باب صلاة الكسوف .
وهو ذهاب ضوء أحد النيرين أي الشمس والقمر أو ذهاب بعضه أي الضوء سنة مؤكدة لحديث المغيرة بن شعبة [ انكسفت الشمس على عهد رسول الله A يوم مات ابراهيم فقال الناس : انكسفت لموت ابراهيم فقال النبي A : إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله تعالى لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتموهما فادعوا الله وصلوا حتى ينجلي ] متفق عليه حتى يسفر لعموم الخبر بلا خطبة لأنه A أمر بالصلاة دون الخطبة والكسوف والخسوف بمعنى يقال : كسفت الشمس وخسفت بضم أولها وفتحه ووقتها أي صلاة الكسوف من ابتدائه الى التجلي لقوله A [ اذا رأيتم شيئا من ذلك فصلوا حتى ينجلي ] رواه مسلم ولا تقضى صلاة الكسوف إن فاتت بالتجلي لما تقدم ولم ينقل الأمر بها بعد التجلي ولا قضاؤها ولأنها غير راتبة ولا تابعة لفرض فلم تقض كاستسقاء وتحية مسجد وسجود تلاوة و شكر لفوات محلها ولا يشترط لها أي صلاة الكسوف ولا لصلاة استسقاء إذن الإمام كالجمعة والعيدين وأولى وفعلها أي صلاة الكسوف جماعة بمسجد أفضل لقول عائشة [ خرج رسول الله A الى المسجد فقام وكبر وصف الناس وراءه ] متفق عليه و يجوز للصبيان حضورها كغيرهم واستحبها ابن حامد لهم ولعجائز وهي أي صلاة الكسوف ركعتان يقرأ في الركعة الأول جهرا ولو كانت الصلاة في كسوف الشمس لحديث عائشة صلى صلاة الكسوف فجهر بالقراءة فيها صححه الترمذي الفاتحة وسورة طويلة من غير تعيين ثم يركع طويلا فيسبح ثم يرفع رأسه فيسمع أي قائلا سمع الله لمن حمد وبحمد أي يقول إذا اعتدل ربنا ولك الحمد ملء السماء الخ ثم يقرأ الفاتحة أيضا وسورة ويطيل قيامه وهو دون الطول الأول في القيام ثم يركع أيضا فيطيل ركوعه مسبحا وهو دون الركوع الأول ثم يرفع ويسمع ويحمد ولا يطيله كالجلوس بين السجدتين ثم يسجد سجدتين طويلتين ثم يصلي الركعة الثانية ك الركعة الأولى بركوعين طويلين وسجودين طويلين لكن تكون الثانية دونها أي الأولى في كل ما يفعل من القيامين والركوعين والسجودين ثم يتشهد ويسلم لحديث جابر [ كسفت الشمس على عهد رسول الله A في يوم شديد الحر فصلى بأصحابه فأطال القيام حتى جعلوا يخرون ثم ركع فأطال ثم رفع فأطال ثم ركع فأطال ثم رفع فأطال ثم سجد سجدتين ثم قام فصنع نحو ذلك فكانت أربع ركعات وأربع سجدات ] رواه أحمد و مسلم و أبو داود وروى أحمد و البخاري غيرهما مثله عن أسماء بنت أبي بكر وفيه فسجد فأطال السجود ولا تعاد الصلاة إن فرغت قبل التجلى بل يذكر ويدعو لأنه سبب واحد فلا يتعدد مسببه وان تجلى الكسوف فيها أي الصلاة أتمها خفيفة لحديث [ فصلوا وإدعوا حتى ينكشف ما بكم ] متفق عليه من حديث ابن مسعود و إن تجلى قبلها أي الصلاة لم يصل لأنها لا تقضى وتقدم وإن غابت الشمس كاسفة لم يصل أو طلع الفجر والقمر خاسف لم يصل لأنه ذهب وقت الانتفاع بهما وإن غاب القمر خاسفا ليلا صلى لبقاء وقت الانتفاع بنوره ويعمل إذا شك في الكسوف بالأصل في وجوده فلا يصلي له إذا شك في وجوده مع غيم لأن الأصل عدمه و يعمل بالأصل في بقائه فإذا علم الكسوف ثم حصل غيم فشك في التجلي صلى لأن بقاؤه وإن كان ابتدأها أتمها بلا تخفيف و يعمل بالأصل في ذهابه أي الكسوف فإن