فصل فإن عدم ذلك .
أي ما تقدم من النية والسبب والتعيين رجع في اليمين إلى ما يتناوله الاسم لأنه مقتضاه ولا صارف عنه ويقدم عند الإطلاق إذا اختلفت الأسماء شرعي فعرفي فلغوي فإن لم تختلف بأن لم يكن له الا مسمى واحد كسماء وأرض ورجل وإنسان ونحوها انصرف اليمين إلى مسماه بلا خلاف ثم الاسم الشرعي ماله موضوع شرعا وموضوع لغة كالصلاة والزكاة والصوم والحج ونحو ذلك كالعمرة والوضوء والبيع فاليمين المطلقة على فعل شيء من ذلك أو تركه تنصرف إلى الموضوع الشرعي لأنه المبادر للمهم عند الإطلاق ولذلك حمل عليه كلام الشارع حيث لا صارف ويتناول الصحيح منه أي من الموضوع الشرعي بخلاف الفاسد لأنه ممنوع منه شرعا فمن حلف لا ينكح أو حلف لا يبيع أو حلف لا يشتري والشركة شراء والتولية شراء والسلم شراء والصلح على مال شراء فعقد عقدا فاسدا من بيع أو نكاح أوشراء لم يحنث لأن الاسم لا يتناول الفاسد لقوله تعالى : { وأحل الله البيع } وإنما أحل الصحيح منه وكذا النكاح وغيره لا إن حلف لا يحج فحج حجا فاسدا فيحنث وكذا لو حلف لا يعتمر فاعتمر عمرة فاسدة حنث بخلاف سائر العبادات لوجوب المضي في فاسدهما وكونه كالصحيح فيما يحل ويحرم ويلزم من فديه ويحنث من حلف لا يبيع أويشتري ففعل ولوبشرط خيارلأنه بيع صحيح كاللازم ولو قيد حالف يمينه بممتنع الصحة ك من حلف لا يبيع الخمر أو لا يبيع الخمر أوقال لامرأته إن سرقت مني شيئا وبعتنيه فأنت طالق أو قال لها إن طلقت فلانه الأجنبية فأنت طالق ففعلت أي سرقت منه شيئا فباعته إياه أو فعل هو بأن باع الخمر أو الحر أو قال لأجنبية أنت طالق حنث بصورة ذلك لتعذر الصحيح فتنصرف اليمين إلى ما كان على صورته كالحقيقة إذا تعذرت بحمل اللفظ على مجازه وكما لوكانت يمينه ما باع الخمرأو الحر أو طلق الأجنبية ومن حلف لا يحج أو حلف لا يعتمر حنث حالف لا يحج بإحرام به أو أي وحنث حالف لا يعتمر بإحرام بها لأنه يسمى حاجا أو معتمرا بمجرد الإحرام و من حلف لا يصوم حنث بشروع صحيح في الصوم لأنه يسمى صائما بالشروع فيه ولو نفلا بنية من النهارحيث لم يأت بمناف فإذا صام يوما تبينا أنه حنث منذ شرع فلوكان حلفه بطلاق وولدت بعده انقضت عدتها وإن كان حلفه بطلاق بائن وماتت في أثناء ذلك اليوم لم يرثها قلت فإن مات هوأوبطل الصوم فلا حنث لتبين أن لا صوم فإن كان حال حلفه لا يصوم أويحج ونحوه صائما أو حاجا فاستدامه حنث كما يأتي خلافا لما في الاقناع و من حلف لا يصلي حنث بالتكبير أي تكبيرة الاحرام ولو على جنازة لدخولها في عموم الصلاة بخلاف الطلاق و لا يحنث من حلف لا يصوم صوما حتى يصوم يوما أو حلف لا يصلي صلاة حتى يفرغ مما يقع عليه اسمها أي الصلاة وهوركعة لأنه لما قال صوما أو صلاة أعتبر فعل صوم شرعي أو صلاة كذلك وأقلهما ما ذكر ك ما لوحلف ليفعلن كذا وليصومن أو ليصلين فلا يبرأ إلا بصوم يوم أو صلاة ركعة و من حلف ليبيعن كذا فباعه بعرض أو نسيئة بر لأنه بيع و من حلف لا يهب أو حلف لا يهدي أو حلف لا يوصي أو لا يتصدق أو لا يعير حنث بفعله أي إيجابه لذلك لأن هذه الأشياء لا عوض فيها فمسماها الإيجاب فقط وأما القبول فشرط لنقل الملك وليس هومن السبب ويشهد للوصية قوله تعالى : { كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية } الآية فإنه إنما أريد الايجاب دون القبول والهبة ونحوها في معناها بجامع عدم العوض و لا يحنث إن حلف لا يبيع فلانا أو لا يؤجر فلانا أو لا يزوج فلانا حتى يقبل فلان لأنه لا يكون بيعا ولا إجارة ولا تزويجا إلا بعد القبول و من حلف لا يهب زيدا شيئا فاهدى إليه شيئا أو باعه شيئا وحاباه فيه أو وقف عليه أو تصدق عليه صدقة تطوع حنث لأن ذلك كله من أنواع الهبة و لا يحنث إن كانت الصدقة التي تصدق بها عليه واجبة كالزكاة أو كانت من نذر أو كفارة أو ضيفه القدر الواجب من ضيافة فلا حنث لأن ذلك حق الله تعالى فلا يسمى هبة أو أبراه من دين له عليه فلا حنث لأن الهبة تمليك عين وليس له إلا دين في ذمته أو أعاره أو وصى له فلا حنث لأن الإعارة إباحة لا تمليك والوصية تمليك بعد الموت والهبة تمليك في الحياة فهما غيران أو حلف لا يتصدق عليه فوهبه فلا يحنث لأن الصدقة نوع خاص من الهبة ولا يحنث حالف على نوع بفعل نوع آخرولذلك لم يلزم من تحريم الصدقة على النبي A تحريم الهبة والعطية أو حلف لا يتصدق فاطعم عياله لأنه لا يسمى صدقة عرفا واطلاق اسم الصدقة عليه في الخبر باعتبار ترتب الثواب عليه كالصدقة وإن نذر أن يهب له أي فلان شيئا بر بالايجاب للهبة سواء قبل الموهوب له أولا كيمينه أي كما لوحلف ليهبن له فأوجب له الهبة فإنه يبرمطلقا لما تقدم