعض فإن كان المجموع يسيرا غفي عنه وإلا فلا ولو كان مما لا يدرك الطرف كأن تحمله رجل ذبابة فيقع فيها فإنها تنجس .
- 3 - ريق البغل والحمار وعرقهما وسباع البهائم وجوارح الطير وبول الخفاش فيها روايتان : إحداهما : يعفى عن يسيره لمشقة التحرز منه لأنه لا يكاد يسلم مقتني هذه الحيوانات من بللها فعفي عن يسيرها كالدم .
- 4 - المذي : وفيه روايتان إحداهما : يعفى عن يسيره لأن المذي يكثر من الشباب .
- 5 - النبيذ : فيه روايتان إحداهما : يعفى عن يسيره لوقوع الخلاف فيه .
- 6 - النجاسة التي تصيب عين الإنسان ويتضرر بغسلها .
- 7 - يسير طين الشارع إن تحققت نجاسته بما خالطه من النجاسة أما إن ظنت نجاسته فطاهر .
- 8 - يسير سلس البول بعد كمال التحفظ لمشقة التحرز . [ ص 56 ] .
- 9 - أثر الاستجمار بمحله بعد الإنقاء واستيفاء العدد المطلوب في الاستجمار .
- 10 - دخان النجاسة وغبارها ما لم تظهر له صفة .
التطهير من النجاسات : .
أولا : تطهير الأرض المتنجسة ونحوها من الصخور والأحواض الكبيرة أو الصغيرة الداخلة في البناء فإنها تطهر بصب الماء عليها بكثرة ولو من مطر أو سيل حتى تزول عين النجاسة وريحها ولونها وطعمها لما روى أنس Bه ( أن أعرابيا قام إلى ناحية في المسجد . فبال فيها . فصاح به الناس . فقال رسول الله A : دعوه . فلما أفرغ أمر رسول الله A بذنوب ( 1 ) فصب على بوله ) ( 2 ) . ولا تطهر الأرض المتنجسة بالشمس ولا بالريح ولا بالجفاف .
ثانيا : تطهير الآبار : تطهر أرض البئر إن كانت نجسة بنبع الماء فيها .
ثالثا : تطهير الثياب والأواني وما يماثلها من الأشياء : في تطهيرها من النجاسة روايتان : .
الأولى : يجزئ مكاثرتها بالماء حتى تذهب عين النجاسة ولونها وريحها وطعمها من غير عدد ولأن النبي A - فيما روته عن أسماء Bها - قال في دم الحيض : ( اغسليه وصلي فيه ) ( 3 ) ولم يذكر عددا وروى ابن عمر Bهما قال : ( كانت الصلاة خمسين والغسل من الجنابة سبع مرار . والغسل من البول سبع مرار . فلم يزل رسول الله A يسأل حتى جعلت الصلاة خمسا والغسل من الجنابة مرة والغسل من البول مرة ) ( 4 ) . [ ص 57 ] .
والثانية هي القول المعتمد في المذهب . أنه يجب في التطهير عدد معين في الغسلات وهو سبع مرات .
ويشترط في تطهير المتنجس الذي تشرب النجاسة أن يعصره كل مرة خارج الماء أن أمكن عصره وعصر كل شيء بحسبه ويكتفى بعصر الثوب بالقدر الذي لا يفسده وإن كان بساطا ثقيلا فعصره بتقليبه ودقه حتى يذهب أكثر ما فيه من الماء .
أما الأواني تطهير بمرور الماء عليها وانفصالها عنها سبع مرات ( وقيل ثلاث واجتهد المتأخرين يكفي الغسل ثلاثا إذا كانت عين النجاسة مزالة ) .
فإن بقي بعد الغسل المطلوب ( كل مرة مع الفرك والعصر ) لون أو ريح أو بقيا معا فإنه لا يضر ( أي يعتبر طاهرا ) أما إن بقي الطعام فإنه يضر ( أي يبقى نجسا ) إلا أنه يعفى عنه لأن بقاء الطعم دليل على بقاء عين النجاسة لا أثرها .
