باب آداب دخول مكة وما يتعلق به .
من نحو طواف وسعي يسن دخولها نهارا للخبر قال في رواية ابن هانىء لا بأس به أي ليلا وإنما كرهه من السراق من أعلاها أي مكة من ثنية كداء بفتح الكاف والدال ممدود مهموز مصروف وغير مصروف ذكره في المطالع والثنية : طريق بين جبلين وسن خروج من مكة من أسفلها من ثنية كدى بضم الكاف والتنوين عند ذي طوى بقرب شعب الشافعيين وسن دخول المسجد الحرام من باب بني شيبة لحديث جابر [ أن النبي A دخل مكة ارتفاع الضحى وأناخ راحلته عند باب بني شيبة ثم دخل ] رواه مسلم وغيره ويقول ما ورد فإذا رأى البيت رفع يديه نصا لحديث الشافعي عن ابن جريج [ أن النبي A كان إذا رأى البيت رفع يديه ] وأما إنكار جابر له فقد خالفه ابن عمر وابن عباس وقال بعد رفع يديه : اللهم أنت السلام ومنك السلام حينا ربنا بالسلام روى الشافعي أن ابن عمر كان يقوله والسلام الأول اسمه تعالى والثاني من أكرمته بالسلام ؟ أي التحية والثالث من السلامة من الآفات اللهم زد هذا البيت تعظيما أي تبجيلا وتشريفا أي رفعة وإعلاء وتكريما تفضيلا ومهابة توقيرا وإجلالا و برا بكسر الباء هو اسم جامع للخير وزد من عظمه وشرفه ممن حجه واعتمره تعظيما وتشريفا وتكريما ومهابة وبرا رواه الشافعي بإسناده عن ابن جريج مرفوعا الحمد لله رب العالمين كثيرا كما هو أهله وكما ينبغي لكرم وجهه وعز جلاله والحمد لله الذي بلغني بيته ورآني لذلك أهلا والحمد لله على كل حال اللهم إنك دعوت إلى حج بيتك الحرام سمى به لانتشار حرمته وأريد بتحريمه سائر الحرم وقد جئتك لذلك اللهم تقبل مني واعف عني وأصلح لي شأني كله لا اله إلا أنت ذكره الأثرم و ابراهيم الحربي يرفع بذلك الدعاء صوته لأنه ذكر مشروع أشبه التلبية ثم يطوف متمتع للعمرة و يطوف مفرد للقدوم و يطوف قارن للقدوم وهو الورود فتستحب البداءة بالطواف لداخل المسجد الحرام وهو تحية الكعبة وتحية المسجد الصلاة ويجزىء عنها ركعتا الطواف ل [ حديث جابر حتى إذا أتينا البيت معه استلم الركن فرمل ثلاثا ومشى أربعا ] وعن عائشة [ حين قدم مكة توضأ ثم طاف البيت ] متفق عليه وروى عن أبي بكر وعمر وابنه عثمان وغيرهم Bهم أجمعين ويضطبع استحبابا غير حامل معذور يحمله بردائه في كل أسبوعه نصا بأن يجعل وسط الرداء تحت عاتقه الأيمن وطرفيه على عاتقه الأيسر لما روى أبوداود و ابن ماجه عن يعلى بن أمية [ أن النبي A طاف مضطبعا ] ورويا عن ابن عباس [ أن النبي A وأصحابه اعتمروا من الجعرانة فرملوا بالبيت وجعلوا أرديتهم تحت آباطهم ثم قذفوها على عواتقهم اليسرى ] وإذا فرغ من طوافه أزاله ويبتدئه أي الطواف من الحجر الأسود لفعله A فيحاذيه أي الحجر طائف بكل بدنه ويستقبله بوجهه أو يحاذي بعضه أي الحجر بكل بدنه لأن ما لزم استقباله لزم بجميع البدن كالقبلة ويستلمه أي يمسح الحجر بيده اليمنى والاستلام من السلام وهو التحية وأهل اليمن يسمون الحجر الأسود المحيا لأن الناس يحيونه بالاستلام وروى الترمذي مرفوعا [ أنه نزل من الجنة أشلى بياضا من اللبن فسودته خطايا بني آدم ] وقال : حسن صحيح ويقبله بلا صوت يظهر للقبلة لحديث عمر [ أن النبي A استقبل الحجر ووضع شفتيه عليه يبكي طويلا ثم التفت فإذا هو بعمر بن الخطاب يبكي فقال : يا عمرههنا تسكب العبرات ] رواه ابن ماجه ويسجد عليه فعله ابن عمر وابن عباس فإن شق لنحو زحام استلامه وتقبيله لم يزاحم واستلمه بيده وقبلها روى عن ابن عمر وجابر وأبي هريرة وأبي سعيد وابن عباس لما روى ابن