الإقاله : فسخ .
قوله والإقاله : قسخ .
هذا المذهب بلا ريب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب قاله في القواعد الفقهية اختارها الخرقي و القاضي والأكثرون .
قال الزركشي : هي اختيار جمهور الأصحاب - القاضي وأكثر أصحابه .
قال في المغني و الشرح و الفائق وغيرهم : ويشرح إقالة النادم وهي فسخ في أصح الروايتين وقدمه في الفروع و الرعايتين و المحرر وغيرهم وحكاه القاضي والمصنف وغيرهما عن أبي بكر .
وعنه : إنها بيع اختارها أبو بكر في التنبيه .
تنبيه : ينبني على هذا الخلاف فوئد كثيرة ذكرها ابن رجب في فوئد وغيره .
منها : إذا تقايلا قبل القبض فيما لا يجوز بيعه قبل قبضه : فيصح على المذهب ولايصح على الثانية إلاعلى رواية حكاها القاضي في المجرد في الإجارات أنه يصح بيعه من بائعه خاصة قبل القبض وقد تقدمت واختارها الشيخ تقي الدين وقاله أبو الخطاب في الانتصار .
ومنها : جوازها في المكيل والموزون بغير كيل ووزن على المذهب ولا يصح على الثانية وهي طريقة أبي بكر في التنبيه و القاضي الأكثرين وجزم بها في الفروع وغيره .
وحكى عن أبي بكر : أنه لابد فيها من كيل أو وزن ثان على الروايتين جميعا وقطع به المصنف والشارح عن أبي بكر .
ومنها : إذا تقايلا بزيادة على الثمن أو بنقص منه أو بغير جنس الثمن : لم تصح الإقالة والملك باق للمشتري على المذهب .
وعلى الثانية : فيه وجهان وأطلقهما المصنف هنا وأطلقهما ف الهداية و المذهب و المحرر و الرعابة و الحاوي الصغير و الزركشي وغيرهم .
أحدهما : لا يصح إلابمثل الثمن أيضا صححه المصنف والشارح وصاحب الحاوي الكبير و المستوعب و الفائق وهو المذهب عند القاضي في خلافه قال في القواعد : وهو ما نقله ابن منصور .
والوجه الثاني : يصح بزيادة على الثمن ونقص وصححه القاضي في الروايتين وهو ظاهر ماعدمه في الفروع فإنه قال : وعنه بيع فينعكس ذلك إلا مثل الثمن في وجه ويكون هذا المذهب علىما اصطلحنا ه .
ومنها : تصح الإقالة بلفظ الإقالة والمصاحة على المذهب ذكره القاضي و ابن عقيل .
وعلى الثانية : لا تنعقد صرح به القاضي في خلافه وقال : مايصلح للحل لايصلح للعقد ومايصلح للعقد لا يصلح للحل فلا تنعقد الإقالة بلفظ البيع ولاالبيع بلفظ الإقالة قاله في القواعد .
وظاهر كلام كثير من الأصحاب : انعقادها بذلك وتكون معاطاة قاله في الفوائد .
ومنها : عدم اشتراط شروط البيع - من معرفة المقال فيه والقدرة على تسليمه وتمييزه عن غيره - على المذهب .
وعلى الثانية : يشترط معرفة ذلك ذكره في المغني في التفليس .
قال في القواعد : وفي كلام القاضي ما يقتضي : أن الإقالة : لم يصح مع غيبة الآخر على الروايتين ولو قال أقلني ثم غاب فإقاله : لم يصح قدمه في الفروع وقدمه في الانتصار : يصح علىالفور .
وقال ابن عقيل وغيره : الإقالة لما افتقرت إلى الرضا وقفت على العلم .
ومنها : لوتلفت السلعة فقيل : لا تصح الإقالة على الروايتين وهي طريقة القاضي في موضع من خلافه والمصنف في المغني .
وقيل : إن قيل هي فسخ : صحت وإلا لم تصح .
قال القاضي في موضع من خلافه : وهو قياس المذهب .
وفي التلخيص وجهان وقال : أصلهما الروايتان فيما إذا تلف المبيع في مدة الخيار وأطلقهما في الفروع وقالا : وفارق الرد بالعيب لأنه يعتمد مردودا .
ومنها : صحتها بعد نداء الجمعة على المذهب .
وعلى الثانية : لا تصح قال القاضي و ابن عقيل ومن تابعهما .
ومها : نماؤه المنفصل فعلى الثانية لا يتبع وعلى المذهب : قاله القاضبي هو للمشتري .
قال ابن رجب : وينبغي تخرجه على الوجهين كالرد بالعيب الرجوع للمفلس .