وإذا خفي موضع النجاسة في ثوب أو بدن غسل كل محل احتمل إصابته بالنجاسة حتى يتيقن غسلها فإن لم يعلم جهتها من البدن أو الثوب غسله جميعا . أما إذا وقعت النجاسة في أرض حرش واسعة أو في صحراء وجهل المكان فإنه لا يجب غسل جميعه ويصلي فيها بلا تحر .
رابعا : التطهير من نجاسة الكلب والخنزير وما تولد منهما : إذا تنجس شيء بملاقاة الكلب غير الأرض يجب غسله سبعا إحداهن بالتراب سواء كان من ولوغه أو غيره لحديث أبي هريرة Bه قال : ( قال النبي A : طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب إن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب " ( 5 ) . وعن الإمام أحمد : يغسله سبع مرات ثم يعفره بواحدة بدليل قوله A فيما رواه ابن المغفل عنه : ( إذا [ ص 58 ] ولغ الكلب في الإناء فاغسلوه سبع مرات وعفروه الثامنة في التراب ) ( 6 ) . والأولى جعل التراب في الأولى للخبر وليكن الماء بعده .
وأما الدليل على نجاسة الخنزير فبالقياس على الكلب لأنه أسوأ حالا منه لنص الشارع على تحريمه وحرمة اقتنائه .
خامسا : التطهير من المذي : هناك روايتان في التطهير منه إحداهما : يجزئ نضحه لما روى سهل بن حنيف Bه قال : ( كنت ألقى من المذي شدة وعناء فكنت أكثر منه الغسل فذكرت ذلك لرسول الله A وسألته عنه فقال : إنما يجزئك من ذلك الوضوء . فقلت يا رسول الله كيف بما يصيب ثوبي منه قال : يكفيك أن تأخذ كفا من ماء فتنضح به ثوبك حيث ترى أنه أصاب منه ) ( 7 ) .
والثانية : يجب غسله لأن النبي A أمر بغسل الذكر منه بقوله : ( إذا رأيت المذي فاغسل ذكرك وتوضأ وضوءك للصلاة ) ( 8 ) ولأنه نجاسة من كبير أشبه بالبول .
سادسا : التطهير من بول الغلام الذي لم يطعم الطعام ومن قيئه : يطهر بالنضح الذي يغمره بالماء وإن لم ينفصل لما روي عن أم قيس بنت محصن Bها ( أنها أتت رسول الله A بابن لها لم يأكل الطعام فوضعته في حجره فبال : فلم يزد على أن نضح بالماء ) ( 9 ) . أما التطهير من بول الجارية فلا يجزئ إلا الغسل لحديث خادم رسول الله A قال : قال رسول الله A : ( يغسل من بول الجارية ويرش من بول الغلام ) ( 10 ) .
سابعا : تطهير محل الاستنجاء إذا استجمر : هناك روايتان : إحداهما يطهر بالاستجمار لما روي عن أبي هريرة Bه قال : ( أن رسول الله A كان [ ص 59 ] يأمر بثلاثة أحجار وينهى عن الروث والرمة ) ( 11 ) فهذا دليل على أن غيرهما يطهر به المحل وسئل الإمام أحمد عن المستجمر يعرق في سراويله فقال : لا بأس به . وأما الثانية : فلا يطهر المحل .
ثامنا تطهير أسفل الخف والحذاء إذا أصابه نجاسة : هناك ثلاث روايات : الأولى : يجزئ دلكه بالأرض لحديث أبي هريرة Bه عن النبي A قال : ( إذا وطئ الأذى بخفيه فطهورهما التراب ) ( 12 ) . والثانية : يجب غسله لأنه ملبوس فلا يجوز فيه المسح كظاهره وهذه الرواية هي المعتمد . أما الثالثة : فيجب غسله من البول والعذرة لفحشها ويجزئ دلكه من غيرهما .
تاسعا : المائعات المتنجسة كالسمن والزيت والعسل لا تقبل التطهير .
