من ملك مالا من العقار مالا يكفيه إذا ملك خمسين درهما أو قيمتها من الذهب .
قوله ومن ملك من غير الأثمان مالا يقوم بكفايته فليس بغني وإن كثرت قيمته .
وهذا بلا نزاع أعلمه قال الإمام أحمد : إذا كان له عقار أو ضيعة يستغلها عشرة آلاف أو أكثر لا تقسمه - يعني لا تكفيه - يأخذ من الزكاة وقيل له : يكون له الزرع القائم وليس عنده ما يحصده أيأخذ من الزكاة ؟ قال : نعم يأخذ .
قال الشيخ تقي الدين : وفي معناه ما يحتاج إليه لإقامة مؤنته .
تنبيه : تقدم في أول زكاة الفطر عند قوله إذا فضل عن قوته وقوت عياله لو كان عنده كتب ونحوها يحتاجها هل يجوز له أخذ الزكاة أم لا ؟ .
قوله وإن كان من الأثمان فكذلك في إحدى الروايتين .
نقلها مهنا واختاره ابن شهاب العكبري و أبو الخطاب و المجد وصاحب الحاوي وغيرهم .
قال ابن منجا في شرحه : هي الصحيحة من الروايتين عند المصنف و أبي الخطاب ولم أجد ذلك صريحا في كتب المصنف وقدمه في الفروع و المحرر و الفائق و إدراك الغاية وصححه في مسبوك الذهب وهذا المذهب على ما اصطلحنا في الخطبة .
و الرواية الأخرى إذا ملك خمسين درهما أو قيمتها من الذهب فهو غني فلا يجوز الأخذ لمن ملكها وإن كان محتاجا ويأخذها من لم يملكها وإن لم يكن محتاجا وهذه الرواية عليها جماهير الأصحاب وهي المذهب عندهم .
قال الزركشي : هذا المذهب عند الأصحاب حتى إن عامة متقدميهم لم يحكوا خلافا قال ابن منجا في شرحه : هذا المذهب قال ابن شهاب : اختارها أصحابنا ولا وجه له في المعنى وإنما ذهب إليه أحمد لخبر ابن مسعود ولعله لما بان له ضعفه رجع عنه أو قال ذلك لقوم بأعيانهم كانوا يتجرون بالخمسين فتقوم بكفايتهم وأجاب غيره بضعف الخبر وحمله المصنف وغيره على المسألة فتحرم المسألة ولا يحرم الأخذ وحمله المجد على أنه - عليه أفضل الصلاة والسلام - قاله في وقت كانت الكفاية الغالبة فيه بخمسين .
وممن اختار هذه الرواية : الخرقي و ابن أبي موسى و القاضي و ابن عقيل فقطعوا بذلك ونصره في المغني وقال : هذا الظاهر من مذهبه قال في الهادي : هذا المشهور من الروايتين وهي من المفردات وقدمه في الخلاصة و الرعايتين و الحاويين و ابن رزين وغيرهم ونقلها الجماعة عن أحمد .
قلت : نقلها الأثرم و ابن منصور و إسحاق بن إبراهيم و أحمد بن هاشم الأنطاكي و أحمد بن الحسن و بشر بن موسى و بكر بن محمد و أبو جعفر ابن الحكم و جعفر بن محمد و حنبل و حرب و الحسن بن محمد و أبو حامد ابن أبي حسان و حمدان بن الوراق و أبو طالب وابناه : صالح و عبد الله و المروذي و الميموني و محمد بن داود و محمد بن موسى و محمد بن يحيى و أبو محمد مسعود و يوسف بن موسى و الفضل بن زياد وأطلقهما في المذهب و المستوعب و الكافي و الشرح .
وعنه الخمسون : تمنع المسألة لا الأخذ ذكرها أبو الخطاب وتقدم أن المصنف حمل الخبر على ذلك وأطلقهما في التلخيص .
ونص الإمام أحمد - فيمن معه خمسمائة وعليه ألف - لا يأخذ من الزكاة وحمل على أنه مؤجل أو على ما نقله الجماعة .
تنبيه : قوله في الرواية الثانية أو قيمتها من الذهب هل يعتبر الذهب بقيمة الوقت لأن الشرع لم يجده أو يقدر بخمس دنانير لتعلقها بالزكاة ؟ فيه وجهان وأطلقهما في الفروع و المجد في شرحه وقال : ذكرهما القاضي فيما وجدته بخطة على تعليقه واختار في الأحكام السلطانية الوجه الثاني .
قلت : ظاهر كلام المصنف وغيره : الأول وهو الصواب .
ويأتي في الباب قدر ما يأخذ الفقير والمسكين وغيرهما ويأتي بعده إذا كان له عيال .
فائدة : من أبيح له أخذ شيء أبيح له سؤاله على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه الأصحاب وعنه يحرم السؤال لا الأخذ على من له قوت يوم غداء وعشاء قال ابن عقيل : اختاره جماعة وعنه يحرم ذلك على من له قوت يوم غداء وعشاء ذكر هذه الرواية الخلال وذكر ابن الجوزي في المنهاج : إن علم أنه يجد من يسأله كل يوم : لم يجز أن يسأل أكثر من قوت يوم وليلة وإن خاف أن لا يجد من يعطيه أو خاف أن يعجز عن السؤال : أبيح له السؤال أكثر من ذلك وأما سؤال الشيء اليسير : كشسع النعل أو الحذاء فهل هو كغيره في المنع أو برخص فيه ؟ فيه روايتان وأطلقهما في الفروع .
قلت : الأولى الرخصة في ذلك لأن العادة جارية به