وخرج القاضي وجها برده مع أصله حكاه المجد عنه في شرحه وقال في المستوعب و الرعاية : النماء للبائع على المذهب مع ذكرها أن نماء العيب للمشتري .
ومنها : لوباعه نخلا حاملا ثم تقايلا وقد أطلع فعلى المذهب : يتبع الأصل سواء كانت مؤبرة أو لا .
وعلىالثانية : إن كانت مؤبرة : فهي للمشتري الأول وإن لم تكن فهي للبائع الأول .
ومنها : خيار المجلس لايثبت فيها على المذهب .
وعلى الثانية : قال في التلخيص يثبت فيها كسائر العقود قال : ويحتمل عندي لايثبت .
ومنها : هل يرد بالعيب فعلى الثانية : له الرد .
وعلى المذهب : يحتمل أن لا يرد يه قاله في القواعد .
ومنها : الإقاله في المسلم فيه قبل قبضه فقيل : يجوز الإقاله فيه على الروايتين وهي طريقة الإكثرين ونقل ابن المنذر : الإجماع على ذلك .
وقيل : يجوز على المذهب لا الثانية وهي طريقة القاضي و ابن عقيل في روايتيهما وصاحب الروضة و الن الزاغوني ويأتي ذلك أيضا في باب السلم .
ومنها : لو باعه جزءا مشاعا من أرضه فعلى المذهب : لا يستحق المشتري ولا من حدث له شركة في الأرض قبل المقايلة شيئا من الشقص بالشفعة .
وعلى الثانية : يثبت لهم .
وكذا لو باع أحد الشريكين حصته ثم عفا الآخر عن شفعته ثم تقايلا وأراد العافي أن يعود إلى الطلب فليس له ذلك على المذهب .
وعلى الثانية : له ذلك .
ومنها : لو أشترى شقصا مشفوعا ثم تقايلاه قبل الطلب .
فعلى الثانية : لا يسقط وعلى المذهب : لا يسقط أيضا وهو قول القاضي وأصحابه .
وقيل : يسقط وهو المنصوص وهو ظاهر كلام أبي حفص و القاضي في خلافه .
ومنها : هل يملك المضارب أو الشريك الإقالة فيما اشتراه ؟ فالأكثرون على أنهما يملكانها عليهما من المصلحة .
وقال ابن عقيل في موضع من فصوله : على المذهب : لا يملكها وعلى الثانية : يملكها .
ويأتي ذلك في كلام المصنف في أول الشركة .
ومنها : هل يملك المفلس بعد الحجر المقايلة لظهور المصلحة ؟ .
فعلى الثانية : لا يملك وعلى المذهب : الأظهر يملكها قاله ابن رجب .
ومنها : لو وهب الوالد لولده شيئا فباعه ثم رجع إليه بإقالة .
فعلى المذهب : يمتنع رجوع الأب وعلى الثانية : فيه وجهان أطلقهما في الفوائد .
ويأتي هذا هناك .
وكذا حكم المفلس إذا باع السلعة ثم عادت إليه ووجدها بائعها عنده ويأتي هذا في باب الحجر .
ومنها : لو باع أمة ثم أقاله فيها قبل القبض فقال أبو بكر و ابن أبي موسى و الشيرازي : يجب استبراؤها على الثانية ولا يجب على المذهب .
وقيل : فيها رويتان من غير بناء .
قال الزركشي : والمنصوص في رواية ابن القاسم و ابن بختان : وجوب الإستبراء مطلقا ولو قبل القبض وهو مختار القاضي وجماعة من الأصحاب إناطة بالملك واحتياطا للأبضاع .
ونص في رواية أخرى : أن الإقالة إن كانت بعد القبض والتصرف : وجب الاستبراء وإلا لم يجب .
وكذلك حكى الرواية القاضي و أبو محمد في الكافي و ألمغني .
وكأن الإمام أحمد لم ينظر انتقال الملك إنما نظر للاحتياط .
قال : والعجيب من المجد حيث لم يذكر قيد التفريق مع وجوده وتصريح الإمام به لكنه قيد المسألة بقيد لا بأس به وهو بناؤها على القول بانتقال الملك .
أما لو كانت الإقالة في بيع خيار - وقلنا : لم ينتقل - فظاهر كلامه : أن الاستبراء لا يجب وإن وجد القبض .
ولم يعتبر المجد أيضا القبض فيما إذا كان المشتري لها امرأة بل حكى فيه الروايتان وأطلق وخالف أبا محمد في تصريحه بأن المرأة بعد التفريق كالرجل .
ونص الإمام أحمد C الذي فرق فيه بين التفرق وعدمه : وقع في الرجل انتهى كلام الزركشي .
