باب صلاة الجمعة .
بضم الميم واسكانها وفتحها ذكره الكرماني سميت بذلك لجمعها الجماعات ولجمع طينة آدم فيها وقيل : غيره والأصل في مشروعيتها : قوله تعالى { إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة } الآية : والسنة بها شهيرة وهى أفضل من الظهر بلا نزع قاله في الأنصاف و هي مستقلة ليست بدلا عن الظهر لجوازها قبل الزوال ولعدم جواز زيادتها على ركعتين فلا تنعقد الجمعة بنية الظهر ممن لا تجب عليه كعبد ومسافر لحديث [ وإنما لكل امرىء ما نوى ] ولا لمن قلدها أى قلده الإمام إمإمة الجمعة أن يؤم في الصلوات الخمس وكذا من قلد الخمس ليس له أن يؤم فيها وأما امامة العيدين والاستسقاء والكسوف فلا يؤم فيها إلا من قلدها إلا إذا ولى إمامة الصلوات فتدخل في عمومها ذكره في الأحكام السلطانية والمراد : لا يستفيد ذلك وإلا فلا يتوقف على إذنه كما يأتي ولا تجمع جمعة الى عصر ولا غيرها حيث أبيح الجمع لعدم وروده و صلاة الجمعة فرض الوقت أي وقتها فلو صلى الظهر أهل بلد يبلغون أربعين مع بقاء وقت الجمعة لم تصح ظهرهم لأنهم صلوا ما لم تخاطبوا به وتركوا ما خوطبوا به كما لوصلوا العصر مكان الظهر وتترك أي تؤخر فجر فائتة وغيرها مثلها لخوف فوت الجمعة لأنه لا يمكن تداركها بخلاف غيرها من الصلوات والظهر بدل عنها أي الجمعة اذا فاتت لأنها لا تقضى وتجب الجمعة وجوب عين على كل مسلم مكلف لما تقدم لا كافر ولو مرتدا ولا صغير ولو مميزا ولا مجنون ذكر حكاه ابن المنذر إجماعا لأن المرأة ليست من أهل حضور مجامع الرجال حر لحديث طارق بن شهاب مرفوعا [ الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة إلا أربعة : عبد مملوك أو امرأة أو صبي أو مريض ] رواه أبو داود وقال : طارق قد رأى النبي A ولم يسمع منه شيئا وإسناده ثقات قاله في المبدع مستوطن بناء معتادا ولو من قصب لا يرتحل عنه صيفا ولا شتاء ولو فراسخ نصا فلا جمعة على أهل خيام وخرك وبيوت شعر لأن العرب كانوا حول المدينة وكانوا لا يصلون الجمعة ولا أمرهم النبي A بها ولأنهم على هيئة المسافرين أو مستوطنين قرية خرابا عزموا على اصلاحها و على الاقامة بها وبلغوا العدد فتلزم الجمعة مستوطنين قبل اصلاحها أشبه ما لوكانوا مستوطنين وانهدمت دورهم وأرادوا إصلاحها أو مستوطن مكانا قريبا من الصحراء وكذا إقامة الجمعة بمكان من الصحراء قريب من البلد لأن المسجد ليس شرطا فيها ولو تفرق بناء البلد بما جرت به العادة وشمله أي البناء اسم واحد لأنه بلد واحد وان تفرق بما لم تجربه العادة لم تصح فيها صححه في المبدع إلا أن يجتمع منها ما يسكنه أربعون فتجب عليهم الجمعة ويتبعهم الباقون وربض البلد وهوما حولها له حكمه ولو كان بينهما فرجة ان بلغوا أي أهل القرية أربعين من أهل وجوبها أو لم يبلغوا أربعين لكن لم يكن بينهم وبين موضعها أي الجمعة من المصر أكثر من فرسخ نصا تقريبا فتلزمهم الجمعة بغيرهم كمن بخيام ونحوها كبيوت شعر ومسافر أقام ما يمنع القصر ولم يستوطن ولا تجب جمعة على