باب الهدي والأضاحي والعقيقة .
الهدي : ما يهدى للحرم من نعم وغيرها لأنه يهدي إلى الله تعالى والأضحية بضم الهمزة وكسرها وتشديدها : واحدة الأضاحي ما يذبح أي يذكى من إبل أو بقر أهلية أو غنم أهلية أيام النحر يوم العيد وتالييه على ما يأتي بسبب العيد لا لنحو بيع تقربا إلى الله تعالى ويقال فيها : ضحية وجمعها ضحايا وأضحاة والجمع أضحى وأجمعوا على مشروعيتها لقوله تعالى : { فصل لربك وانحر } قال جمع من المفسرين : المراد التضحية بعد صلاة العيد وروي أنه A [ ضحى بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده وسمى وكبر ووضع رجله على صفاحهما ] متفق عليه وكان يبعث بالهدي إلى مكة وهو بالمدينة وأهدى في حجة الوداع مائة بدنة ولا تجزىء أضحية من غيرهن أي الابل والبقر والغنم الأهلية والأفضل في هدي وأضحية إبل فبقر فغنم إن أخرج ما أهداه أو ضحى به من بدنة أو بقرة كاملا لحديث أبي هريرة مرفوعا [ من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ومن راح في الساعة الثالثة فكانما قرب كبشا أقرن ] Bالحديث متفق عليه ولأنها أكثر ثمنا ولحما وأنفع للفقراء و الأفضل من كل جنس أسمن فأغلى ثمنا لقوله تعالى : { ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب } قال ابن عباس : تعظيمها : استسمانها واستحسانها ولأنه أعظم لأجرها وأكثر لنفعها فأشهب أي أفضل ألوانها : الأشهب وهو الأملح وهو الأبيض النقي البياض قاله ابن الأعرابي أو ما فيه بياض وسواد و بياضه أكثر من سواده قاله الكسائي لحديث مولاة أبي ورقة بن سعيد مرفوعا : [ دم عفراء أزكى عند الله من دم سوداوين ] رواه أحمد بمعناه وقال أبو هريرة دم بيضاء أحب إلى الله من دم سوداوين ولأنه لون أضحيته A فأصفر فأسود أي كلما كان أحسن لونا كان أفضل و أفضل من ثني معز : جذع ضأن قال أحمد : لا تعجبني الأضحية إلا بالضأن ولأنه أطيب لحما من ثني معز و أفضل من سبع بدنة أو سبع بقرة : شاة جذع ضأن أو ثني معز و أفضل من إحداهما أي البدنة والبقرة سبع شياه لكثرة إراقة الدماء و أفضل من المغالاة تعدد في جنس سأله ابن منصور : بدنتان سمينتان بتسعة وبدنة بعشرة ؟ قال : بدنتان أعجب إلي وذكر كأنثى لعموم { ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام } وقوله : { والبدن جعلناها لكم من شعائر الله } [ وأهدى النبي A جملا كان لأبي جهل في أنفه برة من فضة ] رواه أبوداود و ابن ماجه وقال أحمد : الخصى أحب إلينا من النعجة لأن لحمه أوفر وأطيب ولا يجزىء في هدي واجب ولا أضحية دون جذع ضأن وهو ما له ستة أشهر كوامل لحديث [ يجزىء الجذع من الضأن أضحية ] رواه ابن ماجه والهدي مثلها ويعرف بنوم الصوف على ظهره قاله الخرقي عن أبيه عن أهل البادية و لا يجزىء دون ثني معز وهو ما له سنة كاملة لإنه قبلها لا يلقح بخلاف جذع الضأن فإنه ينزى فيلقح و لا يجزىء دون ثني بقر وهو ما له سنتان كاملتان و لا يجزىء دون ثني إبل وهو ما له خمس سنين كوامل سمى بذلك لأنه ألقي ثنيته وتجزىء الشاة عن واحد و عن أهل بيته وعياله نصا لحديث أبى أيوب [ كان الرجل في عهد الرسول A يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته فيأكلون ويطعمون ] قال في الشرح : حديث صحيح و تجزىء بدنة أو بقرة عن سبعة روي عن علي وابن مسعود وابن عباس وعائشة لحديث جابر [ نحرنا بالحديبية مع النبى A البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة ] رواه مسلم ويعتبر ذبحها أي البدنة أو البقرة عنهم نصا لحديث [ إنما الأعمال بالنيات ] وسواء أرادوا كلهم قربة أو أراد بعضهم قربة وأراد بعضهم لحما أو كان بعضهم مسلما وأراد القربة وبعضهم ذميا ولكل منهم ما نوى لأن الجزء المجزىء لا ينقص أجره بإرادة الشريك غير القربة ولو اختلفت جهات القرب والقسمة فيها : إفراز لا بيع وإن اشترك ثلاثة في بدنة أو بقرة أوجبوها لم يجز أن يشركوا غيرهم فيها وإن ذبحها قوم على أنهم سبعة فبانوا ثمانية ذبحوا شاة وأجزأهم ذلك فإن اشترك اثنان في شاتين على الشيوع جاز وإن اشترى سبع بقرة أو بدنة ذبحت للحم ليضحي به فهو لحم وليس بأضحية نصا ويجزىء فيهما أي الهدي والأضحية جماء لم يخلق لها قرن وبتراء لا أذن لها خلقة أو مقطوعا وصمعاء بصاد وعين مهملتين صغيرة الأذن وخصي ما قطعت خصيتاه أو سلتا ومرضوض الخصيتين لأنه A [ ضحى بكبشين موجوءين ] والوجء رض الخصيتين ولأن الخصاء أذهب عضو غير مستطاب يطيب اللحم بذهابه ويسمن و يجزىء في هدي وأضحية من إبل أو بقر أو غنم ما خلق بغير أذن أو ذهب نصف أليته فما دونه وكذا الحامل في ظاهر كلام أحمد والأصحاب و لا يجزىء فيهما بينة العور بأن انخسفت عينها للخبر ولا يجزىء فيهما قائمة العينين مع ذهاب إبصارهما لأن العمي يمنع مشيها مع رفيقتها ويمنع مشاركتها في العلف وفي النهي عن العوراء التنبيه على العمياء ولا يجزىء فيهما عجفاء لا تنقى وهي الهزيلة التي لا مخ فيها ولا عرجاء لا تطيق مشيا مع صحيحة ولا بينة المرض لحديث البراء بن عازب [ قام فينا الرسول A فقال : أربع لا تجوز في الأضاحى : العوراء البين عورها والمريضة البين مرضها والعرجاء البين ظلعها والعجفاء التي لا تنقى ] رواه أبوداود و النسائي فإذا كان على عينيها بياض ولم تذهب أجزأت لأن عورها ليس بينا ولا ينقص به لحمها ولا تجزىء فيهما جداء وهي الجدباء وهي ما شاب ونشف ضرعها لأنها في معنى العجفاء بل أولى ولا تجزىء فيهما هتماء وهي التي ذهبت ثناياها من أصلها كالتي قبلها ولا عصماء وهي التي انكسر غلاف قرنها قاله في المستوعب و التلخيص ولا يجزىء فيهما خصي مجبوب نصا ولا عضباء وهي ما ذهب اكثر أذنها أو ذهب أكثر قرنها لحديث علي قال : [ نهى النبي A أن يضحى بأعضب الأذن والقرن ] قال قتادة : فذكرت ذلك لسعيد بن المسيب فقال : العضب : النصف فأكثر رواه الخمسة وصححه الترمذي ولأن الأكثر كالكل وتكره معيبتهما أي الأذن والقرن بخرق أو شق أو قطع لنصف منهما فأقل لحديث علي [ أمرنا النبي A أن نستشرد العين والأذن وأن لا نضحي بمقابلة ولا مدابرة ولا خرقاء ولا شرقاء ] قال زهير : قلت لأبي إسحاق وما المقابلة ؟ قال : تقطع في طرف الأذن قلت فما المدابرة ؟ قال : تقطع في مؤخر الأذن قلت : فما الخرقاء ؟ قال : تشق الأذن قلت فما الشرقاء ؟ قال : تشق أذنها للسمة رواه أبو داود وهذا نهي تنزيه فيحصل الأجزاء بهما لأن اشتراط السلامة من ذلك يشق ولا يكاد يوجد سالم من هذا كلة وسن نحر الإبل قائمة معقولة يدها اليسرى بأن يطعنها بنحو حربة في الوهدة وهي بين أصل العنق والصدر لB [ حديث زياد بن جبير قال : رأيت ابن عمر أتى على رجل أناخ بدنة لينحرها فقال : ابعثها قائمة مقيدة سنة محمد A ] متفق عليه وروى أبو داود عن عبد الرحمن بن سابط : [ أن النبي A وأصحابه كانوا ينحرون البدنة معقولة