الدماء الطاهرة المختلف فيها والمتفق عليها .
الثالثة : في الدماء الطاهرة المختلف فيها والمتفق عليها منها : دم عروق المأكول طاهر على الصحيح من المذهب ولو ظهرت حمرته نص عليه وهو الصحيح من المذهب وهو من المفردات لأن العروق لا تنفك عنه فيسقط حكمه لأنه ضرورة وظاهر كلام القاضي في الخلاف : نجاسته قال ابن الجوزي : المحرم هو الدم المسفوك ثم قال القاضي : فأما الدم الذي يبقى في خلل اللحم بعد الذبح وما يبقى في العروق وقال الشيخ تقي الدين فيه : لا أعلم خلافا في العفو عنه وأنه لا ينجس المرق بل يؤكل معها انتهى .
قلت : وممن قال بطهارة بقية الدم الذي في اللحم غير دم العروق وإن ظهرت حمرته : المجد في شرحه و الناظم و ابن عبيدان وصاحب الفائق و الرعايتين ونهاية ابن رزين ونظمها وغيرهم .
ومنها : دم السمك وهو طاهر على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب ويؤكل وقيل : نجس .
ومنها : دم البق والقمل والبراغيث والذباب ونحوها وهو طاهر على الصحيح من المذهب وقدمه في الفروع و الفائق و ابن رزين وغيرهم قال المصنف و الشارح وغيرهما : هذا ظاهر المذهب وصححه في تصحيح المحرر وقال قال بعض شرح المحرر : صححه ابن عقيل وجزم به في الانتصار في موضع وحكاه عن الأصحاب ورجحه المجد وعنه نجس وأطلقهما في المحرر و الكافي و الحاويين و الرعايتين و ابن تميم و المستوعب و الهداية و مجمع البحرين و المذهب و ابن عبيدان .
ومنها : دم الشهيد وهو طاهر مطلقا على الصحيح صححه ابن تميم وقدمه في الرعاية وقيل : نجس وعليهما يستحب بقاؤه فيعايي بها ذكره ابن عقيل في المنثور وقيل : طاهر ما دام عليه قدمه المجد في شرحه و ابن عبيدان وجزم به في مجمع البحرين ولعله المذهب وأطلقهن في الفروع .
ومنها : الكبد والطحال وهما دمان ولا خلاف في طهارتهما .
ومنها : المسك واختلف مم هو ؟ فالصحيح : أنه سرة الغزال وقيل : هو من دابة في البحر لها أنياب قال في التلخيص : فيكون مما يؤكل وقال ابن عقيل في الفنون : هو دم الغزلان وهو طاهر وفأرته أيضا طاهرة على الصحيح وقال الأزجي : فأرته نجسة قال في الفروع : ويحتمل نجاسة المسك لأنه جزء من حيوان لكنه ينفل بطبعه .
ومنها : العلقة التي يخلق منها الآدمي أو حيوان طاهر وهي طاهرة على أحد الوجهين صححه في التصحيح وابن تميم وقدمه ابن رزين في شرحه والصحيح من المذهب : أنها نجسة لأنها دم خارج من الفرج قال في المغني : والصحيح نجاستها وقدمه في الكافي و الشرح قال في مجمع البحرين : نجسة في أظهر الروايتين وأطلقهما في الفروع و ابن عبيدان و الرعايتين و الحاويين و المذهب وحكاهما ابن عقيل روايتين قال في الرعاية الكبرى : قلت والمضغة كالعلقة ومثلها البيضة إذا صارت دما فهي طاهرة على الصحيح قاله ابن تميم وقيل : نجسة قال المجد : حكمها حكم العلقة وأطلقهما في الفروع وذكر أبو المعالي وصاحب التلخيص : نجاسة بيض ند واقتصر عليه في الفروع .
تنبيه : أفادنا المصنف C : أن القيح والصديد والمدة نجس وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب وقطع به كثير منهم وعنه طهارة ذلك اختاره الشيخ تقي الدين فقال : لا يجب غسل الثوب والجسد من المدة والقيح والصديد ولم يقم دليل على نجاسته انتهى .
وأما ماء القروح : فقال في الفروع : هو نجس في ظاهر قوله وقدمه في الرعاية الكبرى و ابن تميم واختاره المجد وذكر جماعة : إن تغير بنجس وإلا فلا .
