فصل من أبيح له أخذ شيء من زكاة أو كفارة أو نذر أو غيرها .
كصدقة التطوع أبيح له سؤاله نصا لظاهر حديث [ للسائل حق وإن جاء على فرس ] ولأنه يطلب حقه الذي جعل له وعلم منه : أنه يحرم سؤال ما لا يباح أخذه وقال أحمد : أكره المسألة كلها ولم يرخص فيه إلا أنه بين الولد والأب أيسر ولا بأس بمسألة شرب الماء نصا واحتج بفعله A وقال في العطشان يستقي : يكون أحمق ولا بأس بفعله بالاستعارة والافتراض نصا وكذا نحو شسع النعل وإعطاء السؤال جمع سائل مع صدقهم فرض كفاية لحديث [ لو صدق ما أفلح من رده ] احتج به أحمد وأجاب بأن السائل اذا قال : آنا جائع وظهر صدقه وجب اطعامه وان سألوا مطلقا لغير معين لم يجب اعطاؤهم ولو أقسموا لأن ابرار القسم انما هو اذا أقسم على معين وان جهل حال السائل فالأصل عدم الوجوب واطعام جائع ونحوه : فرض كفاية ويجب قبول مال طيب أتى بلا مسألة ولا استشراف نفس نقل الأثرم : عليه ان يأخذه لقوله A خذه وعن أحمد أيضا انه رد وقال : دعنا نكون أعزاء ويأتي في الهبة : يكره ردها وإن قلت : فإن كان المال محرما أو فيه شبهة رده وكذا إن استشرفت نفسه إليه بان قال : سيبعث لي فلان بكذا ونحوه ومن أعطى شيئا ليفرقه فحسن أحمد عدم الأخذ في رواية والأولى العمل بما فيه المصلحة ومن سأل واجبا كمن طلب شيئا من زكاة مدعيا كتابة أي أنه مكاتب أو مدعيا غرما أي أنه غارم أو مدعيا انه ابن سبيل أو مدعيا فقرأ وعرف بغنى قبل لم يقبل قوله إلا ببينة لأن الأصل عدم ما ادعاه وإذا ثبت أنه ابن سبيل صدق في ارادة السفر كا تقدم بلا يمين ويقبل قوله انه غارم جزم به الموفق في الاقناع وقال : ويكفي اشتهار الغرم لاصلاح ذات البين وهي أي البينة في المسألة الأخيرة أي اذا ادعى فقرا من عرف بغني ثلاثة رجال لحديث [ ان المسألة لا تحل لأحد إلا لثلاثة : رجل أصابته فاقة حتى يشهد ثلاثة من ذوي الحجى من قومه : لقد أصابت فلانا فاقة فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش أو سدادا من عيش ] رواه مسلم وان صدق مكاتبا سيده قبل وأعطى أو صدق غارما غريمه أنه مدينه قبل وأعطى من الزكاة لأن الظاهر صدقة ويقلد من ادعى من فقراء أو مساكين عيالا فيعطي لهم بلا بينة أو ادعى فقرا ولم يعرف بغنى لأن الأصل عدم المال فلا يكلف بينة به وكذا يقلد جلد بفتح الجيم وسكون اللام أي صحيح ادعى عدم مكسب ويعطي من زكاة بعد إعلامه أي الجلد وجوبا أنه لاحظ فيها أي الزكاة لغني ولا قوي مكتسب لحديث أبي داود في الرجلين اللذين سألاه وفيه [ أتينا النبي A فسألناه من الصدقة فصعد فينا النظر فرآنا جلدين فقال : ان شئتما أعطيتكما ولاحظ فيها لغنى ولا قوي مكتسب ] ويحرم أخذ صدقة بدعوى غني فقراء ولو من صدقة تطوع لقوله A : [ ومن يأخذه بغيرحقه كان كالذي ياكل ولا يشبع ويكون عليه شهيدا يوم القيامة ] متفق عليه وسن تعميم الاصناف أي أهل الزكاة الثمانية بلا تفضيل بينهم ان وجدت الأصناف حيث وجب الاخراج وإلا عمم من أمكن خروجا من الخلاف وليحصل الاجزاء بيقين وهذا قول أبي الخطاب ومن تابعه وتقدم أول الباب : ما ظاهره خلاف ذلك وقد يتكلف الجمع بينهما و سن تفرقتها أي الزكاة في أقاربه الذين لا تلزمه مؤنتهم كذوي رحمه ومن لا يرثه من نحو أخ وعم على قدر حاجتهم فيزيد ذا الحاجة بقدر حاجته لحديث [ صدقتك على ذي القرابة صدقة وصلة ] رواه الترمذي و النسائي ويبدأ باقرب فأقرب ومن فيه من أهل الزكاة سببان كفقير غارم أو ابن سبيل أخذ بهما أي السببين فيعطى بفقره كفايته مع عائلته سنة وبغرمه ما يفي به دينه ولا يجوز أن يعطي بأحدهما أي السببين لا بعينه لاختلاف أحكامهما في الاستقرار وعدمه وإن أعطى بهما أي السببين وعين لكل سبب قدر معلوم فذاك وإلا يعين لكل سبب قدر كان ما أعطيه بينهما أي السببين نصفين وتظهر فائدته إن وجد ما يوجب الرد ويجزىء اقتصار في إيتاء زكاة على انسان وهو قول عمر وحذيفة وابن عباس رضي الله تعالى عنهم ولو غريمه أي المزكي أو مكاتبة ما لم تكن حيلة لقوله تعالى : { وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم } ولحديث معاذ حين بعثه إلى اليمن فلم يذكر في الآية والحديث إلا صنف واحد ولأنه لا يجب تعميم كل صنف بها فجاز الاقتصار على واحد كالوصية لجماعة لا يمكن حصرهم والأية سيقت لبيان من يجوز الدفع اليه لا لإيجاب الصرف للجميع بدليل انه لا يجب تعميم كل صنف بها ولما فيها من الحرج والمشقة وجاز دفعها لغريمه لأنه من جملة الغارمين فإن ردها عليه من دينه بلا شرط جاز له أخذها لأن الغريم ملك ما أخذه بالأخذ أشبه ما لو وفاه من مال آخر لكن ان قصد بالدفع إحياء ماله واستيفاء دينه لم يجز لأنها لله تعالى فلا يصرفها الى نفعه وكذا القول في مكاتب ومن أعتق عبدا لتجارة قيمته نصاب بعد الحول قبل إخراج ما فيه من زكاة فله أي سيده دفعه أي ما فيه من زكاة إليه أي العتيق وكذا فطرة عبد أعتقه بعد وجوبها عليه ولوكان سيده فقيرا ما لم يقم به مانع من غنى ونحوه لأنه صار من أهل الزكاة أشبه ما لو أعطاه من غير ما وجب فيه