كتاب الايمان .
واحدها يمين وهي القسم بفتح القاف والسين المهملة والإيلاء والحلف بألفاظ مخصوصة تأتي وأصل اليمين اليد المعروفة سمي بها الحلف لاعطاء الحالف يمينه فيه كالعهد والمعاقدة فاليمين أي الحلف توكيد حكم أي محلوف عليه بذكر معظم اسم مفعول وهو المحلوف به على وجه مخصوص كقوله تعالى : { حم * والكتاب المبين * إنا أنزلناه في ليلة مباركة } وهي أي اليمين وجوابها كشرط وجزاء وهي مشروعة في الجملة إجماعا لقوله تعالى : { ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان } وحديث [ إذا حلفت على يمين ثم رأيت غيرها خيرا منها فائت الذي هوخير وكفر عن يمينك ] متفق عليه والحلف على مستقبل إرادة تحقيق خبر أي حكم يصح أن يخبر عنه فيه أي المستقبل ممكن كقيام وسفروضرب بقول يقصد به الحث على فعل الممكن نحو والله لأقومن أو ليقومن زيد أو الحث على تركه كقوله والله لا أزني أبدا والحلف على شيء ماض أما بر وهو الصادق كوالله لا ضربت زيدا صادقا أو غموس وهو الكاذب ويأتي وجه التسمية أو لغو وهو ما أي حلف لا أجر فيه ولا إثم ولا كفارة فلا يترتب عليه حكم كحلفه ظانا صدق نفسه فيبين بخلافه واليمين الموجبة للكفارة بشرط الحنث هي اليمين التي باسم الله تعالى الذي لا يسمى به غيره ك قوله والله القديم الأزلي والأول الذي ليس قبله شيء والآخر الذي ليس بعد شيء وخالق الخلق ورازق العالمين أو رب العالمين والعالم بكل شيء ومالك يوم الدين ورب السموات والأرضين والرحمن مطلقا لقوله تعالى { قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن } الآية فجعل لفظة الله ولفظة الرحمن سواء في الدعاء فيكونان سواء في الحلف أو اسم الله الذي يسمى به غيره ولم ينو الحالف الغير كالرحيم قال تعالى : { بالمؤمنين رؤوف رحيم } والعظيم قال تعالى : { ولها عرش عظيم } والقادر لقولهم فلان قادر على الكسب والرب قال تعالى { اذكرني عند ربك فأنساه الشيطان ذكر ربه } والمولى لقولهم المولى للمعتق والرازق قال تعالى : { فارزقوهم منه } والخالق قال تعالى : { وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني } ونحوه كالسيد قال تعالى : { وألفيا سيدها لدى الباب } والقوى قال تعالى : { إن خير من استأجرت القوي الأمين } أو اليمين بصفه له تعالى كوجه الله نصا قال تعالى : { ويبقى وجه ربك } وعظمته وكبريائه وجلاله وعزته وعهده وميثاقه وحقه وأمانته وإرادته وقدرته وعلمه ولو نوى مراده أو مقدوره أو معلومه سبحانه وتعالى لأنه بإضافته إليه صار يمينا بذكر اسمه تعالى معه وإن لم يضفها إلى اسمه لم تكن يمينا إلا أن ينوي بها صفته تعالى فتكون يمينا إذا لأن نية الإضافة كوجودها وأما ما لا يعد من أسمائه تعالى كالشيء والموجود أو الذي لا ينصرف إطلاقه إليه تعالى ويحتمله كالحي والواحد والكريم فإن نوى به الله تعالى فهو يمين لنيته بلفظه ما يحتمله كالرحيم والقادر وإلا ينو به الله تعالى فلا يكون يمينا لأن إطلاقه لا ينصرف إليه تعالى ولا نية تصرفه إليه وقوله أي الحالف مبتدأ وأيم الله يمين كقوله وأيمن الله وهمزته همزة وصل عند البصريين وهو بضم الميم والنون مع كسر الهمزة وفتحها وقال الكوفيون هو جمع يمين وهمزته همزة قطع فكانوا يحلفون باليمين فيقولون ويمين الله قاله أبو عبيد وهو مشتق من اليمين بمعنى البركة أو قوله لعمرو الله تعالى يمين خبر كالحلف ببقائه تعالى قال تعالى : { لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون } والعمر بفتح العين وضمها الحياة والمستعمل في القسم المفتوح خاصة واللام للابتداء وهومرفوع بالابتداء وخبره محذوف وجوبا أي قسمي لاها الله مع قطع همزة الله ووصلها ومدها وقصرها فيهما فليس يمينا إلا بنية فيكون قسما لاستعمالها فيه قليلا وأقسمت بالله أو أقسم بالله وشهدت بالله وآليت بالله أو آلى با لله وقسما با لله وحلفا بالله وألية با لله وشهادة بالله وعزيمة بالله يمين نواه بذلك أو أطلق قال فيقسمان بالله وأقسموا بالله فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله ولأنه لوقال بالله لا فعلت بلا قسم ونحوه كان يمينا فإذا ضم إليه ما يؤكده كان أولى وإن نوى بذلك خبرا فيما يحتمله كقوله نويت بأقسمت بالله ونحوه الخبرفي يمين سبق أوبأقسم ونحوه عن يمين سأوقعه فلا يكون يمينا ويقبل منه لاحتماله أو لم يذكر اسم الله تعالى فيها أي الكلمات السابقة وهي أقسمت وما عطف عليها كلها ولم ينو يمينا فلا تكون يمينا لأن أقسمت وأقسم وما بعدهما يحتمل القسم بالله تعالى وبغيره فلم يكن يمينا بغير نية تصرفه للقسم بالله تعالى والحلف بكلام تعالى أو المصحف والقرآن أو سورة منه أو بآية منه يمين لأنه صفة من صفاته تعالى فمن حلف به أوشيء منه كان حالفا بصفته تعالى والمصحف يتضمن القرآن الذي صفته تعالى ولذلك أطلق عليه القرآن في حديث [ لا تسافروا بالقرآن إلى أرض العدو ] وقالت عائشة : ما بين دفتي المصحف كلام الله فيها كفارة واحدة لأنها يمين واحدة والكلام صفة واحدة وكذا الحلف بالتوراة ونحوها من كتب الله كالإنجيل والزبور فهي يمين فيها كفارة لأنا الإطلاق ينصرف للمنزل من عند الله تعالى لا المغير والمبذل ولا تسقط حرمة ذلك بكونه نسخ الحكم بالقرآن كالمنسوخ حكمه من القرآن وذلك لا يخرجه عن كونه كلام الله تعالى انتهى