عباس [ أن النبي A استلمه وقبل يده ] رواه مسلم فإن شق استلامه بيده ف إنه يستلمه بشيء ويقبله أي ما استلمه به روى عن ابن عباس موقوفا فإن شق عليه استلامه أيضا بشيء أشار إليه أي الحجر بيده اليمنى أو بشيء لحديث البخاري عن ابن عباس قال : [ طاف النبي A على بعير فلما أتى الحجر أشار إليه بشيء في يده وكبر ] ولا يقبله أي ما أشار به إليه واستقبله أي الحجر إذا شرع في الطواف بوجهه وقال : بسم الله والله أكبر اللهم إيمانا بك وتصديقا بكتابك ووفاء بعهدك واتباعا لسنة نبيك A يقوله كلما استلمه لحديث عبد الله بن السائب [ أن النبي A كان يقول ذلك عند استلامه ] ثم يجعل البيت عن يساره لأنه A طاف كذلك وقال : [ خذوا عني مناسككم ] وليقرب جانبه الأيسر للبيت فأول ركن يمر به يسمى الشامي وهو جهة الشام ثم الغربي وهو جهة المغرب ثم اليماني جهة اليمن ويرمل طائف ماشيا غير حامل معذور و غير نساء و غير محرم من مكة أو قربها فيسرع المشي ويقارب الخطى جمع خطوة في ثلاثة أشواط ثم بعدها يمشي أربعة أشواط بلا رمل لحديث عائشة وتقدم ورواه أيضا عنه جابر وابن عباس وابن عمر بأحاديث متفق عليها قال ابن عباس : [ رمل النبي A في عمره كلها وفي حجه وأبو بكر وعمر وعثمان والخلفاء من بعده ] رواه أحمد ويكون الرمل من الحجر إلى الحجر لحديث ابن عمر وجابر ولا يقضي فيها أي الأربعة أشواط رمل فات من الثلاثة قبلها لأنه هيئة فات موضعها فسقط كالجهر في الركعتين الأولتين من مغرب وعشاء ولئلا يفوته هيئة المشي فيها وإن تركه في شيء من الثلاثة أتى به فيما بقي منها و من لم يتمكن من الرمل مع الدنو من البيت للزحام وأمكنه الرمل إن طاف في حاشية الناس ف الرمل في حاشية الناس أولى له من الدنو من البيت لأن المحافظة على فضيلة تتعلق بذات العبادة أهم من فضيلة تتعلق بمكانها والتأخير أي تأخير الطواف لزوال الزحام له أي الرمل أو للدنو من البيت أي حتى يقدر عليهما أولى من تقديم الطواف مع فوات أحدهما لياتي به على الوجه الأكمل وكلما حاذى طائف الحجر الأسود والركن اليماني استلمهما ندبا لحديث ابن عمر [ كان رسول الله A لا يدع أن يستلم الركن اليماني والحجر في طوافه ] قال نافع : وكان ابن عمر يفعله رواه أبوداود لكن لا يقبل الا الحجر الأسود أو أشار إليهما أي الحجر والركن اليماني إن شق استلامهما و لا يسن إستلام الركن الشامي وهو أول ركن يمر به ولا استلام الركن الغربي وهو ما يليه أي الشامي نصا لقول ابن عمر : [ أن رسول الله A كان لا يستلم الا الحجر الأسود والركن اليماني وقال : ما أراه يستلم الركنين اللذين يليان الحجر إلا لأن البيت لم يتم على قواعد إبراهيم ولا طاف الناس من وراء الحجر إلا لذلك ] وأيضا فقد أنكر ابن عباس على معاوية استلامهما وقال : { لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة } فقال معاوية صدقت ويقول طائف كلما حاذى الحجر الأسود الله أكبر فقط ل [ حديث ابن عباس أطاف النبي A على بعير كلما أتى الركن أشار بيده وكبر ] و يقول بين الركن اليماني وبينه أي الحجر الأسود ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار لحديث أحمد في المناسك عن عبد الله بن السائب أنه سمع النبي A يقوله وعن أبي هريرة مرفوعا [ وكل به - يعني الركن اليماني - سبعون ألف ملك فمن قال : اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار قالوا : آمين ] ويقول في بقية طوافه : اللهم اجعله حجا مبرورا وسعيا مشكورا وذنبا مغفورا