قلت منهم صاحب مجمع البحرين وهو أقرب إلى الطهارة من القيح والصديد والمدة وأما ما يسيل من الفم وقت النوم : فظاهر في ظاهر كلامهم قاله في الفروع .
تنبيه : مراده بقوله وأثر الاستنجاء أثر الاستجمار يعنى أنه يعفى من يسيره وهو صحيح وهو المذهب وعليه جمهور الأصحاب وقطع به كثير منهم .
وقيل : لا يعفى عن يسيره ذكره ابن رزين في شرحه وقال : لو قعد في ماء يسير نجسه أو عرق فهو نجس لأن المسح لا يزيل النجاسة بالكلية .
تنبيه : أفادنا المصنف : أنه نجس وهو صحيح وهو المذهب وعليه الجمهور قال ابن عبيدان : اختاره أكثر أصحابنا وقدمه في الفروع و الرعايتين و التلخيص وغيرهم وعنه أنه ظاهر اختاره جماعة من الأصحاب منهم ابن حامد و أبو حفص بن المسلمة العكبري وأطلقهما ابن تميم في باب اجتناب النجاسة قال في الرعايتين و الحاويين وغيرهما : يعفى عن عرق المستجمر في سراويله نص عليه واستدل في المغني ومن تبعه بالنص على أن أثر الاستجمار طاهر لا أنه نجس ويعفى عنه وظاهر كلامه في المغني ومن تبعه : أنه لا يعفى عنه إلا في محله ولا يعفى عنه في سراويله .
قوله وعنه في المذي والقيء وريق البغل والحمار وسباع البهائم غير الكلب والخنزير والطير وعرقهما وبول الخفاش والنبيذ والمني : أنه كالدم .
يعفى عن يسيره كالدم على هذه الرواية فقدم المصنف : أنه لا يعفى عن يسير شيء من ذلك .
وأما المذى : فلا يعفى عن يسيره على الصحيح من المذهب وقدمه في الفروع و الرعاية الصغرى و الحاويين وقال ابن منجا في شرحه : وهو المذهب وعنه يعفى عن يسيره جزم به في العمدة و المنور و المنتخب وغيرهم وقدمه ابن رزين وصححه الناظم واختاره ابن تميم قال في مجمع البحرين : يعفى عن يسيره في أقوى الروايتين .
قلت : وهو الصواب خصوصا في حق الشاب .
وأطلقهما في الهداية و المذهب و المستوعب و الكافي و المحرر و الشرح و ابن تميم و الرعاية الكبرى و التلخيص و البلغة و ابن عبيدان .
تنبيه : أفادنا المصنف C تعالى : أن المذى نجس وهو صحيح فيغسل كبقية النجاسات على الصحيح من المذهب وعليه الجمهور وعنه في المذى : أنه يجزئ فيه النضح فيصير طاهرا به كبول الغلام الذي لم يأكل الطعام جزم به في الإفادات و المنور و المنتخب و العمدة وقدمه في الفائق و إدراك الغاية و ابن رزين في شرحه واختاره الشيخ تقي الدين وصححه الناظم وصاحب تصحيح المحرر وقال في الرعاية وقيل : إن قلنا مخرجه مخرج البول فينجس وإن قلنا مخرجه مخرج المنى فله حكمه انتهى وعنه ما يدل على طهارته اختاره أبو الخطاب في الانتصار وقدمه ابن رزين في شرحه وجزم به في نهايته ونظمها .
فعلى القول بالنجاسة : يغسل الذكر والأنثيين إذا خرج على الصحيح من المذهب نص عليه وجزم به ناظم المفردات وهو منها وقدمه ابن تميم و الفائق و الحواشي واختاره أبو بكر والقاضي وعنه يغسل جميع الذكر فقط ما أصابه المذى وما لم يصبه .
قلت : فيعايي بها على هاتين الروايتن .
وعنه لا يغسل إلا ما أصابه المذى فقط اختاره الخلال قال في مجمع البحرين و ابن عبيدان : وهي أظهر أطلقهن في الفروع .
فعلى الرواية الأولى : تجزئ غسلة واحدة قاله المصنف وجزم به ابن تميم و الفائق و الرعاية الكبرى ذكره في كتاب الطهارة وزاد إن لم يلوثهما المذى نص عليه .
