باب التيمم .
فائدة قوله وهو بدل .
يعنى لكل ما يفعله بالماء : من الصلاة والطواف وسجود التلاوة والشكر واللبث في المسجد وقراءة القرآن ومس المصحف وقال المصنف فيه : إن احتاج وكوطء حائض انقطع مدها نقله الجماعة وهو المذهب وقيل : يحرم الوطء والحالة هذه ذكره الشيخ تقي الدين وذكره ابن عقيل رواية وصححها ابن الصيرفي عنه .
فائدة : لا يكره لعادم الماء وطء زوجته على الصحيح من المذهب قدمه ابن تميم واختاره الشيخ تقي الدين والمصنف والشارح و ابن رزين وعنه يكره إن لم يخف العنت اختاره المجد وصححه أبو المعالي وقدمه في الرعاية الكبرى و شرح ابن رزين وأطلقهما في المغني و الشرح و الفروع و مجمع البحرين و المذهب .
قوله وهو بدل لا يجوز إلا بشرطين أحدهما : دخول الوقت فلا يجوز لفرض قبل وقته ولا لنذر في وقت النهى عنه .
هذا الصحيح من المذهب مطلقا نص عليه وعليه جماهير الأصحاب وفي المحرر وغيره تخريج بالجواز وقال في الرعاية الكبرى : ولا يتيمم لفرض ولا لنفل معين قبل وقتهما نص عليه وخرج : ولا لنفل وقيل : مطلق بلا سبب وقت نهى واختاره الشيخ تقي الدين قال ابن رزين في شرحه : وهو أصح .
تنبيه : محل هذا الخلاف على القول بأن التيمم مبيح لا رافع وهو المذهب فأما على القول بأنه رافع : فيجوز ذلك كما في كل وقت على ما يأتي بيانه .
قوله ويبطل التيمم بخروج الوقت .
فائدة : النذر وفرض الكفاية : كالفرض والجنازة والاستسقاء والكسوف وسجود التلاوة والشكر ومس المصحف والقراءة واللبث في المسجد : كالنفل قال ذلك في الرعاية .
وفي قوله : الجنازة كالنفل نظر مع قوله وفرض الكفاية كالفرض إلا أن يريد الصلاة عليها ثانيا ويأتي بيان وقت ذلك عنه .
قوله ويبطل التيمم بخروج الوقت .
تنبيه : ظاهر قوله الثاني : العجز عن استعمال الماء لعدمه أن العدم سواء كان حضرا أو سفرا وسواء كان العادم مطلقا أو محبوسا وهو صحيح وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وقيل لا يباح التيمم للعدم إلا في السفر اختاره الخلال ويأتي في كلام المصنف آخر الباب من حبس في المصر فعلى المذهب : لا تلزمه الإعادة إذا وجد الماء على الصحيح من المذهب وعنه يعيد وجزم في الإفادات بأن العاص بسفره بعيد .
ويأتي هناك في كلام المصنف .
فائدتان .
إحداهما : يجوز التيمم في السفر المباح والمحرم والطويل والقصير على الصحيح من المذهب وعليه جمهور الأصحاب قال القاضي : ولو خرج إلى ضيعة له تقارب البنيان والمنازل ولو بخمسين خطوة : جاز له التيمم والصلاة على الراحلة وأكل الميتة للضرورة وقيل : لا يباح التيمم إلا في السفر المباح الطويل .
فعلى هذا القول : يصلى ويعيد بلا نزاع وعلى المذهب : لا يعيد على الصحيح وقدمه في الرعاية الكبرى وقيل : يعيد وأطلقهما ابن تميم ويأتي إذا خرج إلى أرض بلدة لحاجة كالاحتطاب ونحوه .
والثانية : لو عجز المريض عن الحركة وعمن يوضيه : فحكمه حكم العادم وإن خاف فوت الوقت إن انتظر من يوضيه تيمم وصلى ولا يعيد على الصحيح من المذهب ذكره ابن أبي موسى وصححه المجد وصاحب الفروع وقيل : ينتظر من يوضيه ولا يتيمم لأنه مقيم ينتظر الماء قريبا فأشبه المشتغل بالاستقاء .
قوله أو لضرر في استعماله من جرح .
