باب حكم كتاب القاضي إلى القاضي .
وأجمعوا على جواز المكاتبة لقوله تعالى حكاية عن بلقيس : { إني ألقي إلي كتاب كريم } [ ولأنه A كتب إلى النجاشي وإلى قيصر وإلى كسرى يدعوهم إلى الإسلام وكاتب ولاته وعماله وسعاته ] وأجمعوا على قبول كتاب القاضي إلى القاضي لدعاء الحاجة إليه فإن من له حق في غيربلده لا يمكنه إثباته والطلب به بغيرذلك إذ يتعذر عليه السفر بالشهود وربما كانوا غير معروفين به فيتعذر الإثبات به عند حاكم ويقبل كتاب القاضي إلى القاضى في كل حق لآدمي كبيع وقرض وغصب وإجارة وصلح ووصية بمال ورهن وجناية توجب ما لا لأنه في معنى الشهادة على الشهادة حتى في ما لا يقبل فيه إلا رجلان كقود وطلاق ونحوهما كتسب ونكاح وتوكيل وإيصاء في غيرمال وحد قذف لأنه حق آدمي لا يدرأ بالشبهة و لا يقبل في حد لله تعالى كحد زنا و حد شرب مسكر لأنها مبنية على الستر والدرء بالشبهة ولهذا لا تقبل بالشهادة على الشهادة لأنه في معناها وفي هذه المسألة أي كونه يقبل في غيرحد لله تعالى ذكر الأصحاب أن كتاب القاضي الى القاضي حكمه كالشهادة على الشهادة لأنها شهادة القاضي على شهادة من شهد عنده وذكروا أي الأصحاب فيما إذا تغيرت حاله أي القاضي الكاتب إنه أصل لمن شهد عليه ومن شهد عليه فرع له فلا يسوغ نقفر حكم مكتوب اليه بانكار القاضي الكاتب كتابه ولا يقدح إنكاره في عدالة البينة كانكار شهود الأصل بعد الحكم بل يمنع إنكاره أي القاضي الكاتب لكتابة الحكم من المكتوب اليه إذا أنكره قبل حكم المكتوب اليه كما يمنعه أي الحكم بالشهادة على الشهادة رجوع شهود الأصل قبل الحكم فدل ما ذكره الأصحاب مما تقدم أنه أي القاضي الكاتب فرع لمن شهد عنده وأصل لمن شهد عليه ودل ذلك أيضا أنه يجوز أن يكون شهود فرع أصلا لفرع آخر لدعاء الحاجة اليه ويقبل كتاب القاضي فيما حكم به الكاتب لينفذه المكتوب اليه وإن كانا أي الكاتب والمكتوب اليه ببلد واحد لأن الحكم يجب إمضاؤه بكل حال و لا يقبل فيما ثبت عنده أي الكاتب ليحكم به المكتوب إليه إلا في مسافة قصر فأكثر لأنه تقبل شهادة كالشهادة على الشهادة ولا يقبل إذا سمع الكاتب البينة وجعل تعديلها إلى الآخر المكتوب إليه الا في مسافة قصر فأكثر فيجوز وتقدم أن الثبوت ليس بحكم بل خبر بالثبوت كشهادة الفرع لأن الحكم أمر ونهي يتضمن الزاما قال الشيخ تقي الدين ويجوزنقله الى مسافة قصر فأكثر ولوكان الذى ثبت عنده لا يرى جواز الحكم به لأن الذي ثبت عنده ذلك الشيء بخبربثبوت ذلك عنده قال وللحاكم الذي اتصل به ذلك الثبوت الحكم به إذا كان يرى صحته قال قي الفروع ويتوجه لوأثبت حاكم ما لكي وقفا لا يراه كوقف الانسان على نفسه بالشهادة على الخط فإن حكم للخلاف في العمل بالخط كما هوالمعتاد فلحاكم حنبلي يرى صحة الحكم أن ينفذه في مسافة قريبة فان لم يحكم المالكي بل قال ثبت هكذا فكذلك لأن الثبوت عند المالكي حكم ثم أن رأي الحنبلي الثبوت حكما نفذه وإلا فالخلاف في قرب المسافة وقال وللحاكم الحنبلي الحكم بصحة الوقف المذكور مع بعد المسافة ومع قربها الخلاف وله أي القاضي الكاتب أن يكتب إلى قاض معين و أن يكتب إلى من يصل إليه الكتاب من قضاة المسلمين وحكامهم بلا تعيين ويلزم من وصل إليه قبوله لأنه كتاب حاكم من ولايته وصل إلى حاكم فلزم قبوله كما لو كان إليه بعينه ويشترط لقبوله أي كتاب القاضي والعمل به أن يقرأ الكتاب على عدلين ويعتبر ضبطهما لمعناه وما يتعلق به الحكم منه فقط أي دون ما لا يتعلق به الحكم نصا لعدم الحاجة إليه ثم يقول القاضي للكاتب بعد القراءة عليهما هذا كتابي إلى فلان ابن فلان أو إلى من يصل إليه من القضاة ويدفعه اليهما أي العدلين المقروء عليهما فإذا وصلا بالكتاب إلى عمل المكتوب إليه دفعاه إلى المكتوب إليه وقالا نشهد أنه أي هذا الكتاب كتاب القاضي فلان إليك كتبه بعمله وأشهدنا عليه قال الشيخ تقي الدين وتعيين القاضي الكاتب كتعيين شهود الأصل أي فيشترط والاحتياط ختمه بعد أن يقرأ عليهما صونا لما