وأما القيء : فلا يعفى عن يسيره على الصحيح من المذهب قال ابن منجا : هذا المذهب وقدمه في الفروع والمصنف هنا وهو ظاهر ما جزم في الهداية و المذهب و مسبوك الذهب و المستوعب و الكافي و المحرر وغيرهم وعنه يعفى عن يسيره جزم به في الوجيز و المنور و الإفادات قال القاضي : يعفى عن يسير القئ وما لا ينقض خروجه كيسير الدود والحصى ونحوهما إذا خرج من غير السبيلين واختاره ابن عبدوس في تذكرته وأطلقهما في النظم و مجمع البحرين و الرعايتين و الحاويين و الفائق و ابن عبيدان .
وأما ريق البغل والحمار وعرقهما على القول بنجاستهما فلا يعفى عن يسيره على الصحيح من المذهب قال ابن منجا : هذا المذهب وقدمه في الفروع والمصنف هنا وهو ظاهر كلام جماعة وعنه يعفى عن يسيره قال الخلال : وعليه مذهب أبي عبد الله قال المصنف والشارح وهو الظاهر عن أحمد واختاره ابن تميم وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه ابن رزين وغيره .
قلت : وهو الصواب .
وأطلقهما في الهداية و المذهب و المستوعب و الكافي و المحرر و النظم و مجمع البحرين و الرعايتين و الحاويين و ابن تميم و ابن عبيدان .
وأما ريق سباع البهائم غير الكلب والخنزير والطير وعرقها على القول بنجاستها : فلا يعفى عن يسيره على الصحيح من المذهب بناء على ريق البغل والحمار وعرقهما وأولى وهو الذي قدمه المصنف هنا وظاهر ما جزم به في الفائق قال ابن منجا في شرحه : هذا المذهب وعنه يعفى عن يسيره جزم به في الوجيز و المنور وصححه في تصحيح المحرر وقال : جزم به في المغني في موضع وقدمه ابن رزين في شرحه قال القاضي بعد ان ذكر النص بالعفو عن يسير ريق البغل والحمار وكذلك ما كان في معناهما من سباع البهائم وكذلك الحكم في أرواثها وكذلك الحكم في سباع الطير وأطلقهما في الهداية و المذهب و المستوعب و الكافي و المحرر و النظم و مجمع البحرين و الرعايتين و الحاويين و ابن تميم و ابن عبيدان .
وأما بول الخفاش وكذا الخشاف قاله في الرعاية وكذا الخطاف قاله في الفائق فلا يعفى عنه على الصحيح من المذهب قال ابن منجا في شرحه : هذا المذهب وقدمه في الفروع والمصنف هنا وعنه يعفى عن يسيره جزم به في الوجيز وقدمه في الشارح و ابن رزين واختاره ابن تميم و ابن عبدوس في تذكرته وصححه في تصحيح المحرر وأطلقهما في الهداية و المذهب و المستوعب و الكافي و المحرر و النظم و الرعايتين و الحاويين و الفائق و ابن عبيدان .
وأما النبيذ النجس : فلا يعفى عن يسيره على الصحيح من المذهب قال ابن منجا في شرحه : هذا المذهب قال في مجمع البحرين : لا يعفى عن يسيره في الأشهر وقدمه في الفروع والمصنف هنا وعنه يعفى عن يسيره اختاره المجد في شرحه و ابن عبدوس في تذكرته وجزم به في الوجيز و نهاية ابن رزين ونظمها وصححه في تصحيح الفروع وقدمه الشارح و ابن رزين وأطلقهما في الهداية و المذهب و المستوعب و الكافي و المحرر و النظم و الرعايتين و الحاويين و الفائق و ابن تميم و ابن عبيدان .
وأما المني إذا قلنا بنجاسته : فلا يعفى عن يسيره على الصحيح من المذهب وقدمه في الفروع والمصنف هنا و الرعاية الصغرى و الحاويين قال ابن منجا في شرحه : هذا المذهب وعنه يعفى عن يسيره قطع به الخرقي واختاره ابن تميم و الشيخ تقي الدين في شرحه العمدة قال في مجمع البحرين يعفى عن يسيره في أظهر الروايتين قال الزركشي : هذا ظاهر النص وأطلقهما في الهداية والمستوعب والكافي والمحرر و النظم والرعاية الكبرى وابن تميم وابن عبيدان والزركشي ويأتي قريبا إذا قلنا هو نجس : هل يجزىء فرك يابسه مطلقا أو من الرجل ؟ .