عاشرا : الجامدات التي تشربت النجاسة كاللحم إذا طبخ أو سلق بنجاسة لا تقبل التطهير أما البيض المسلوق بنجاسة فإنه يقبل التطهير لصلابة قشرته المانعة من تسرب النجاسة .
_________ .
( 1 ) الذنوب هو الدلو المملوءة ماء .
( 2 ) مسلم : ج - 1 / كتاب الطهارة باب 30 / 99 .
( 3 ) تقدم عند ابن ماجة .
( 4 ) مسند الإمام أحمد ج - 2 / ص 109 .
( 5 ) مسلم : ج - 1 / كتاب الطهارة باب 27 / 91 .
( 6 ) مسلم : ج - 1 / كتاب الطهارة باب 27 / 93 .
( 7 ) الترمذي : ج - 1 / كتاب الطهارة باب 84 / 115 .
( 8 ) تقدم عند أبي داود .
( 9 ) مسلم : ج - 1 / كتاب الطهارة باب 31 / 103 .
( 10 ) النسائي : ج - 1 / ص 158 .
( 11 ) أبو داود : ج - 1 / كتاب الطهارة باب 4 / 8 . والرمة هي العظم المتفتت .
( 12 ) أبو داود : ج - 1 / كتاب الطهارة باب 141 / 386 .
_________ .
الأعيان النجسة المتحولة إلى طاهرة : .
- 1 - الخمرة إن انقلبت خلا بنفسها طهرت لأن نجاستها لشدتها المسكرة وقد زال ذلك ولو كان سبب التخلل نقلها من الظل إلى الشمس أو بالعكس . أما إن خللت عمدا فلا تطهر لما روي ( أن أبا طلحة Bه سأل النبي A عن أيتام ورثوا خمرا قال : أهرقها قال : أفلا أجعلها خلا . قال : لا ) ( 1 ) فلو جاز [ ص 60 ] .
- 2 - المسك المنفصل من الغزال الحي طاهر وكذا جلدته طاهرة لأن أصله دم نجس استحال إلى طاهر .
_________ .
( 1 ) أبو داوود : ج - 1 / كتاب الأشربة باب 3 / 3675 .
_________ .
أشياء لا تطهر النجاسات : .
- 1 - الدباغة : لا تطهر جلود الميتة بالدباغة وإنما إذا دبغت أبيح استعمالها في المواد الجافة لقوله تعالى : ( حرمت عليكم الميتة ) والجلد جزء منها ولحديث أبي داود المتقدم : ( لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب ) . وعن الإمام أحمد : يطهر بالدباغة جلد ما كان طاهرا حال الحياة لما روى ابن عباس Bهما قال : ( تصدق على مولاة لميمونة بشاة فماتت فمر بها رسول الله A فقال : هلا أخذتم إهابها فدبغتموه فانتفعتم به ؟ فقالوا : إنها ميتة . فقال : إنما حرم أكلها ) ( 1 ) . أما ما كان نجسا وهو حي فلا يطهر جلده بالدباغة عن المقدام بن معدي كرب Bه قال : ( نهى رسول الله A عن الحرير والذهب وعن مياثر النمور ) ( 2 ) ولأن أثر الدبغ يكون في إزالة النجاسة الحادثة بالموت فبعد الدبغ يعود كما كان حكمه قبل الموت .
- 2 - الاستحالة : لا تطهر فالدود المتولد من النجاسة وكذا الصرصار المتولد من الكنف كلها نجسة لأن نجاستها لعينها بخلاف الخمرة فإن نجاستها لمعنى فيها زال بالانقلاب إلى خل .
- 3 - النار : لا تطهر النجاسة فلو عرضت نجاسة على النار حتى احترقت وصارت رمادا فالرماد والدخان نجسان .
- 4 - الشمس والريح والجفاف : لا تطهر الأرض ولا الأشياء المتنجسة .
الانتفاع بالنجاسات : لا يجوز الانتفاع بأي مائع نجس كالخمر والدم وكذا لا يحل الانتفاع بالجامدات النجسة كالخنزير والزبل النجس كما لا يحل الانتفاع بالميتة ولا بدهنها . أما دهن الحيوان الحي الطاهر كالسمن الذي سقطت فيه نجاسة فإنه يجوز الانتفاع به في غير الأكل كأن يستضاء به في غير المسجد . [ ص 61 ] .