يجوز له التيمم إذا حصل له ضرر باستعماله في بدنه أو بقاء شين أو نظائره على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب ويصلي ولا يعيد وعنه لا يجوز له التيمم إلا إذا خاف التلف اختاره بعضهم وهو من المفردات .
قوله أو برد .
يجوز التيمم لخوف البرد بعد غسل ما يمكن على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب سواء كان في الحضر أو السفر وعنه لا يتيمم لخوف البرد في الحضر وأما الإعادة : فتأتي في كلام المصنف .
فائدة : قوله من جرح أو برد شديد أو مرض يخشى زيادته أو تطاوله وكذا لو خاف حدوث نزلة ونحوها .
قوله أو عطش يخافه على نفسه .
إذا خاف على نفسه العطش : حبس الماء وتيمم بلا نزاع وحكاه ابن المنذر إجماعا .
قوله أو رفيقه .
يعنى المحترم قاله الأصحاب إذا وجد عطشانا يخاف تلفه لزمه سقيه وتيمم على الصحيح من المذهب قال ابن تيمم : يجب الدفع إلى العطشان في أصح الوجهين وقدمه في المغني و الشرح و الرعاية و الفروع و الفائق و ابن عبيدان و التلخيص وغيرهم وجزم به في مجمع البحرين والشيخ تقي الدين وقال أبو بكر في مقنعه والقاضي : لا يلزمه بذله بل يستحب فعلى المذهب هل يجب حبس الماء للعطش الغير المتوقع ؟ فيه وجهان وأطلقهما في الفروع وشرح الهداية للمجد و ابن عبيدان و ابن تميم و الزركشي .
أحدهما : لا يجب بل يستحب قال المجد وهو ظاهر كلام أحمد وقدمه في مجمع البحرين والرعاية الكبرى .
والوجه الثاني : يجب وهو ظاهر كلام المصنف هنا وظاهر ما جزم به الشارح قال في الفروع : والوجهان أيضا في خوفه عطش نفسه بعد دخول الوقت وقال في الرعاية : ولو خاف أن يعطش بعد ذلك هو أو أهله أو عبده أو أمته : لم يجب دفعه إليه وقيل : بلى بثمنه إن وجب الدفع عن نفس العطشان وإلا فلا ولا يجب دفعه لطهارة غير بحال انتهى .
فوائد .
منها : إذا وجد الخائف من العطش ماء طاهرا أو ماء نجسا يكفيه كل منهما لشربه : حبس الطاهر لشربه وأراق النجس إن استغنى عن شربه فإن خاف حبسهما على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع و المغني و الشرح و ابن عبيدان .
وقال القاضي : يتوضأ بالطاهر ويحبس النجس لشربه قال المجد في شرح الهداية : وهو الصحيح وأطلقهما ابن تميم قال في الفروع : وذكر الأزجي : يشرب الماء النجس وأطلقهما ابن تميم .
ومنها : لو أمكنه أن يتوضأ به ثم يجمعه ويشربه فقال في الفروع : إطلاق كلامهم لا يلزمه لأن النفس تعافه قال : ويتوجه إحتمال يعنى باللزوم .
ومنها : لو مات رب الماء : يممه رفيقه العطشان وغرم ثمنه في مكانه وقت إتلافه لورثته على الصحيح من المذهب وظاهر كلامه في النهاية : وإن غرمه مكانه فبمثله وقيل : الميت أولى به قال أبو بكر في المقنع و التنبيه وقيل : رفيقه أولى إن خاف الموت وإلا فالميت أولى .
ويأتي حكم فضله الماء من الميت آخر الباب .
فائدة : لو خاف فوت رفقة : ساغ له التيمم قال في الفروع وظاهر كلامه ولو لم يخف ضررا بفوت الرفقة لفوت الإلف والأنس قال : ويتوجه احتمال .
تنبيهان .
أحدهما : مفهوم قوله : أو بهيمته انه لا يتيمم ويدع الماء لخوفه على بهيمة غيره وهو وجه لبعض الأصحاب والصحيح من الذهب : أنه يتيمم لخوفه على بهيمة غيره كبهيمته وعليه جمهور الأصحاب وجزم به ابن تميم و ابن عبيدان وقدمه في الفروع .
