فصل الشرط الثاني معرفة أجرة .
لأنه عوض في عقد معاوضة فاعتبر علمه كالثمن ولخبر من استأجر أجيرا فليعلمه أجره ويصح أن تكون الأجرة في الذمة وأن تكون معينة فما بذمة من أجرة حكمه كثمن أي كما صح أن يكون ثمنا بذمة صح أن يكون أجرة في الذمة وما من أجرة كمبيع معين فتكفي مشاهدة نحو صبرة وقطيع وإن جهل قدره .
لجريان المنفعة مجرى الأعيان لتعلقها بعين حاضرة بخلاف السلم فإنه متعلق بمعدوم ويصح استئجار دار بسكنى دار أخرى سنة ونحوه للعلم بالعوضين و يصح استئجار داربB خدمة من معين و بB تزوج من معين وكذا استئجار آدمي لخدمة بتزويج امرأة معينة لقصة شعيب وموسى عليهما السلام وحديث إن موسى أجر نفسه ثمان سنين أو عشر سنين على عفة فرجه وطعام بطنه رواه ابن ماجه ولا يصح استئجار دار بعمارتها للجهالة وإن أجرها بأجرة معينة وما تحتاج إليه بنفقة مستأجر بحسابه من الأجرة صح لأن الإصلاح على المالك وقد وكله فيه وإن شرطه خارجا من الأجرة لم يصح وإن دفع عبده إلى نحو خياط ليعلمه بعمل الغلام سنة جاز ذكره المجد و يصح استئجار حلي ذهب أو فضة بأجرة من جنسه للبس أو عارية نصا لأن الأجرة في مقابلة المنفعة لا في مقابلة الجزء الذاهب بالاستعمال بل هو غيرمضمون وإلا لما جاز إجارة أحد النقدين بالآخر لافضائه إلى التفرق قبل القبض و يصح استئجار أجير ومرضعة أم أو غيرها بطعامهما وكسوتهما وإن لم يوصفا وكذا لو استأجرهما بدراهم معلومة وشرط معها طعامهما وكسوتهما لقوله تعالى : { وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف } فأوجب لهن النفقة والكسوة على الرضاع ولم يفرق بين المطلقة وغيرها بل الزوجة تجب نفقتها وكسوتها بالزوجية وإن لم ترضع قال تعالى : { وعلى الوارث مثل ذلك } والوارث ليس بزوج ويستدل للأجير بقصة موسى وبما روي عن أبي هريرة كنت أجيرا لابنة غزوان بطعام بطني وعقبة رحلي أحطب لهم إذا نزلوا وأحدو لهم إذا ركبوا وبأنه روي عن أبي بكر وعمر وأبي موسى أنهم استأجروا الإجراء بطعامهم وكسوتهم ولم يظهرلهم نكير ولأنه عوض منفعة فقام العرف فيه مقام التسمية كنفقة الزوجة وهما أي الأجير والمرضعة في تنازع مع مستأجرهما في صفة طعام أو كسوة أو قدرهما كزوجة فلهما نفقة وكسوة مثلهما لقوله تعالى : { بالمعروف } ومن احتاج منهما إلى دواء لمرض لم يلزم مستأجرا لكن عليه بقدرطعام الصحيح يشتري به للمريض ما يصلح له وإن شرط للأجير إطعام غيره أو كسوته موصوفا جاز للعلم به وهوللأجير إن شاء أطعمه أوتركه وإن لم يكن موصوفالم يجز للجهالة واحتملت فيما إذا اشرطت للأجير نفسه للحاجة إليه وجرى العادة بها وللأجير النفقة وإن استغنى عنها أو عجز عن الأكل لمرض أو غيره لم تسقط وكان له المطالبة بها لأنها عوض فلا تسقط بالغني كالدراهم وعلى المرضعة أن تأكل وتشرب ما يدر به لبنها ويصلح به وللمستأجرمطالبتها بذلك وإن دفعته لخادمتها ونحوها فأرضعته فلا أجر لها لأنها لم توف بالمعقود عليه أشبه ما لو سقته لبن دابة وإن اختلفا فيمن أرضعه فقولها بيمينها لأنها مؤتمنة وليس لمستأجر إطعامهما إلا ما يوافقهما من الأغذية وسن عند فطام لموسر استرضع أمة لولده ونحوه اعتاقها و لموسر استرضع حرة لولده اعطاؤها عبدا أو أمة لحديث أبى داود [ عن هشام بن عروة عن أبيه عن حجاج عن أبيه قال قلت يا رسول الله ما يذهب عني مذمة الرضاع بفتح الذال من الذم قال الغرة العبد أو الأمة ] قال الترمذي حديث حسن صحيح قال الشيخ تقي الدين لعل هذا في المتبرعة بالرضاع والعقد في الرضاع على الحضانة أي خدمة المرتضع وحمله ودهنه ونحوه ووضع الثدي في فمه واللبن تبع كصبغ صباغ وماء بئر بدارلأن اللبن عين فلا يعقد عليه إجارة كلبن غير الآدمي قال في التنقيح والأصح اللبن لأنه المقصود دون الخدمة ولهذا لو أرضعته بلا خدمة استحقت الأجرة ولو خدمته بلا رضاع شيء لها ولأنه تعالى قال : { فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن } فرتب إيتاء الأجرة على الإرضاع فدل أنه المعقود عليه ولأن العقد لوكان على الخدمة لما لزمها سقى لبنها وجواز الأجرة عليه رخصة لأن غيره لا يقوم مقامه ولضرورة حفظ الآدمي وإن أطلقت حضانة بأن استأجرها لحضانته وأطلق لم يشمل الرضاع أو خصص رضاع بالعقد بأن قال استأجرتك لرضاعه لم يشمل الآخر أي الحضانة لئلا يلزمها .
