كتاب الشهادات .
وأحدها شهادة تطلق على التحمل والأداء وهي حجة شرعية تظهر الحق ولا نوجبه وهي : الأخبار بما علمه بلفظ خاص وتحملها في غير حق الله فرض كفاية وإذا تحملها وجبت كفايتها ويتأكد ذلك في حق رديء الحفظ وأداؤها فرض عين وإن قام بالفرض في التحمل والأداء اثنان سقط عن الجميع وإن امتنع الكل أثموا ويشترط في وجوب التحمل والأداء أن يدعى إليهما من تقبل شهادته ويقدر عليهما بلا ضرر يلحقه في بدنه أو ماله أو أهله أو عرضه ولا تبذل في التزكية ويختص الأداء بمجلس الحكم ومن تحملها أو رأى فعلا أو سمع قولا بحق لزمه أداؤها : على القريب والبعيد فيما دون مسافة القصر والنسب وغيره سواء ولو أدى شاهد وأبى الآخر وقال : احلف أنت بدلي أثم ولو دعي فاسق إلى تحملها فله الحضور ولو مع وجود غيره لأن التحمل لا يعتبر له العدالة ومن شهد مع ظهور فسقه لم يعذر لأنه لا يمنع صدقه فدل أنه لا يحرم أداء الفاسق ولا يضمن من باب فسقه ويحرم أخذ أجرة وجعل عليها : تحملا وأداء ولو لم تتعين عليه لكن إن عجز عن المشي أو تأذى به فله أخذ أجرة مركوب من رب الشهادة وفي الرعاية : وكذا مزك ومعرف ومترجم ومفت ومقيم حد وقود وحافظ مال بيت المال ومحتسب والخليفة ولا يقيمها على مسلم بقتل كافر ويباح لمن عنده شهادة بحد لله - أقامتها من غير تقدم دعوى ولا تستحب وتجوز الشهادة بحد قديم وللحاكم أن يعرض للشهود بالوقف عنها في حق الله تعالى : كتعريضه للمقربة ليرجع ومن عنده شهادة لآدمي يعلمها - لم يقمها حتى يسأله ولا يقدح فيه : كشهادة حسبة ويقيمها بطلبه ولو لم يطلبها حاكم ويحرم كتمها ويسن الإشهاد في كل عقد : سوى نكاح - فيجب ولا يجوز للشاهد أن يشهد إلا بما يعلمه برؤية أو سماع غالبا لجوازه ببقية الحواس قليلا فالرؤية تختص بالأفعال كالقتل والغصب والسرقة وشرب الخمر والرضاع والولادة ونحو ذلك فإن جهل حاضرا جاز أن يشهد في حضرته لمعرفة عينه وإن كان غائبا فعرفه من يسكن إليه - جاز أن يشهد ولو على امرأة وإن لم تتعين معرفتها لم يشهد مع غيبتها ويجوز أن يشهد على عينها إذا عرف عينها ونظر إلى وجهها قال أحمد : لا يشهد على امرأة حتى ينظر إلى وجهها وهذا محمول على الشهادة على من لم يتيقن معرفتها فأما من تيقن معرفتها وعرف صوتها يقينا فيجوز وقال أحمد أيضا : لا يشهد على امرأة إلا بإذن زوجها وهذا يحتمل أنه لا يدخل عليها بيتها إلا بإذن زوجها ولا تعتبر إشارته إلى مشهود عليه حاضر مع نسبه ووصفه وإن شهد بإقرار لم يعتبر ذكر سببه : كباستحقاق مال ولا قوله : طوعا في صحته مكلفا عملا بالظاهر وإن شهد بسبب يوجب الحق أو استحقاق غيره - ذكره والسماع ضربان : سماع من المشهود عليه : كالطلاق والعتاق والإبراء والعقود وحكم الحاكم وإنفاذه والإقرار ونحوها فيلزمه أن يشهد به على من سمعه وإن لم يشهده به لاستحقاقه أو مع العلم به وإذا قال المتحاسبان لا يشهدوا علينا بما يجري بيننا لم يمنع ذلك الشهادة ولزوم إقامتها وسماع من جهة الاستفاضة فيما يتعذر علمه غالبا به وبها : كالنسب والموت والملك المطلق والنكاح عقدا ودواما والطلاق والخلع وشرط الوقف ومصرفه والعتق والولاء والولاية والعزل وما أشبه ذلك فيشهد بالاستفاضة في ذلك كله ولا يشهد بها إلا عن عدد يقع العلم بخبرهم ولا يشترط ما يشترط في الشهادة على الشهادة ويكتفي بالسماع ويلزم الحكم بشهادة لم يعلم تلقيها من الاستفاضة ومن قال : شهدت بها ففرع وفي المغني شهادة أصحاب المسائل شهادة استفاضة لا شهادة على شهادة وقال القاضي : الشهادة بالاستفاضة خبر لا شهادة وقال : تحصل بالنساء والعبيد وإن سمع النساء فأقر بنسب أب أو ابن فصدقه المقر له جاز أن يشهد له به وإن كذبه لم يجز له أن يشهد له به وإن سكت جاز أن يشهد ومن رأى شيئا في يد إنسان مدة طويلة يتصرف فيه تصرف الملاك من نقض وبناء وإجارة وإعارة ونحوها جاز أن يشهد له بالملك والورع أن لا يشهد إلا باليد والتصرف خصوصا في هذه الأزمنة