اليسرى قائمة على ما بقي من قوائمها ] ويؤيده [ فإذا وجبت جنوبها ] لكن إن خشى أن تنفر أناخها و سن ذبح بقر وغنم على جنبها الأيسر موجهة إلى القبلة لقوله تعالى : { إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة } ولحديث [ ضحى بكبشين أملحين أقرنين وذبحهما بيده ] ويجوز نحو ما يذبح وذبح ما ينحر ويحل لأنه لا يجاوز محل الذبح ولعموم حديث [ ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكل ] ويسمى وجوبا حين يحرك يده بالفعل أي النحر أو الذبح وتسقط سهوا ويكبر ندبا ويقول : اللهم هذا منك ولك لحديث ابن عمر مرفوعا [ ذبح يوم العيد كبشين ثم قال حين وجههما : وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين بسم الله والله أكبر اللهم هذا منك ولك ] رواه أبوداود ولا بأس بقوله أي عند الذبح اللهم تقبل من فلان لحديث [ تقبل من محمد وآل محمد وأمة محمد ثم ضحى ] رواه مسلم ويذبح أو ينحر واجبا من هدي وأضحية قبل ذبح أو نحر نفل منهما مسارعة لأداء الواجب وسن اسلام ذابح لأنها قربة فينبغي أن لا يليها غير أهلها فإن استناب فيها ذميا أجزأت مع الكراهة وتوليه أي المهدي أو المضحي الذبح بنفسه أفضل نصا للأخبار ويجوز الاستنابة فيه لأنه A [ نحر مما ساقه في حجته ثلاثا وستين بدنة واستناب عليا في نحر الباقي ] ويحضر مهد أو مضح إن وكل لحديث ابن عباس الطويل [ وأحضروها إذا ذبحتم فإنه يغفر لكم عند أول قطرة من دمها ] وتعتبر نيته أي الموكل إذن أي حال التوكيل في الذبح إلا مع التعيين بأن بكون الهدي معينا والأضحية معينة فلا تعتبر النية كما لا تعتبر تسمية المضحي عنه ولا المهدي عنه اكتفاء بالنية ووقت ذبح أضحية ووقت ذبح هدي نذر أو تطوع وهدي متعة وقران : من بعد أسبق صلاة العيد بالبلد الذي تصلي فيه ولو قبل الخطبة أو من بعد قدرها أي الصلاة لمن لم يصل يعني لمن بمحل لا يصلي فيه كأهل البوادي من اصحاب الطنب والخركاوات ونحوهم وأما من بمصر أو قرية تصلي فيه العيد فليس له الذبح قبل الصلاة حتى نزول الشمس إن فاتت الصلاة بالزوال ذبح بعده لحديث [ من ذبح قبل أن يصلي فليس بمضح وليذبح مكانها أخرى ] وحديث من [ صلى صلاتنا ونسك نسكنا فقد أصاب النسك ومن ذبح قبل أن نصلي فليعد مكانها أخرى ] متفق عليه إلى آخر ثاني أيام التشريق قال أحمد : أيام النحر ثلاثة عن غير واحد من أصحاب النبي A وفي رواية قال : عن خمسة من أصحاب النبي A أي عمر وابنه وابن عباس وأبي هريرة وأنس وروي أيضا عن علي و التضحية وذبح هدي في أولها أي أيام الذبح وهو يوم العيد أفضل وأفضله عقب الصلاة والخطبة وذبح الإمام إن كان فما يليه أي يوم العيد أفضل مسارعة للخير ويجزىء ذبح هدي وأضحية في ليلتهما أي اليوم الأول والثاني من أيام التشريق لدخوله في مدة الذبح فجاز فيه كالأيام فإن فات الوقت للذبح قضي الواجب وفعل به كالأداء المذبوح في وقته فلا يسقط الذبح بفوات وقته كما لوذبحها في وقتها ولم يفرقها حتى خرج وسقط التطوع بخروج وقته لأنه سنة فات محلها فلو ذبحه وتصدق به كان لحما تصدق به لا أضحية ووقت ذبح هدي واجب بفعل محظور من حينه أي فعل المحظور كالكفارة بالحنث وإن أراد فعله أي المحظور لعذر يبيحه فله ذبحه أي ما يجب به قبله أي فعل المحظور لوجود سببه كإخراج كفارة عن عين بعد حلف وقبل حنث وكذا ما أي دم وجب لترك واجب في حج أو عمرة فيدخل وقته من تركه