باب العارية .
وهي العين المعارة والإعارة : إباحة نفعها بغير عوض وهي مندوب إليها - ويشترط كونها منتفعا بها مع بقاء عينها وتنعقد بكل قول أو فعل يدل عليها كقوله : أعرتك هذا أو ابحتك الانتفاع به أو يقول المستعير : أعرني هذا أو أعطنيه أركبه أو أحمل عليه فيسلمه إليه ونحوه ويعتبر كون المعير أهلا للتبرع شرعا وأهلية مستعير للتبرع له وأن شرطا لها عوضا معلوما في مؤقته صح وتصير إجارة وأن قال : أعرتك عبدي على أن تعيرني فرسك فإجارة فاسدة غير مضمونة للجهالة وتصح إعارة الدراهم للوزن فان استعارها لينفقها أو استعار مكيلا أو موزونا فقرض وتصح في المنافع المباحة وإعارة كلب صيد وفحل للضراب وتحرم إعارة بضع وعبد مسلم لكافر لخدمته خاصة كإجارته لها وإعارة صيد وما يحرم استعماله في الإحرام لمحرم فأن فعل فتلف الصيد ضمنه منه بالجزاء وللمالك بالقيمة وإعارة عين لنفع محرم وكإعارة دار لمن يتخذها كنيسة أو يشرب فيها مسكرا أو يعصي الله فيها وكإعارة سلاح يؤذي عليها محترما وعبد أو أمه لغناء أو نوح أو زمر ونحوه وتجب إعارة مصحف لمحتاج إلى قراءة فيه ولم يجد غيره : أن لم يكن مالكه محتاجا إليه ولا تعار الأمة للاستمتاع فان وطئ مع العلم بالتحريم فعليه الحد وكذا هي أن طاوعته وولده رقيق وأن كان جاهلا فلا حد وولده حر ويلحق به وتجب قيمته للمالك ويجب مهر المثل فيهما ولو مطاوعة : إلا أن يأذن فيه السيد وأما للخدمة : فأن كانت برزة أو شوها جاز وكذا أن كانت شابة وكانت الإعارة لمحرم أو امرأة أو صبي وأن كانت لشاب كره خصوصا العزب وتحرم إعارتها وإعارة أمرد وأجارتهما لغير مأمون - وقال ابن عقيل : ( لا تجوز إعارتها للعزاب الذي لا نساء لهم من قرابات ولا زوجات ) وتحرم الخلوة بها والنظر إليها بشهوة وتكره استعارة أبويه للخدمة لأنه يكره للولد استخدامهما - وللمستعير الرد متى شاء ولمعير الرجوع متى شاء مطلقة كانت أو مؤقتة ما لم يأذن في شغله بشيء يستضر المستعير برجوعه - مثل أن يعيره سفينة لحمل متاعه أو لوحا يرقع به سفينة فرقعها به ولج في البحر فليس له الرجوع والمطالبة ما دامت في اللجة حتى ترسي وله الرجوع قبل دخولها البحر ولا لمن أعاره أرضا للدفن حتى يبلى الميت ويصير رميما قاله ابن البناء وله الرجوع قبل الدفن ولا لمن أعاره حائطا ليضع عليه أطراف خشبه أو لتعلية سترة عليه ما دام عليه وله الرجوع قبل الوضع وبعده : ما لم يبن عليه أو تكون العارية لازمة ابتداء فان خيف سقط الحائط بعد وضعه عليه لزم إزالته لأنه يضر بالمالك وأن لم يخف عليه لكن استغنى عن ابقائه عليه لم يلزم إزالته فان سقط عنه لهدم أو غيره لم يملك رده إلا بأذنه أو عند الضرورة أن لم يتضرر الحائط : سواء أعيد بآلته الأولى أو غيرها وتقدم في الصلح ولا لمن أعاره أرضا للزرع قبل الحصاد فان بذل المعير قيمة الزرع ليتملكه لم يكن له ذلك لأن له وقتا ينتهي إليه ألا أن يكون مما يحصد قصيلا فيحصده وقت أخذه عرفا وإذا أطلق المدة في العارية فله أن ينتفع بها ما لم يرجع أو ينقضي الوقت فأن كان المعار أرضا لم يكن له أن يغرس ولا يبني ولا يزرع بعد الوقت أو الرجوع فأن فعل شيئا من ذلك فكغاصب وأن أعارها لغرس أو بناء وشرط عليه القلع في وقت أو عند رجوعه ثم رجع لزمه القلع ولا يلزمه تسوية الأرض إلا بشرط وأن لم يشرط عليه القلع لم يلزمه : إلا أن يضمن له المعير النقص فأن قلع فعليه تسوية الأرض وأن أبى القلع في الحال التي لا يجبر فيها فللمعير أخذه بقيمته بغير رضا المستعير أو قلعه وضمان نقصه فأن أبى ذلك بيعا لهما فان أبيا البيع ترك بحاله واقفا وللمعير التصرف في أرضه على وجه لا يضر بالشجر وللمستعير الدخول لسقي وإصلاح وأخذ ثمرة وليس له الدخول لغير حاجة من التفرج ونحوه وأيهما طلب البيع وأبى الآخر أجبر عليه ولكل منهما بيع ما له منفردا لمن شاء فيقوم المشتري مقام البائع ولا أجرة على المستعير من حين رجوع في غرس وبناء وسفينة في لجة بحر وأرض قبل أن يبلى الميت بل في زرع ويجوز أن يستعير دابة ليركبها إلى موضع معلوم فان جاوزه فقد تعدى وعليه أجرة المثل للزائد خاصة وأن قال المالك : أعرتكها إلى فرسخ فقال المستعير : إلى فرسخين فالقول قول المالك وأن اختلفا في صفة العين حين التلف أو في قدر القيمة فقول مستعير وأن حمل السيل بذرا إلى أرض فنبت فيها فهو لصاحبه مبقي إلى الحصاد ولرب الأرض أجرة مثله وأن أحب مالكه قلعه فله ذلك وعليه تسوية الحفر وما نقصت وأن حمل غرسا فكغرس مشتر شقصا فيه شفعة وكذا حكم نوى وجوز ولوز ونحوه إذا حمل فنبت وأن حمل أرضا بشجرها فنبت في أرض أخرى كما كانت فهي لمالكها يجبر على إزالتها وأن ترك صاحب الأرض المتنقلة أو الشجر أو الزرع ذلك لصاحب الأرض التي انتقل إليها لم يلزمه نقله ولا أجرة ولا غير ذلك