قلت : ويحتمله كلام المصنف فغن قوله أو رفيقه أو بهيمته يحتمل أن يعود الضمير في بهيمته إلى رفيقه فتقديره أو بهيمة رفيقه فيكون كلامه موافقا للمذهب وهو أولى وأطلقهما في المذهب .
والثاني : مراده بالهيمة : البهيمية المحترمة كالشاة والحمارة والسنور وكلب الصيد ونحوه احترازا من الكلب الأسود البهيم والخنزير ونحوهما .
تنبيه : شمل قوله أو خشيته على نفسه أو ماله في طلبه .
لو خافت امرأة على نفسها فساقا في طريقها وهو صحيح نص عليه قال المصنف والشارح وابن تميم وغيرهم : بل يحرم عليها الخروج إليه وتتيمم وتصلى ولا تعيد وهو المذهب قال المصنف والصحيح أنها تتيمم ولا تعيد وجها واحدا قال ابن أبي موسى : تتيمم ولا إعادة عليها في أصح الوجهين وقدمه في الفروع و الزركشي وقيل : تعيد وقدمه في الرعاية الكبرى قال الزركشي : أبعد من قاله وأطلقهما في المستوعب وعنه لا أدري .
تنبيهات .
أحدها : قوله أو خشية على نفسه أو ماله في طلبه .
لو خافت امرأة على نفسها فساقا في طريقها وهو صحيح نص عليه قال المصنف والشارح وابن تميم وغيرهم : بل يحرم عليها الخروج إليه وتتيمم وتصلي ولا تعيد وهو المذهب قال المصنف : والصحيح أنها تتيمم ولا تعيد وجها واحدا قال ابن أبي موسى : تتيمم ولا إعادة عليها في أصح الوجهين وقدمه في الفروع و الزركشي وقيل : تعيد وقدمه في الرعاية الكبرى قال الزركشي : أبعد من قاله وأطلقهما في المستوعب وعنه لا أدري .
تنبيهات .
أحدها : قوله أو خشية على نفسه أو ماله في طلبه .
لا بد أن يكون خوفه محققا على الصحيح من المذهب فلو كان خوفه جبنا لا عن سبب يخاف من مثله : لم تجزه الصلاة بالتيمم نص عليه وعليه الجمهور وقال المصنف في المغنى : ويحتمل أن يباح له التيمم ويعيد إذا كان ممن يشتد خوفه .
الثاني : لو كان خوفه لسبب ظنه فتبين عدم السبب مثل من رأى سوادا بالليل ظنه عدوا فتبين انه ليس بعدو بعد أن تيمم وصلى ففي الإعادة وجهان وأطلقهما ابن عبيدان و المغني والشارح .
أحدهما : لا يعيد وهو الصحيح قال المجد في شرحه : والصحيح لا يعيد لكثرة البلوى بذلك في الأسفار بخلاف صلاة الخوف فإنها نادرة في نصها وهي كذلك أندر وقدمه ابن رزين في شرحه والثاني : تعيد .
الثالث : ظاهر كلام المصنف : أنه لا يتيمم لغير الأعذار المتقدمة وهو صحيح وهو المذهب وقدمه في الرعاية وغيرها وهو ظاهر ما قدمه في الفروع وظاهر كلام كثير من الأصحاب وقال ابن الجوزي في المذهب ومسبوك الذهب : إن احتاج الماء للعجن والطبخ ونحوها : تيمم وتركه وظاهر كلامه أيضا : أن الخوف على نفسه لا يجوز تأخير الصلاة إلى الأمن بل يتيمم ويصلي وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب وعنه في غاز بقربه الماء يخاف إن ذهب على نفسه : لا يتيمم ويؤخر وأطلقهما ابن تميم .
قوله إلا بزيادة كثيرة على ثمن مثله .
يعنى يباح له التيمم إذا وجد الماء يباع بزيادة كثيرة على ثمن مثله وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب قال المجد في شرحه : هذا أصح وجزم به في الوجيز و النظم و الهداية و المستوعب وغيرهم وقدمه في الفروع و مجمع البحرين وابن عبيدان و ابن تميم وعنه إن كان ذا مال كثير لا تجفف به زيادة لزمه الشراء جزم به في الإفادات وأطلقهما في الرعايتين والحاويين والفائق والمغنى والشرح والتلخيص .