انكشف الغيم عن بعض النير ولا كسوف به وهو في الصلاة أتمها لأن الأصل عدم ذهابه عن باقيه ولا يجوز العمل فيه ولا في غيره بقول المنجمين ويذكر الله تعالى ويدعوه وقت نهى ولا يصلي لكسوف فيه لعموم أحاديث النهي ويؤيده ما روى قتادة قال انكسفت الشمس بعد العصر ونحن بمكة فقاموا يدعون قياما فسألت عن ذلك عطاء فقال : هكذا كانوا يصنعون رواه الأثرم ويستحب عتق في كسوفها أي الشمس لحديث أسماء بنت أبي بكر Bهما قالت [ لقد أمر الرسول A بالعتاقة في كسوف الشمس ] متفق عليه وإن أتى في كل ركعة من صلاة الكسوف بثلاث ركوعات أو أربع ركوعات أو خمس ركوعات فلا بأس لحديث مسلم عن جابر مرفوعا صلى ست ركعات بأربع سجدات وعن ابن عباس مرفوعا صلى في كسوف قرأ ثم ركع ثم قرأ ثم ركع ثم قرأ ثم ركع ثم قرأ ثم ركع والأخرى مثلها رواه مسلم وغيره وروى أبي داود وغيره عن أبي العالية عن أبي بن كعب انكسفت الشمس على عهد الرسول A وإنه صلى بهم فقرأ سورة من الطوال ثم ركع خمس ركوعات وسجد سجدتين ثم قام الى الثانية فقرأ سورة من الطول ثم ركع خمس ركوعات وسجد سجدتين ثم جلس كما هو مستقبل القبلة يدعو حتى انجلى كسوفها وما بعد الركوع الأول في كل ركعة سنة كتكبيرات العيد لا تدرك به الركعة للمسبوق ولا تبطل الصلاة بتركه لأنه روى من غير وجه عنه A أنه صلى صلاة الكسوف بركوع واحد و لهذا يصح فعلها كنافلة ولا يزاد على خمس ركوعات في كل ركعة لأنه لم ينقل ولا يصلي لآية غيره أي الكسوف كظلمة نهارا وضياء وريح شديدة وصواعق لأنه لم ينقل مع أنه وقع انشقاق القمر وهبوب الرياح ونزول الصواعق وروي عنه A [ أنه كان اذا هبت ريح شديدة اصفر لونه وقال : اللهم اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا ] إلا لزلزلة دائمة فيصلي لها كصلاة الكسوف نصا لفعل ابن عباس رواه سعيد و البيهقي وروى الشافعي عن علي Bه نحوه وقال : لو ثبت هذا الحديث لقلنا به والزلزلة رجفة الأرض واضطرابها وعدم سكونها ومتى اجتمع كسوف وجنازة قدمت جنازة على كسوف لأنها فرض كفاية ويخشى على الميت بالانتظار فتقدم صلاة جنازة على ما يقدم عليه كسوف من الصلوات بالأولى ولو كانت جمعة أمن فوتها ولم يشرع في خطبتها أو كانت عيدا وأمن الفوات أو كانت مكتوبة وأمن الفوت فيقدم الكسوف على ذلك خشية تجليه قبل الصلاة فان خيف فوت الجمعة أو كان شرع في خطبتها أو خيف فوت عيد أو مكتوبة قدمت لتعين الوقت لها اذ السنة لا تعارض فرضا أو كانت الصلاة وترا فيقدم عليه كسوف ولو خيف فوته لأنه يقضي بخلافها وأيضا هي آكد من الوتر وتقدم جنازة على عيد وجمعة أمن فوتهما قلت : ولم يشرع في خطبة الجمعة لأنه يخشى على الميت بالانتظار و تقدم تراويح على كسوف إن تعذر فعلهما في وقتهما لأن التراويح تختص برمضان بخلاف الكسوف فتفوت بفواته وإن وقع كسوف بعرفة صلى صلاة الكسوف بعرفة ثم دفع منها فيتصور الكسوف في كل يوم وليلة من الشهر وقد كسفت الشمس يوم مات ابراهيم ويوم عاشر ربيع الأول ذكره القاضي و الآمدي والفخر في تلخيصه اتفاقا عن أهل السير وذكر أبو شامة في تاريخه : أن القمر خسف في ليلة السادس عشر من جمادي الآخرة سنة أربع وخمسين وستمائة وكسفت الشمس في غده والله على كل شيء قدير