فيه ولا يشترط الختم لأن الاعتماد على شهادتهما لا على الختم [ وكتب النبي A كتابا إلى قيصرولم يختمه فقيل له إنه لايقرأ كتابا غير مختوم فاتخذ الخاتم واقتصاره أولا على الكتاب دون الختم دليل على أنه ليس بمعتبر وإنما فعله ليقرأ كتابه ] ولا يشترط لقبول الكتاب قولهما أي العدلين وقرىء علينا وأشهدنا عليه اعتمادا على الظاهر ولا قول كاتب اشهدا علي بما فيه كسائر ما يتحمل به الشهادة وإن أشهدهما أي العدلين عليه أي الكتاب مدروجا مختوما لم يصح لأن ما أمكن إثباته بالشهادة لم يجز الاقتصار فيه على الظاهر كاثبات العقود ولأنه الخط يشتبه وكذا الختم فيمكن التزوير عليه وكتابه أي القاضي في غير عمله أو كتابه بعد عزله كخبره بغير عمله أو بعد عزله وتقدم حكمه ويقبل كتابه أي القاضي في حيوان بالصفة اكتفاء بها أي الصفة لأنه يثبت في الذمة بعقد السلم كالدين كمشهود عليه بالصفة فيقبل كتاب القاضي فيه لأنه يبعد مجيء إنسان بصفته فيقول أنا المشهود عليه و لا تكفي الصفة في المشهود له بأن يقولا نشهد لشخص صفته كذا وكذا بكذا لاشتراط تقدم دعواه فإن لم تثبت مشاركته له أي العبد أو الحيوان المشهود فيه بالصفة في صفته بأن زال اللبس لعدم ما يشاركه في صفته أخذه مدعيه المشهود له به بكفيل مختوما عنقه أي العبد أو الحيوان المشهود فيه بالصفة بأن يجعل في عنقه نحوخيط ويختم عليه بنحو شمع فيأتي به القاضي الكاتب لتشهد البينة على عينه لزوال الاشكال وبقضي له به ويكتب له كتابا آخر إلى القاضي الذي سلمه له بكفيل ليبرأ كفيله من الطلب به بعد وإن لم يثبت ما ادعاه بأن قال الشهود أنه ليس المشهود به ف هو في يده كمغصوب لوضع يده عليه بغيرحق ولا يحكم القاضي على مشهود عليه بالصفة بأن قالا نشهد على رجل صفته كذا وكذا أنه اقترض من هذا كذا حتى يسمى وينسب ولا حاجة إلى ذكر الجد ان عرف باسمه واسم أبيه أو حتى تشهد البينة على عينه ليزول اللبس وإذا وصل الكتاب الى القاضي المكتوب إليه وأحضر الخصم المذكور فيه باسمه ونسبه وحليته فقال ما أنا بالمذكور في الكتاب قبل قوله بيمينه لأنه منكر فإن نكل عن اليمين قضى عليه بنكوله وإن أقر بالاسم والنسب أو ثبت اسمه ونسبه ببينة فقال المحكوم عليه غيري لم يقبل منه ذلك إلا ببينة تشهدان بالبلد شخصا آخر كذلك أي يساويه في اسمه ونسبه ولو كان المساوي له في الاسم والنسب ميتا يقع به إشكال فيتوقف الحكم حتى يعلم الخصم منهما فيحضر القاضي المساوي له ان أمكن ويسأله فان اعترف بالحق ألزمه وتخلص الأول وإن أنكر وقف الحكم ويكتب إلى القاضي الكاتب يعلمه بما حصل من اللبس حتى يرسل الشاهدين فيشهدا عنده على أحدهما بعينه فيلزمه الحق لان كان الميت لا يقع به التباس فلا أثر له وإن مات القاضي الكاتب أو عزل لم يضر أي لم يمنع ذلك قبول كتابه والعمل به ك موت بينة أصل فيحكم بشهود الفرع وإن فسق القاضي الكاتب ف فسقه بقدح فيما ثبت عنده ليحكم به المكتوب إليه فلا يحكم به لأن الكاتب أصل وبقاء عدالة الأصل شرط في الحكم بشاهدي الفرع خاصة أي دون ما حكم به الكاتب وكتب به فلا يقدح فسقه فيه فللمكتوب إليه أن يحكم به لأن حكمه لا ينقض بفسقه ويلزم من وصل إليه الكتاب من الحكام العمل به أي الكتاب تغير المكتوب إليه الكتاب بموت أوعزل أو غيرهما أو لا اكتفاء بالبينة بدليل ما لو ضاع الكتاب أو انمحى وشهد الشاهدان بما فيه من حفظهما وقياسه لو حمله الشاهدان إلى غير المكتوب إليه حال حياته وشهدا عنده عمل به لما تقدم فإن كان المكتوب إليه خليفة الكاتب فمات الكاتب أو عزل انعزل المكتوب إليه لأنه نائب عنه فينعزل بموته وعزله كوكلائه ذكره في الشرح ولو شهدا أي حاملا الكتاب عند المكتوب إليه بخلاف ما فيه أي الكتاب قبل ما شهدا به اعتمادا على العلم بما أشهدهما به القاضي الكاتب على نفسه ومتى قدم الخصم المثبت عليه الحق عند الكاتب قبل الحكم عليه بلد الكاتب فله الحكم عليه أي الخصم بالحق بلا إعادة شهادة عليه إذا سأله رب الحق ذلك لسبق الشهادة