زيادة عما اشترط عليها وإن وقع العقد على رضاع انفسخ بانقطاع اللبن أو وقع العقد على رضاع مع حضانة انفسخ العقد بانقطاع اللبن لفوات المعقود عليه أو المقصود منه وشرط في استئجار لرضاع ثلاثة شروط الأول معرفة مرتضع بمشاهدة لاختلاف الرضاع باختلاف الرضيع كبرا وصغرا ونهمة وقناعة و الثالث معرفة مكانه أي الرضاع لأنه يشق عليها في بيت المستأجر ويسهل في بيتها و لا يصح استئجار دابة بعلفها فقط أو مع نحودراهم معلومة لأنه مجهول ولا عرف له يرجع اليه فإن وصفه من معين كشعير وقدره بمعلوم جاز أو يستأجر من يسلخها أي الدابة بجلدها فلا يصح لأنه لا يعلم أيخرج الجلد صحيحا سليما أم لا ؟ وهل هو ثخين أو رقيق ولأنه لا يجوز ثمنا في البيع فإن سلخه على ذلك فله أجرة مثله أو يرعاها أي الدابة بجزء من نمائها فلا يصح أن يستأجره لرعي غنمه بثلث درها ونسلها وصوفها أو نصفه ونحوه أوجميعه لأنه غير معلوم ولا يصح عوضا في بيع ولا يدري أيوجد أو لا وأما جواز دفع الدابة لمن يعمل عليها بجزء من ربحها فلأنها عين تنمى بالعمل فأشبه المساقاة والمزارعة وأما هنا فالنماء الحاصل في الغنم لا يقف حصوله على عمله فيها فلا يلحق بذلك وإن استأجره لرعيها بجزء معين سن عينها صح ولا يصح استئجاره على طحن كر بضم الكاف مكيل بالعراق قيل أربعون أردبا وقيل ستون قفيزا بقفيز منه أي المطحون لحديث الدارقطني مرفوعا [ أنه نهى عن عسب الفحل وعن قفيز الطحان ] ولأنه جعل له بعض معموله أجرا لعمله فيصير الطحن مستحقاله وعليه ولأن الباقي بعد القفيز مطحونالا يدري كم هو فتكون المنفعة مجهولة وتقدم لو استأجره بجزء مشاع منه كسدسه يصح ومن أعطى صانعا ما صنعه كثوب ليصبعه أو يخيطه أو يقصره أو حديدا ليضربه سيفاونحوه ففعل فله أجرمثله أو استعمل حمالا أو نحوه كحلاق ودلال بلا عقد معه فله أجر مثله على عمله سواء وعده كقوله اعمله وخذ أجرته أو عرض له كقوله أعلم أنك لا تعمل بلا أجرة أولا ولو لم تجر عادته أي الحمال ونحوه بأخذ أجرة لأنه عمل له بإذنه ما لمثله اجرة ولم يتبرع أشبه ما لو وضع يده على ملك غيره بإذنه ولا دليل على تمليكه إياه أو أذنه في إتلافه لأن الأصل في قبض مال غيره أومنفعته الضمان وهذا في المنتصب لذلك وإلا فلا شيء له إلا بعقد أو شرط أو تعريض وكذا ركوب سفينة ودخول حمام فتجب أجرة المثل مطلقا لأن شاهد الحال يقتضيه وما يأخذ حمامي من داخل حمامه فأجرة محل وسطل ومئزر والماء تبع كما تقدم في لبن المرضعة قاله في شرحه ولا تخسر الجهالة للحاجة و من دفع ثوبا لخياط وقال إن خطته اليوم فبدرهم و إن خطته روميا فبدرهم و إن خطته غدا فبنصفه أو إن خطته فارسيا فبنصفه أي نصف درهم لم يصح كما لو قال : أجرتك الدار بدرهم نقدا أو درهمين نسيئة أو استأجرت منك هذا