تنبيه : مفهوم قوله إلا بزيادة كثيرة أن الزيادة لو كانت يسيرة : يلزمه شراؤه وهو صحيح وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب قال في النهاية : وهو الصحيح قال في الفروع و الرعاية الكبرى : يلزمه على الأصح وجزم به في الشرح و الحاويين و الرعاية الصغرى و الهداية و المستوعب و التلخيص وغيرهم وهو ظاهر الوجيز و ابن تميم وعنه لا يلزمه ذكرهما أبو الحسن فمن بعده واختاره في الفائق وهما احتمال وأطلقهما وجهين في المغني وقال أحمد توقف .
فائدتان .
إحداهما : ثمن المثل معتبر بما جرت العادة به في شراء المسافر له في تلك البقعة أو مثلها غالبا على الصحيح وقيل : يعتبر بأجزة النقل قدمه في الفائق وهما احتمالان مطلقان في التلخيص .
الثانية : لو لم يكن معه الثمن وهو يقدر عليه في بلده ووجده يباع بثمن في الذمة لم يلزمه شراؤه على الصحيح من المذهب اختاره الآمدي و أبو الحسن التميمي قاله الشارح في باب الظهار وصححه المجد في شرحه والشارح وصاحب الحاوي الكبير و مجمع البحرين وقيل : يلزمه شراؤه اختاره القاضي قال في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير : أو بثمن مثله ولو في ذمته وجزم به في التلخيص وقدمه ابن رزين في شرحه وأطلقهما في المغني و ابن تميم و الرعاية الكبرى و ابن عبيدان و الفائق .
تنبيه : قوله أو تعذره إلا بزيادة كثيرة قال في المطلع : تقديره : يباح التيمم للعجز عن استعمال الماء لكذا وكذا أو لتعذره إلا بزيادة كثيرة قال في المقنع : تقديره : يباح التيمم للعجز عن استعمال الماء لكذا أو كذا لتعذره إلا بزيادة كثيرة فهو مستثنى من مثبت والاستثناء من الإثبات نفي فظاهره : أن تعذره في كل صورة مبيح للتيمم إلا في صورة الاستثناء وهي حصوله بزيادة كثيرة على ثمن مثله وحصوله بزيادة كثيرة مبيح أيضا للتيمم وصورة الاستثناء موافقة للمستثنى منه في الحكم .
قال في الجواب عن هذا : الأشكال في اللفظ وتصحيحه : انه مستثنى من منفي معنى فغن قوله أو تعذره في معنى قوله وبكونه لا يحصل الماء إلا بزيادة كثيرة فيصير الاستثناء مفرغا لأن بزيادة كثيرة متعلق ما لم يحصل والاستثناء المفرغ ما قبل إلا وما بعده فيه كلام واحد فيصير معنى هذا الكلام : يباح التيمم بأشياء منها : حصول الماء بزيادة كثيرة على ثمن مثله أو ثمن يعجز عن أدائه .
ثم قال : وإنما تكلمت على إعراب هذا لأن بعض مشايخنا ذكر أن هذه العبارة فاسدة انتهى .
قلت : ويمكن الجواب عن ذلك بما هو أوضح مما قال بان يقال : استثناء المصنف من المفهوم وتقدير الكلام فإن لم يتعذر ولكن وجد وما يباع إلا بزيادة كثيرة أو بثمن يعجز عن آدائه وهو كثير في كلامهم .
فائدتان .
إحداهما : يلزمه قبول الماء قرضا وكذا ثمنه وله ما يوفيه قاله الشيخ تقي لدين قال في الفروع وهو المراد .
ويلزمه قبوله هبة مطلقا على الصحيح من المذهب وقال ابن الزاغوني : ويحتمل أن لا يلزمه قبوله إذا كان عزيزا وهو ظاهر كلام ابن حامد وقيل : لا يلزمه قبوله مطلقا ولا يلزمه قبول ثمن الماء هبة على الصحيح من المذهب .
وعنه يلزمه ولا يلزمه اقتراض ثمنه على الصحيح من المذهب وقيل : يلزمه .
الثانية حكم الحبل والدلو : حكم الماء فيما تقدم من الأحكام ويلزمه قبولهما عارية