_________ .
( 1 ) مسلم : ج - 1 / كتاب الحيض باب 27 / 100 .
( 2 ) مسند الإمام أحمد ج - 4 / ص 132 .
_________ .
ملحقات السواك وبعض السنن .
حكمه : .
- 1 - السواك : .
- 1 - سنة مؤكدة : .
- 1 - عند كل صلاة لما روى أبو هريرة Bه عن النبي A قال : ( لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة ) ( 1 ) .
- 2 - عند الانتباه من النوم : لما روى حذيفة Bه قال : ( كان رسول الله A إذا قام من الليل يشوص ( 2 ) فاه بالسواك ) ( 3 ) .
- 3 - عند تغير رائحة الفم إما بأكل ذي ريح أو من خواء المعدة من الطعام .
- 4 - عند الوضوء .
- 5 - عند قراءة القرآن .
- 6 - عند دخول المسجد .
- 7 - عند اصفرار الأسنان .
- 2 - سنة : في كل الأوقات وإذا دخل بيته لما روى شريح بن هانئ قال : ( سألت عائشة Bها قلت : بأي شيء كان يبدأ النبي A إذا دخل بيته ؟ قالت : بالسواك ) ( 4 ) . [ ص 62 ] .
- 3 - مكروه : للصائم بعد الزوال سواء كان السواك بعود رطب أو يابس لأنه يزيل خلوف فم الصائم وهي أطيب عند الله من ريح المسك ولأنه أثر عبادة مستطاب شرعا . أما السواك للصائم فبل الزوال فهو مسنون بعود يابس ومباح بعود رطب .
آلة الاستياك : عود لين ويفضل عود الأراك اتباعا للسنة . فإن استاك بخرقة أو بأصبعه لم يصب السنة . ويكره الاستياك بعود الريحان أو الرمان أو نحو ذلك مما يضر باللثة .
كيفية الاستياك : يندب الاستياك باليد اليسرى وأن يبدأ من جانب فمه الأيمن من ثناياه إلى أضراسه وأن يستاك عرضا بالنسبة للأسنان طولا بالنسبة للثة .
فوائد السواك : مرض لله لحديث عائشة Bها ( أن النبي A قال : السواك مطهرة للفم مرضاة للرب ) ( 5 ) مذكر بالشهادة عند الموت مهضم للطعام مغذ للجائع .
- 2 - السنن الأخرى : .
تقليم الأظافر قص الشارب نتف الإبط حلق العانة لما روى أبو هريرة Bه عن النبي A قال : ( الفطرة خمس - أو خمس من الفطرة - : الختان والاستحداد وتقليم الأظافر ونتف الأبط وقص الشارب ) ( 6 ) .
الختان : وهو واجب عند البلوغ فإن كبر وخاف على نفسه من الختان سقط عنه هذا الواجب والأفضل أن يختن المولود يوم ال ( 21 ) وإلا ترك حتى يشتد عوده . والختان من ملة سيدنا إبراهيم عليه السلام وقد ختن نفسه قال تعالى : ( ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم ) ( 7 ) .
ويسن الاكتحال والتطيب والنظر في المرآة ويقول : اللهم كما أحسنت خلقي فحسن خلقي وحرم وجهي على النار . [ ص 63 ] .
_________ .
( 1 ) مسلم : ج - 1 / كتاب الطهارة باب 15 / 42 .
( 2 ) الشوص : دلك الأسنان عرضا بالسواك .
( 3 ) مسلم : ج - 1 / كتاب الطهارة باب 15 / 46 .
( 4 ) مسلم : ج - 1 / كتاب الطهارة باب 15 / 44 .
( 5 ) البخاري : ج - 2 / كتاب الصوم باب 27 .
( 6 ) مسلم : ج - 1 / كتاب الطهارة باب 16 / 49 .
( 7 ) النحل : 123