فصل النوع الثاني من نوعي القسمة .
قسمة إجبار وهي ما لا ضرر فيها على أحد من الشركاء ولا رد عوض من واحد على غيره سميت بذلك لإجبار الممتنع منهما إذا كملت شروطه يجبر شريكه أو وليه إن كان الشريك محجورا عليه ولوكان وليه حاكما بطلب الشريك الآخر أو وليه ويقسم حاكم على غائب منهما أي الشريك ووليه لأنها حق عليه فجاز الحكم به كسائر الحقوق بطلب شريك للغائب أو وليه إن كان محجورا عليه قسم مشترك مفعول طلب من مكيل جنس كحبوب ومائع وتمر وزبيب ولوز وفستق وبندق ونحوه مما يكال من الثمار وكذا اشنان ونحوه أو موزونة أي الجنس كذهب وفضة ونحاس ورصاص ونحوه مسته النار كدبس وخل وتمر وسكر أولا كدهن من سمن وزيت ونحوهما ولبن وخل عنب وهن قرية ودار كبيرة ودكان وأرض واسعتين وبساتين ولو لم تتساو أجزاؤهما إذا أمكن قسمهما بالتعديل بأن يجعل شيء معهما ويشترط لإجبار الحاكم على القسمة ثلاثة شروط : ثبوت ملك الشركاء ويأتي التنبيه عليه وثبوت أن لا ضرر فيها وثبوت إمكان تعديل السهام في المقسوم بلا شيء يجعل معها وإلا فلا إجبار لما تقدم وإن اجتمعت أجبر الممتنع لتضمنها إزالة ضرر الشركة وحصول النفع لكل من الشركاء لأن نصيب كل منهم إذا تميزكان له التصرف فيه بحسب اختياره وان يعرس ويبني ويجعل ساقية وما شاء ولا يمكنه ذلك مع الاشتراك ومن دعا شريكه في بستان إلى قسم شجرة فقط أي دون أرضه لم يجبر شريكه عليه لأن الشجر المغروس تابع لأرضه غيرمستقل بنفسه ولهذا لا تثبت فيه شفعة إذ ا بيع بدون أرضه وإن دعا شريكه في بستان إلى قسم أرض أجبر ودخل الشجر في القسمة تبعا للأرض كالأخذ بالشفعة ومن بينهما أرض في بعضها نخل وفي بعضها شجر غيره أي النخل كالمشمش والجوز أو بعضها يشرب سيحا وبعضها يشرب بعلا وطلب أحدهما قسمة كل عين على حدة وطلب الآخر قسمتها أعيانا بالقيمة قدم من طلب قسمة كل عين على حدة إن أمكنت تسوية في جيده ورديئه لأنه أقرب إلى التعديل لأن لكل منهما حقا في الجميع وإلا يمكن التسوية في جيده ورديئه قسمت أعيانا بالقيمة إن أمكن التعديل بالقيمة و إلا يمكن التعديل بها فأبى أحدهما القسمة لم يجبر لعدم إمكان تعديل السهام الذي هو شرطها وهذا النوع أي قسمة الاجبار إفراز حق أحد الشريكين من حق الآخر يقال : فرزت الشيء وأفرزوه إذا عزلته من الفرزة وهي القطعة فكأن الإفراز اقتطاع لحق أحدهما من الاخر وليست بيعا لمخالفتها له في الأحكام والأسباب كسائر العقود ولوكانت بيعا لم تصح بغيررضا الشريك ولووجبت فيها الشفعة ولما لزمت بالقرعة فيصح قسم لحم هدى و لحم أضاحي مع أنه لا يصح بيع شيء منها و لا يصح قسم رطب من شيء ربوي بيابسه كأن يكون بين اثنين قفيزرطب وقفيز تمر أورطل لحم نيء ورطل لحم مشوي لم يجز أن يأخذ أحدهما التمر أو اللحم المشوي والآخر الرطب أو اللحم النيء لوجود الربا المحرم لأن حصة كل منهما من أحدهما تقع بدلا عن حصة شريكه من الآخر فيفوت التساوي المغتبر في بيع الربوي بجنسه و يصح قسم ثمر يخرص من تمر وزبيب وعنب ورطب خرصا و يصح قسم ما يكال من ربوي وغيره وزنا وعكسه أي ما يوزن كيلا ويصح أيضا قسم ما يشترط لبيعه قبضه بالمجلس كذهب وفضة وإن لم يقبض المقسوم من ذلك بالمجلس و يصح قسم مرهون و قسم موقوف ولو كان موقوفا على جهة واحدة في اختيار صاحب الفروع قال عن شيخه الشيخ تقي الدين : صرح الأصحاب بأن الوقف إنما تجوز قسمته إذا كان على جهتين فأما الوقف على جهة واحدة فلا تقسم عينه قسمة لازمة اتفاقا لتعلق حق الطبقة الثانية والثالثة لكن تجوز المهايأة بلا مناقلة ثم قال والظاهر أن ما ذكره شيخنا عن الأصحاب وجه