فصل وتقتل الجماعة بالواحد .
وتقتل الجماعة بالواحد إذا كان فعل كل واحد منهم صالحا للقتل به وإلا فلا ما لم يتواطؤا على ذلك وإن عفا عنهم الولي سقط القود ووجبت دية واجدة ويأتي حكم الاشتراك في الطريق فيما يوجب القصاص فيما دون النفس وإن جرحه واحد جرحا والآخر مائة - فهما سواء في القصاص والدية فإن قطع واحد يده وآخر رجله وأوضحه ثالث - فللولي قتل جميعهم : والعفو عنهم إلى الدية من كل واحد منهم ثلثها وله أن يعفو عن واحد فيأخذ منه ثلث الدية ويقتل الآخرين وله أن يعفو عن اثنين فيأخذ منهم ثلثيها ويقتل الثالث وإن برئت جراحة أحدهم ومات من الجرحين الآخرين فله أن يقتص من الذي برئ جرحه : مثل جرحه ويقتل الآخرين ويأخذ منهما دية كاملة أو يقتل أحدهما ويأخذ من الآخر نصف الدية وله أن يعفو عن الذي برئ جرحه ويأخذ منه دية جرحه وإن ادعى الموضح أن جرحه برئ قبل موته وكذبه شريكاه فإن صدقه الولي ثبت حكم البرء بالنسبة إليه فلا يملك قتله ولا مطالبته بثلث الدية وله أن يقتص منه موضحة أو يأخذ منه أرشها ولم يقبل قوله في حق شريكيه فإن اختار الولي القصاص فله قتلهما وإن اختار الدية لم يلزمهما أكثر من ثلثيها وإن كذبه الولي حلف وله الاقتصاص منه أو مطالبته بثلث الدية ولم يكن له مطالبة شريكيه بأكثر من ثلثيها وإن شهد له شريكاه ببرئها لزمهما الدية كاملة للولي أخذها منهما إن صدقهما وإن لم يصدقهما أو عفا إلى الدية لم يكن له أكثر من ثلثيها ونقبل شهادتهما إن كان قد تابا وعدلا فيسقط القصاص ولا يلزمه أكثر من موضحة وإن قطع واحد يده من الكوع وآخر من المرفق ومات - فهما قاتلان ما لم يبرأ الأول فإن برئ فالثاني فإن اندمل القطعان أقيد الأول بأن يقطع من الكوع والثاني إن كانت كفه مقطوعة أقيد أيضا فتقطع يده من المرفق وإن كان له كف فحكومة وإن قتله جماعة بأفعال لا يصلح واحد منها لقتله نحو أن يضربه كل واحد سوطا في حالة أو متواليا - فلا قود وفيه عن تواطئ وجهان : الصواب القود وإن فعل واحد فعلا لا تبقى معه الحياة : كقطع حشوته أو مريئه أو ودجيه ثم ضرب عنقه آخر فالقاتل هو الأول ويعزر الثاني كما يعزر جان على ميت وإن شق الأول بطنه أو قطع يده ثم ضرب الثاني عنقه فالثاني هو القاتل وعلى الأول ضمان ما تلف بالقصاص أو الدية ولو كان جرح الأول يفضي إلى الموت لا محالة إلا أنه لا يخرج به عن علم الحياة وتبقى معه الحياة المستقرة كخرق الأمعاء أو أم الدماغ وضرب الثاني عنقه فالقاتل الثاني وإن رماه من شاهق يجوز أن يسلم منه أولا وتلقاه آخر بسيف فقده أو رماه بسهر قاتل فقطع عنقه آخر قبل وقوع السهم به أو ألقى عليه صخرة فأطار آخر رأسه بالسيف قبل وقوعها عليه - فالقصاص على الثاني وإن ألقاه في لجة لا يمكنه التخلص منها فالتقمه حوت فالقود على الرامي وإن ألقاه في ماء يسير فأكله سبع أو التقمه حوت أو تمساح فإن علم الرامي بالحوت ونحوه - فالقود وإلا فالدية وإن أكره مكلفا على قتل معين فقتله فالقصاص عليهما وإن كان غير معين كقوله : أقتل زيدا أو عمرا أو اقتل أحد هذين - فليس إكراها فإن قتل أحدهما قتل وإن أكره سعد زيدا على أن يكره عمرا على قتل بكر فقتله - قتل الثلاثة جزم به في الرعاية الكبرى وإن دفع لغير مكلف آلة قتل : كسيف ونحوه ولم يأمره بقتل فقتل لم يلزم الدافع شيء وإن أمر عير مكلف أو عبده أو كبيرا عاقلا يجهلان تحريم القتل : كمن نشأ في غير بلاد الإسلام فقتل فالقصاص على الآمر ويؤدب المأمور وإن كان العبد ونحوه قد أقام في بلاد الإسلام بين أهلهل وادعى الجهل بتحريم القتل - لم يقبل والقصاص عليه ويؤدب السيد وإن أمره بزنا أو سرقة ففعل لم يجب الحد على الآمر : جهل المأمور التحريم أولا وإن أمره مكلفا عالما بالتحريم فعلى القاتل ويؤدب الآمر ولو قال مكلف غير قن لغيره : اقتلني أو اجرحني أو اقتلني وإلا قتلتك ففعل - فدمه وجرحه هدر ولو قاله قن ضمنه القاتل لسيده بمال فقط وإن قال له القادر عليه : اقتل نفسك وإلا قتلت أو اقطع يدك وإلا قطعتها فإكراه ومن أمر قن غيره بقتل قن نفسه أو أكرهه عليه - فلا شيء له وإن أمر السلطان بقتل إنسان بغير حق من يعلم ذلك فالقصاص على القاتل ويعزر الآمر وإن لم يعلم فعل الآمر وإن كان الآمر غير السلطان فالقصاص على القاتل بكل حال وإن أكرهه السلطان على قتل أحد أو جلده بغير حق فالقصاص عليهما لكن إن كان السلطان يعتقد جواز القتل دون المأمور كمسلم قتل ذميا أو حر قتل عبدا فقتله فقال القاضي : الضمان عليه دون الإمام قال الموفق : إلا أن يكون القاتل عاميا فلا ضمان عليه وإن كان الإمام يعتقد تحريمه والقاتل يعتقد حله - فالضمان على الآمر وإن أمسك إنسانا الآخر ليقتله : لا للعب والضرب فقتله : مثل إن أمسكه له حتى ذبحه - قتل القاتل وحبس الممسك حتى يموت ولا قود عليه ولا دية وإن كان الممسك لا يعلم أن القاتل يعتله فلا شيء عليه وكذا لو فتح فمه وسقاه الآخر سما : أو تبع رجلا ليقتله فهرب فأدركه خر فقطع رجله فحبسه أو أمسكه آخر ليقطع طرفه فلو قتل الولي الممسك فقال القاضي : يجب عليه القصاص وخالفه المجد وإن كتفه وطرحه في أرض مسبعة أو ذات حيات فقتله لزمه القود وإن كانت غير مسبعة لزمته الدية وتقدم في الباب