فصل ومن ارتد عن الإسلام .
ومن ارتد عن الإسلام من الرجال والنساء وهو بالغ عاقل مختار دعي إليه ثلاثة أيام وضيق عليه وحبس : فإن تاب وإلا قتل بالسيف : إلا رسول الكفار إذا كان مرتدا بدليل رسولي : مسيلمة ولا يقتله إلا الإمام أو نائبه حرا كان المرتد أو عبدا ولا يجوز أخذ فداء عنه وإن قتله غيره بلا إذنه أساء وعزر ولم يضمن سواء قتله قبل الاستتابة أو بعدها : إلا أن يلحق بدار حرب فلكل قتله وأخذ ما معه من مال والطفل الذي لا يعقل والمجنون ومن زال عقله بنوم أو إغماء أو شرب دواء مباح - لا تصح ردته ولا إسلامه لأنه لا حكم لكلامه فإن ارتد وهو مجنون فقتله قاتل فعليه القود وإن ارتد في صحته ثم جن - لم يقتل في حال جنونه فإذا أفاق استتيب ثلاثا فإن تاب وإلا قتل وإن عقل الصبي الإسلام صح إسلامه وردته إن كان مميزا ومعنى عقل الإسلام : أن يعلم أن الله ربه لا شريك له وأن محمد عبده ورسوله فإذا اسلم حيل بينه وبين الكفار ويتولاه المسلمون ويدفن في مقابرهم إذا مات فإن قال بعده : لم أدر ما قلت أو قاله كبير - لم يلتفت إلى قوله وأجبر على الإسلام ولا تقتل المرتدة الحامل حتى تضع ولا الصغير حتى يبلغ ويستتاب بعده ثلاثة أيام فإن تاب وإلا قتل قال أحمد : فيمن قال لكافر : أسلم وخذ ألفا فأسلم فلم يعطه فأبى الإسلام - يقتل وينبغي أن يفي وإن أسلم على صلاتين قبل منه وأمر بالخمس ومثله إذا أسلم على الركوع دون السجود ونحوه ومن ارتد وهو سكران صحت ردته ولا يقتل حتى يصحو وتتم له ثلاثة أيام من حين صحوه ليستتاب فيها فإن تاب وإلا قتل وإن مات في سكره أو قتل مات كافرا وإن أسلم في سكره ولو أصليا صح إسلامه ثم يسأل بعد صحوه فإن ثبت على إسلامه فهو مسلم من حين إسلامه وإن كفر فهو كافر من الآن ولا تقبل في الدنيا أي في الظاهر توبة زنديق : وهو المنافق وهو من يظهر الإسلام ويخفي الكفر وكالحلولية والمباحية وكمن يفضل متبوعه على النبي A أو أنه إذا حصلت له المعرفة والتحقيق سقط عنه الأمر والنهي أو إن العارف المحقق يجوز له التدين بدين اليهود والنصارى ولا يجب عليه الاعتصام بالكتاب والسنة وأمثال هؤلاء ولا من تكررت ردته أو سب الله أو رسوله صريحا أو تنقصه ولا الساحر الذي يكفر بسحره ويقتلون بكل حال وأما في الآخرة فمن صدق منهم في توبته قبلت باطنا ومن أظهر الخير وأبطن الفسق فكالزنديق في توبته ومن كفر ببدعة قبلت ولو داعية وتقبل توبة القاتل فلو اقتص منه أو عفى عنه فهل يطالبه المقتول في الآخرة ؟ فيه وجهان قال ابن القيم : والتحقيق أن القتل يتعلق به ثلاثة حقوق - حق لله تعالى - وحق للمقتول - وحق للمولى فإذا أسلم القاتل نفسه طوعا واختيارا إلى الولي ندما على ما فعل وخوفا من الله وتوبة نصوحا - سقط حق الله تعالى بالتوبة وحق الأولياء بالاستيفاء أو الصلح أو العفو وبقي حق المقتول يعوضه الله عنه يوم القيامة عن عبده التائب ويصلح بينه وبينه