رب اغفر وارحم واهدني السبيل الأقوم وتجاوز عما تعلم وأنت الأعز الأكرم وكان عبد الرحمن بن عوف يقول : رب قني شح نفسي وعن عروة كان أصحاب رسول الله A يقولون : لا إله إلا أنت وأنت تحيي بعدما أمت ويدعو ويذكر بما أحب ويصلي على النبي A ويدع الحديث إلا ذكرا أو قراءة أو أمرا بمعروف أو نهيا عن منكر وما لا بد منه لحديث [ الطواف بالبيت صلاة فمن تكلم فلا يتكلم إلا بخير ] وتسن القراءة فيه أي الطواف نصا لأنها أفضل الذكر لا الجهر بها قاله الشيخ تقي الدين وقال أيضا : جنس القراءة أفضل من الطواف ولا يسن رمل ولا اضطباع في غير هذا الطواف لأنه A وأصحابه إنما رملوا واضطبعوا فيه حتى لو تركهما فيه لم يقضهما فيما بعده لأنه هيئة عبادة لا تقضى في عبادة أخرى ومن طاف راكبا أو محمولا لم يجزه طوافه كذلك إلا إن كان ركوبه أو حمله لعذر لحديث [ الطواف بالبيت صلاة ] ولأنه عبادة تتعلق بالبيت فلم يجز فعلها راكبا أو محمولا لغير عذر كالصلاة وإنما طاف النبي A راكبا لعذر فإن ابن عباس روى [ أن النبي A كثرعليه الناس يقولون : هذا محمد هذا محمد حتى خرج العواتق من البيوت وكان النبي A لا تضرب الناس بين يديه فلما كثروا عليه ركب ] رواه مسلم ولا يجزىء الطواف عن حامله أي المعذور لأن القصد هنا الفعل وهو واحد فلا يقع على اثنين ووقوعه عن المحمول أولى لأنه لم ينوه إلا لنفسه بخلاف الحامل إلا إن نوى حامل الطواف وحده أي دون المحمول أو نويا أي الحامل والمحمول جميعا الطواف عنه أي الحامل فيجزىء عنه لخلوص النية منهما للحامل و حكم سعي راكبا كطواف راكبا نصا فلا يجزيه الا لعذر وإن طاف على سطح المسجد توجه الإجزاء كصلاته إليها أو قصد في طوافه غريما وقصد معه طوافا بنية حقيقية أي مقارنة للطواف لا حكمية توجه الإجزاء في قياس قولهم : ويتوجه احتمال كعاطس قصد بحمده قراءة قاله في الفروع والنية الحكمية : أن ينويه قبل ويستمر حكمها وهو معنى استصحاب حكمها ذكره ابن قندس ويجزىء طواف في المسجد من وراء حائل نحو قبة و لا يجزىء طوافه خارجه أى المسجد لأنه لم يرد به الشرع ولا يحنث به من حلف لا يطوف بالبيت أو منكسا أي لوجعل البيت عن يمينه وطاف لم يجزئه لأنه A جعله عن يساره في طوافه وقال : [ خذوا عني مناسككم ] ونحوه كما لو طاف القهقرى فلا يجزئه لما تقدم أو طاف على جدار الحجر بكسر الحاء فلا يجزئه لقوله تعالى : { وليطوفوا بالبيت العتيق } والحجر منه لحديث عاثشة مرفوعا [ هومن البيت ] رواه مسلم أو طاف على شاذروان الكعبة بفتح الذال المعجمة : وهوما فضل عن جدارها أي عرضا فلا يجزئه لأنه من البيت : فإذا لم يطف به لم يطف بكل البيت وإن مس الجدار بيده في موازاة الشاذروان صح طوافه أو طاف طوافا ناقصا ولو نقصا يسيرا فلا يجزئه لما تقدم وقد طاف النبي A من وراء الحجر والشاذروان : من الحجر الأسود إلى الحجر الأسود أو طاف بلا نية لم يجزئه لحديث [ إنما الأعمال بالنيات ] وكالصلاة أو طاف عريانا لحديث أبي هريرة [ أن أبا بكر Bه بعثه في الحجة التي أمر أبا بكرعليها رسول الله A قبل حجة الوداع يوم النحر يؤذن : لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان ] متفق عليه أو طاف محدثا أكبر أو أصغر أو طاف نجسا لحديث [ الطواف بالبيت صلاة إلا أنكم تتكلمون فيه ] ولقوله A لعائشة حين حاضت [ افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت ] ويلزم الناس انتظار حائض فقط إن أمكن ويسن فعل سائر المناسك على طهارة و ان طاف محرم