وقال في القواعد - بعد أن حكى الطريقتين الأوليين - ثم قيل : إنه ينبني على انتقال الضمان عن البائع وعدمه وإليه أشار ابن عقيل .
وقيل : بل يرجع إلى أن تجدد الملك مع تحقيق البراءة من الحمل : هل يوجب الاستبراء أم لا ؟ قال : وهذا أظهر انتهى .
ومنها : لو حلف لا يبيع أو لأبيعن أو علق في البيع طلاقا أو عتقا ثم قال : فإن قلنا هي بيع : ترتب عليه أحكامه من البر والحنث وإلا فلا .
قال ابن رجب وقد يقال : الأثمان تنبني على العرف وليس في العرف أن الإقالة بيع .
ومنها : لو باع ذمي ذميا خمرا وقبضت دون ثمنا ثم أسلم البائع - وقلنا : يجل له الثمن - فأقال المشتري فيها فعلى الثانية : لا يصح .
وعلى المذهب قيل لا يصح أيضا وقيل : يصح وأطلقهما في الفوائد .
ومنها : هل تصح الإقالة بعد موت المتعاقدين ؟ .
ذكر القاضي في موضع من خلافه : أن خيار الإقالة يبطل بالموت ولا يصح بعده .
وقال في موضع آخر : إن قلنا هي بيع صحت من الورثة وإن قلنا فسخ : فوجهان .
وبنى في الفروع صحة الإقالة من الورثة على الخلاف إن قلنا فسخ : لم تصح منهم وإلا صحت .
ومنها : لو تقايلا في بيع فاسد ثم حكم حاكم بصحة العقد ونفوذه فهل يؤثر حكمه ؟ إن قلنا الإقالة بيع : فحكمه بصحة البيع صحيح .
وإن قلنا فسخ : لم ينفذ لأن العقد ارتفع بالإقالة .
ويحتمل أن ينفذ وتلغى الإقالة وهو ظاهر ما ذكره ابن عقيل في عمد الأدلة .
ومنها : مؤنة الرد فقال في الإنتصار : لا تلزم مشتريا وتبقى بيده أمانة كوديعة وفي التعليق للقاضي : يضمنه .
قال في الفروع فيتوجه تلزمه المؤنة وقطع به في الرعاية في معيب وفي ضمانه النقص خلاف في المغني .
قال في الفروع فإن قيل : الإقالة بيع توجه على مشتر .
فائدة : إذا وقع الفسخ بإقالة أو خيار شرط أو عيب أو غير ذلك فهل يرتفع العقد من حينه أو من أصله ؟ .
قال القاضي في الإقالة في النماء المنفصل : إذا قيل إنها فسخ : يكون للمشتري فيحكم بأنها فسخ من حينه وهذا المذهب .
قال في آخر القاعدة السادسة والثلاثين : وخامسها : أن ينفسخ ملك المؤجر ويعود إلى من انتقل الملك إليه منه فالمعروف في المذهب : أن الإجارة لا تنفسخ بذلك لأن فسخ العقد رفع له من حينه لا من أصله انتهى .
وقال أبو الحسين - في تعليقه - ولفسخ عندنا رفع للعقد من حينه .
وقال أبو حنيفة : من أصله انتهى .
قال الشيخ تقي الدين C : القياس أن الفسخ رفع العقد من حينه كالرد بالعيب وسائر الفسوخ .
وقال في الفروع وفي تعليق القاضي و المغني وغيرهما : الإقالة فسخ للعقد من حينه وهذا أظهر انتهى .
والذي رأينا في المغني : الإقالة فسخ للعقد ورفع له من أصله ذكره في الإقالة في السلم .
فلعل صاحب الفروع اطلع على مكان غير هذا أو هو - كما قال شيخنا في حواشيه - إن الضمير في قوله من حينه يرجع إلى العقد لا إلى الفسخ .
قلت : وهو بعيد .
وصرح أبو بكر [ في التنبيه ] بانفساخ النكاح لو نكحها المشتري ثم ردها بعيب بناء على أن الفسخ يرفع العقد من أصله انتهى .
وقال القاضي و ابن عقيل في خلافيهما : الفسخ بالعيب : رفع للعقد من حينه والفسخ بالخيار : رفع للعقد من أصله لأن الخيار يمنع اللزوم بالكلية ولهذا يمنع من التصرف في المبيع وثمنه بخلاف المعيب انتهيا .
وتلخص لنا في المسألة ثلاثة أوجه .
ثالثها : فرق بين الفسخ بالخيار وبين الفسخ بالعيب وأن المذهب : أنه فسخ للعقد من حينه