مكة وأولى وإذا منع أهلها من النزول إلا بأجرة فانه يعطيهم الأجرة وإن لم يجز لهم أخذها كما يعطي الحجام الأجرة وإن لم يطب له أكلها كذلك نص عليه أحمد في درو مكة وكان سفيان يهرب ولا يعطيهم شيئا وأنكر ذلك أحمد من فعله قال القاضي لأنه لما استأجر منهم فقد عقد عقدا مختلفا فيه فيكره مخالفته وظاهر كلام القاضي أنه لا يجب عليه الوفاء لهم بالأجرة وكلام أحمد يدل على خلافه .
المسئلة الثانية إجارة أرض العنوة وهي نوعان إجارة الدور للسكنى وإجارة المزارع للاستغلال أما إجارة الدور للسكنى فقد ذكر آنفا رواية حنبل عن أحمد لا يعجبني بيع منازل السواد ولا أرضهم وهذه والله أعلم على طريق الكراهة لا التحريم فان أحمد كان له ببغداد دور يكريها ويقتات من كرائها إلى أن مات ووصى عند موته أن يقضي دينه من أجرتها إلا أنه كان يتأول في ذلك أنه مضطر إليه وأماإجارة المزارع للأزدراع فيجوز قال أحمد في رواية الأثرم وأبي داود ومحمد بن حرب إذا استأجر أرضا من أرض السواد ممن هي في يده فجائز ويكون فيها مثلهم .
وأكثر الأصحاب لم يحكوا في جواز ذلك خلافا لأن أرض الخراج مستأجرة في يد متقبلها بالخراج فيجوز له إجارتها كسائر الأرض المستأجرة من الوقف وغيره وفرق القاضي بين إجارة أرض العنوة واجارة بيوت مكة كان أرض العنوة ضرب الخراج عليها إجارة لها وقد فعله من فتحها بخلاف بيوت مكة فإن النبي A نهى عن إجارتها لكن النهي المرفوع عن إجارة بيوت مكة يضعف والصواب وقفه على الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين .
وحكى القاضي وابن عقيل أيضا رواية أخرى بعدم جواز إجارة أرض العنوة مطلقا من غير تفصيل بين المساكن والمزارع وذكر في كتاب