يعني كغيره من الوجوه المحكية قال وظاهر كلامهم أي الأصحاب لا فرق أي بين كون الوقف على جهة أو جهتين قال وهو أظهر وفي المبهج لزومها إذا اقتسم ! وا بأنفسهم انتهى قلت : بل ما ذكره الشيخ تقي الدين أظهر وجزم به في الاقناع والله أعلم وإنما تصح قسمة الوقف إذا كان على جهة أوأكثر بلا رد عوض من أحد الجانبين لأن العوض إنما يرده من يكون نصيبه أرجح في مقابلة الزائد فهو اعتياض عن بعض الوقف كبيعه و يصح قسم ما أي مكان بعضه وقف وبعضه طلق بلا رد من رب الطلق بكسر الطاء وهولغة الحلال وسمى المملوك طلقا لحل جميع التصرفات فيه من بيع هبة ورهن وغيرها بخلاف الوقف فإن كان العوض من رب الطلق لم يجز لأنه يبذله لأخذ ما يقابله من الوقف وبيعه غيرجائز وتصح القسمة إن تراضيا أي الموقوف عليه ورب الطلق يرد من أهل الوقف لأنهم يأخذون بعض الطلق وبيعه جائز ولا يحنث بها أي قسمة الاجبار من حلف لا يبيع لأنها إفراز لا بيع ومتى ظهر فيها أي قسمة الاجبار غبن فاحش بطلت لتبين فساد الافراز ولا شفعة في نوعيها أي قسمة التراضي وقسمة الاجبار لأنها لوثبتت لأحدهما على الآخر لثبتت للآخر عليه فيتنافيان ويتفاسخان بعيب ظهر في نصيب أحدهما ويصح من الشريكين أن يتقاسما بأنفسهما وأن ينصبا قاسما بأنفسهما لأن الحق لا يعدوهما و لهما أن يسألا حاكما نصبه أي لقاسم لأنه أعلم بمن يصلح للقسمة وإذا سألوه وجبت عليه إجابتهم لقطع النزاع ويشترط إسلامه أي القاسم إذا نصبه حاكم و يشترط عدالته ليقبل قوله في القسمة و يشترط معرفته بها أي بالقسمة ليحصل منه المقصود لأن اغير العارف لا يمكنه تعديل السهام لأنه إذا لم يعرف ذلك لم يكن تعيينه للسهام مقبولا كحاكم يجهل مايحكم به لاحريته فتصح من عبد ويكفي قاسم واحد حيث لم يكن في القسمة تقويم لأنه كالحاكم و لا يكفي واحد مع تقويم بل لا بد من اثنين لأنه شهادة بالقيمة فاعتبر النصاب كباقي الشهادات وتباح أجرته أي إعطاؤها وأخذها لأنها عوض عن عمل لا يختص فاعله أن يكون من أهل القربة وتسمى أجرة القاسم القسامة بضم القاف ذكره الخطابي وفي حديث أبي سعيد مرفوعا [ إياكم والقسامة قيل وما القسامة ؟ قال الشيء يكون بين الناس فينتقص منه ] رواه أبو داود قال الخطابي وإنما جاء هذا فيمن ولي أمر قوم وكان عريفا لهم أو نقيبا لهم فإذا قسم بينهم سهامهم أمسك منها شيئا لنفسه يستأثر به عليهم ثم ذكر ما رواه أبوداود بإسناد جيد عن عطاء بن يسارمرسلا نحوه قال فيه الرجل يكون على الفئام من الناس فيأخذ من حظ هذا ومن حظ هذا الفئام الجماعات وهي أي أجرة القسم على الشركاء بقدر الأملاك نصا ولو شرط خلافه فالشرط لاغ ولا ينفرد بعض الشركاء باستئجار قاسم لأن أجرته على الشركاء كلهم على قدرأملاكهم وكقاسم في أخذ أجرة وكونها على قدر الأملاك حافظ ونحوه فتكون أجرة شاهد يخرج لقسم البلاد وأجرة وكيل وأمين للحفظ على مالك وفلاح ذكره الشيخ تقي الدين قال فإذا ما نهم الفلاح بقدرما عليه أو ما يستحقه المضيف حل لهم ومتى لم يثبت ببينة عند حاكم أنه أي ما تراد قسمته لهم أي لمريدي قسمته قسمه بتراضيهم لاقرارهم واليد دليل الملك وإن لم يثبت بها ولا منازع لهم ظاهرا والقضاء عليهم بإقرارهم لا على غيرهم ذكره القاضي وذكر القاضي في كتاب القسمة أنها أي القسمة بمجرد دعواهم ملكه أي المقسوم لئلا يوهم من بعده صدور القسمة بعد ثبوت ملكهم فيؤدي الى ضرر من يدعي في العين حقا فإن لم يتفقوا على طلب القسمة لم يقسمه حتى يثبت أنه ملكهم ولا اجبارقبله لأنه حكم على الممتنع من الشركاء فلا يثبت إلا بما يثبت به الملك لخصمه بخلاف حالة الرضا