بدرهم أو هذا بدرهمين لعدم الجزم بأحدهما أو دفع أرضه إلى زراع وقال إن زرعتها برا فبخمسة و إن زرعتها ذرة فبعشرة ونحوه كما لو استأجره لحمل كتاب إلى الكوفة وقال إن أوصلته يوم كذا فلك عشرون وإن تأخرت بعد ذلك بيوم فلك عشرة لم يصح وله أجرمثله وكذا لو قال أجرتك الحانوت شهرا إن قعدت فيه خياطا فبخمسة أو حدادا فبعشرة لأنه من قبيل بيعتين في بيعة المنهى عنه وإن أكرى دابة و قال لمستأجرها إن رددتها الدابة اليوم فبخمسة و إن رددتها غدا فبعشرة صح نصا قياسا على ما يأتي أو عينا أي العاقدان زمنا وأجرة كمن استأجردابة عشرة أيام بعشرة دراهم و قالا ما زاد فلكل يوم كذا كدرهم صح نصا ونقل ابن منصور عنه فيمن اكترى دابة من مكة إلى جدة بكذا فإن ذهب إلى عرفات فبكذا فلا بأس لأن لكل عمل عوضامعلومافصح كما لو استقى له كل دلو بتمرة و لا يصح أن يكترى نحو دابة لمدة غزاته لجهل المدة والعمل كما لو استأجر الدابة لمدة سفره في تجارة ولأن مدة الغزاة قد تطول وتقصر والعمل فيها يقل ويكثرفإن تسلم المؤجرة فعليه أجرة المثل فلو عين بالبناء للمجهول لكل يوم شيء معلوم كما لو استأجرها كل يوم بدرهم أو عين لكل شهر شيء معلوم بأن استأجرها كل شهر بدينار صح لأن كل يوم أو شهرمعلوم مدته وأجره فأشبه ما لو قال آجرتكها شهرآكل يوم بكذا أو سنة كل شهر بكذا أو لنقل هذه الصبرة كل قفيز بدرهم ولا بد من تعيين كونها لركوب أو حمل معلوم أو اكتراه يسقى له كل دلو بتمرة صح لحديث [ علي قال جعت مرة جوعا شديدافخرجت أطلب العمل في عوالي المدينة فإذا أنا بامرأة قد جمعت بدارا فظننت أنها تريد بله فقاطعتها كل دلو بتمرة فعددت ستة عشر ذنوبا فعدت لي ستة عشر تمرة فأتيت النبي A فأخبرته فأكل معي منها ] رواه أحمد وروي عنه وعن رجل من الأنصار نحوه رواهما ابن ماجه ولأن الدلومعلوم وعوضه معلوم فجازكما لو سمى دلاء معروفة ولا بد من معرفة الدلو والبئر وما يسقي به لأن العمل يختلف وقوله بدارا بالباء الموحدة والدال المهملة جلد السخلة أو اكتراه على حمله زبرة إلى محل كذا على أنها عشرة أرطال وإن زادت فلكل رطل درهم صح لما تقدم ولك من المتآجرين فيما إذا استأجره كل يوم أو شهر بعوض معلوم الفسخ أول كل يوم إذا قال كل يوم بكذا أو أول كل شهر إذا قال كل شهر بكذا في الحال أي فورا لأن تمهله دليل رضاه بلزوم الإجارة فيه قال المجد في شرحه وكلما دخلا في شهرلزمهما حكم الإجارة فيه فإن فسخ أحدهما عقب الشهر انفسخت الإجارة انتهى وفي المغني و الشرح أن الإجارة تلزم في الشهر الأول وأن الشروع في كل شهرمع ما تقدم من الاتفاق يجري مجرى العقد كالبيع بالمعاطاة فإذا ترك التلبس به فكالفسخ وفي الرعاية الكبرى أو يقول إذا مضى هذاالشهرفقد فسختها انتهى وتقدم يصح تعليق فسخ بشرط