تنبيه : ظاهر كلام المصنف : أنه لا يعفى عن يسير شيء من النجاسات غير ما تقدم وثم مسائل : .
منها : دم البق والقمل والبراغيث والذباب ونحوهما يعفى عن ذلك على القول بنجاسته بلا نزاع قاله الأصحاب .
ومنها : بقية دم اللحم المأكول من غير العروق يعفى عنه على القول بنجاسته على ما تقدم .
ومنها : يسير النجاسة إذا كانت على أسفل الخف والحذاء بعد الدلك يعفى عنه على القول بنجاسته وقطع به الأصحاب .
ومنها : يسير سلس البول مع كمال التحفظ يعفى عنه قال الناظم : قلت وظاهر كلام الأكثر : عدم العفو وعلى قياسه يسير دم المستحاضة .
ومنها : يسير دخان النجاسة وغبارها وبخارها يعفى عنه ما لم تظهر له صفة على الصحيح من المذهب جزم به في الكافي وابن تميم والنظم قال في الرعايتين و الحاويين ومجمع البحرين وابن عبيدان وغيرهم : يعفى عن ذلك ما لم يتكاثف زاد في الرعاية الكبرى : وقيل ما لم يجتمع منه شيء ويظهر له صفة وقيل : أو تعذر أو تعسر التحرز منه وأطلق أبو المعالي العفو عن غبار النجاسة ولم يقيده باليسير لأن التحرز لا سبيل إليه قال في الفروع : وهذا متوجه وقيل : لا يعفى عن يسير ذلك وأطلقهما في الفروع وقال : لو هبت ريح فأصاب غبار نجس من طريق أو غيره فهو داخل في المسألة وذكر الأزجي النجاسة به .
ومنها : يسير بول المأكول وروثه على القول بنجاستهما يعفى عنه في رواية وهو الصحيح من المذهب جزم به المجد في شرحه و ابن عبيدان وقدمه في المغني و الشرح واختاره ابن تميم وهو ظاهر ما قدمه في الفروع وعنه لا يعفى عنه وهو ظاهر كلام المصنف هنا وأطلقهما في الحاويين و الرعايتين وزاد : ومنيه وقيئه وذكر الشيخ تقي الدين الرواية الأولى في الفائق .
ومنها يسير بول الحمار والبغل وروثهما وكذا يسير بول كل بهيم نجس أو طاهر لا يوكل وينجس بموته لا يعفى عنه على الصحيح من المذهب قاله المجد وقدمه في الفروع وغيره وعنه يعفى عنه وجزم به في الإفادات في روث البغل والحمار وأطلقهما في الرعايتين و الحاويين و ابن عبيدان .
ومنها : يسير نجاسة الجلالة قبل حبسها لا يعفى عنه على الصحيح من المذهب وقيل : يعفى عنه وهو رواية في الرعاية وأطلقهما في الرعايتين و الحاويين و مجمع البحرين .
ومنها : يسير الودي لا يعفى عنه على الصحيح من المذهب وقيل : يعفى عنه رواية رواية في الرعاية وأطلقهما فيها و ابن تميم .
ومنها : ما قاله في الرعاية : يعفى عن يسير الماء النجس بما عفى عنه من دم ونحوه في الأصح واختار العفو عن يسير ما لا يدركه الطرف ثم قال وقيل إن سقط ذباب على نجاسة رطبة ثم وقع في مائع أو رطب نجس وإلا فلا إن مضى زمن يجف فيه وقيل : يعفى عما يشق التحرز منه غالبا واختار الشيخ تقي الدين العفو عن يسير جميع النجاسات مطلقا في الأطعمة وغيرها حتى بعر الفأر قال في الفروع : ومعناه اختيار صاحب النظم .
قلت : قال في مجمع البحرين قلت : الأولى العفو عنه في الثياب والأطعمة لعظم المشقة ولا يشك ذو عقل في عموم البلوى به خصوصا في الطواحين ومعاصر السكر والزيت وهو أشق صيانة من سؤر الفار ومن دم الذباب ونحوه ورجيعه وقد اختار طهارته كثير من الأصحاب انتهى .
قال الشيخ تقي الدين إذا قلت : يعفى عن يسير النبيذ المختلف فيه لأجل الخلاف فيه فالخلاف في الكلب أظهر وأقوى انتهى