فيما لا يحل لمحرم لبسه كذكر في مخيط أو مطيب يصح طوافه لعود النهي لخارج ويفدى لفعل المحظور ويبتدىء الطواف لحدث فيه تعمده او سبقه بعد أن يتطهر كالصلاة ويبتدئه لقطع طويل عرفا لأن الموالاة شرط فيه كالصلاة ولأنه A والى طوافه وقال [ خذوا عني مناسككم ] وإن كان قطعه يسيرا أو أقيمت صلاة وهو في الطواف أو حضرت جنازة وهو فيه صلى وبنى على ما سبق من طوافه لحديث [ إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة ] ولأن الجنازة تفوت بالتشاغل ويبتدىء الشوط من الحجر الأسود فلا يعتد ببعض شوط قطع فيه قاله أحمد وكذا السعي وعلم مما سبق : أنه يشترط لطواف : عقل ونية وستر عورة وطهارة من حدث لغير طفل لا يميز وطهارة من خبث واكمال السبع وجعل البيت فيه عن يساره وكونه ماشيا مع قدرة والموالاة بينه وابتداؤه من الحجر الأسود بحيث يحاذيه وكونه في المسجدن وخارج البيت جميعه فإذا تم طوافه تنفل بركعتين والأفضل كونهما خلف المقام أي مقام إبراهيم لحديث جابر في صفة حجه A وفيه [ ثم تقدم إلى مقام إبراهيم فقرأ : واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى فجعل المقام بينه وبين البيت فصلى ركعتين ] الحديث رواه مسلم ولا يشرع تقبيله ولا مسحه فسائر المقامات أولى وكذا صخرة بيت المقدس ويقرأ فيهما بقل يا أيها الكافررن و سورة الاخلاص بعد الفاتحة للخبر وتجزىء مكتوبة عنهما أي عن ركعتي الطواف كركعتي الاحرام وتحية المسجد و يسن عوده بعد الصلاة إلى الحجر الأسود فيستلمه نصا لفعله A ذكره جابر في صفة حجه A و يسن الإكثار من الطواف كل وقت ليلا ونهارا وتقدم أنه نص أن الطواف لغريب أفضل من الصلاة بالمسجد الحرام وله أي الطائف جمع أسابيع بركعتين لكل اسبوع من تلك الأسابيع فعلته عائشة والمسور بن مخرمة وكونه A لم يفعله لا يوجب كراهة لأنه لم يطف أسبوعين ولا ثلاثة وذلك غير مكروه بالاتفاق ولا تعتبر الموالاة بين الطواف والركعتين لأن عمر صلاهما بذي طوى وأخرت أم سلمة الركعتين حين طافت راكبة بأمر النبي A والأولى أن يركع لكل اسبوع ركعتين عقبه و للطائف تأخير سعيه عن طوافه بطواف غيره فلا تجب الموالاة بينهما ولا بأس أن يطوف أول النهار ويسعى آخره وإن فرغ متمتع من عمرته وحجه ثم علم أحد طوافيه للعمرة والحج كان بلا طهارة وجهله فلم يدر أهو طواف عمرته أوحجه لزمه الأشد أي الأحوط منهما لتبرأ ذمته بيقين وهو أي الأشد جعله أي الطواف بلا طهارة للعمرة فلا يحل منها بحلق لفرض فساد طوافه فكأنه حلق قبل طواف عمرته وعليه به أي الحلق دم لأنه محظور في إحرامه ويصير قارنا بإدخال الحج على العمرة ويجزئه الطواف للحج أي طواف الافاضة عن النسكين أي الحج والعمرة كالقارن ابتداء قلت : الاحتياط : إعادة الطواف لاحتمال أنه الذي بلا طهارة فلا يسقط فرضه إلا بيقين ويعيد السعي لوقوعه بعد طواف غير معتد به لتقدير كونه بلا طهارة وإن جعل الطواف بلا طهارة من الحج أي قدر أنه طواف الافاضة فيلزمه طوافه أي الحج وسعيه فيعيد طواف الإفاضة ثم يسعى و يلزمه دم التمتع بشروطه وذكرت في الحاشية ما في كلامه في شرحه وإن كان وطىء المتمتع بعد حله من عمرته ثم علم أحد طوافيه بلا طهارة وفرضناه طواف العمرة لم يصحا أي الحج ولا العمرة لأنه أدخل حجا على عمرة فاسدة لوطئه فيها فلم يصح ويلغو ما فعله للحج وتحلل بطوافه الذي نواه بحجه من عمرته الفاسدة ولزمه دمان دم لحلقه قبل إتمام عمرته ودم لوطئه في عمرته ولوجعل من الحج لزمه طوافه سعيه ودم فقط