مسافر فوق فرسخ لا بنفسه ولا بغيره لأنه A وأصحابه كانوا يسافرون في الحج وغيره فلم يصل أحد منهم الجمعة في السفر مع اجتماع الخلق الكثير إلا في سفر لا قصر معه كسفر معصية وما دون المسافة فتلزمة بغيره أو إلا أن يقيم ما يمنعه أي القصر كفوق أربعة أيام لشغل كتاجر مقيم لبيع متاعه أو يقيم لطلب علم ونحوه كرباط فوق أربعة أيام فتلزمه الجمعة بغيره لعموم الآية والأخبار و لا تجب على عبد و لا على مبعض ومكاتب ومديرمعلق عتقه بصفة قبل وجودها ولا امرأة ولا خنثى مشكل لحديث طارق بن شهاب والخنثى لم تتحقق ذكوريته لكن يستحب له حضورها احتياطا ومن حضرها أي الجمعة منهم أي من مسافر وعبد ومبعض وامرأة وخنثى أجزأته عن الظهر لأن إسقاط الجمعة عنهم تخفيف فإذا صلاها فكالمريض اذا تكلف المشقة ولم تنعقد الجمعة به فلا يحسب من العدد لأنه ليس من أهل وجويها وإنما صحت منه تبعا ولم يجز أن يؤم فيها لئلا يصيرالتابع متبوعا ولا يجوزأن يؤم أيضا من لزمته الجمعة بغيره فيها كمسافر أقام لطلب علم أو تجارة ومن بينهم وبين موضعها أكثر من فرسخ لما تقدم والمريض ونحوه كخائف على نفسه وماله أو أهله ونحوه من له شغل أو عذر يبيح ترك الجمعة إذا حضرها وجبت عليه وانعقدت به وجاز أن يؤم فيها لأن الساقط عنه الحضور للمشقة فإذا تكلفها وحضر تعينت كمريض بالمسجد ولا تصح صلاة الظهر يوم الجمعة ممن يلزمه حضور الجمعة بنفسه أو غيره قبل تجميع الامام أي صلاة الجمعة ولا مع شك فيه أي تجميع الامام لأنها فرض الوقت فقد صل ما لم يخاطب به وترك ما خوطب به أشبه ما لو صل العصر مكان الظهر فيعيدها ظهرا إن تعذر عليه الجمعة وإن ظن أن يدرك الجمعة سعى إليها وإلا انتظر حتى يتيقن فوتها وتصح الظهر من معذور قبل تجميع إمام لأنها فرضه وقد أداه ولو زال عذره قبله أي قبل تجميع الامام كمعضوب حج عنه ثم عوفي إلا الصبي إذا بلغ ولوكان بلوغه بعده أي بعد تجميع الإمام وكان قد صلى الظهرأولا أعادها بل ولوبلغ قبل المغرب أعاد الظهروالعصركما تقدم لأن الأولى كانت نفلا وقد صارت فرضا وحضورها أي الجمة لمعذور تسقط عنه أفضل و حضورها لمن اختلف في وجوبها عليه كعبد أفضل خروجا من الخلاف وندب تصدق بدينار أو نصفه على التخيير لتاركها أي الجمعة بلا عذر للخبر رواه أحمد وغيره وضعفه النووي ورد تصحيح الحاكم له وحرم سفر من تلزمه الجمعة بنفسه أوغيره في يومها بعد الزوال حتى يصلي الجمعة لاستقرارها في ذمته بدخول أول الوقت فلم يجزله تفويتها بالسفر بخلاف غيرها من الصلوات لإمكان فعلها حال السفر إن لم يخف فوت رفقته بسفر مباح فإن خافه سقط عنه وجوبها وجازله السفر وكره السفر قبله أي قبل الزوال لمن هو من أهل وجوبها وخروجا من لخلاف ولم يحرم لقول عمر [ لاتحبس الجمعة عن سفر ] رواه الشافعي في مسنده وكما لوسافرمن الليل ولأنها لاتجب إلا بالزوال وما قبله وقت رخصة إن لم يأت مسافر بها أي الجمعة في طريقه فيهما أي فيما إذا سافر بعد الزوال وقبله فإن أتى بها في طريقه لم يحرم ولم يكره لاداء فرضه