حكم ما لو امتدت الأغصان في هواء الجار .
فصل : - وأن حصل في هوائه أو هواء جدار له فيه شركة أغصان شجر غيره فطالبه بإزالتها لزمه فان أبى لم يجبر لأنه ليس من فعله ويضمن ربها ما تلف بها بعد المطالبة ولمن حصلت في هوائه إزالتها بلا حكم حاكم فان أمكنه إزالتها بلا إتلاف ولا قطع ومن غير مشقة ولا غرامة : مثل أن يلويها ونحوه لم يجز له إتلافها فان أتلفها في هذه الحالة غرمها وأن لم يمكنه إزالتها إلا بقدر ونحوه فله ذلك ولا شيء عليه وأن صالح عن ذلك بعوض لم يصح : رطبا كان الغصن أو يابسا وفي المغني ( اللائق بمذهبنا صحته ) واختاره ابن حامد و ابن عقيل وجزم به جماعة وأن اتفقا على أن الثمرة له أو بينهما جاز ولم يلزم وفي المبهج في الأطعمة ( ثمرة غصن في هواء طريق عام للمسلمين ) وأن امتد من عروق شجرة إلى أرض جاره فأثرت ضررا كتأثيره في المصانع وطي الآبار وأساس الحيطان أو منعها من نبات شجر أو زرع لصاحب الأرض أو لم يؤثر - فالحكم في قطعه والصلح عنه كالحكم في الأغصان إلا أن العروق لا ثمر لها فان اتفقا على أن ما نبت من عروقها لصاحب الأرض أو جزءا معلوما منه فكالصلح على الثمرة فان مضت مدة ثم أبى صاحب الشجرة دفع نباتها إلى صاحب الأرض فعليه أجرة المثل وصلح من مال حائطه أو زلق خشبه إلى ملك غيره كغصن ولا يجوز أن يخرج إلى طريق نافذ جناحا : وهو الروشن ولا ظلة ولا ساباطا : وهو سقيفة بين حائطين أمام أو نائبه : أن لم يكن فيه ضرر وانتفاء الضرر في الساباط بحيث يمكن عبور محمل ونحوه تحته قال الشيخ ( والساباط الذي يضر بالمارة : مثل أن يحتاج الراكب أن يحني رأسه إذا مر هناك وأن غفل عن نفسه رمى عمامته أو شج رأسه ولا يمكن أن يمر هناك جمل عال إلا كسر قتبه والجمل المحمل لا يمر هناك فمثل هذا الساباط لا يجوز إحداثه على طريق المارة باتفاق المسلمين بل يجب على صاحبه إزالته فان لم يفعل كان على ولاة الأمور إلزامه بإزالته حتى يزول الضرر ولو كان الطريق منخفضا ثم أرتفع على طول الزمان وجب إزالته إذا كان الأمر على ما ذكر وقال : ومن كانت له ساحة يلقي فيها التراب والحيوان وتضرر الجيران بذلك فأنه يجب على صاحبها أن يدفع ضرر الجيران : إما بعمارتها أو بإعطائها لمن يعمرها أو يمنع أن يلقى فيها ما يضر بالجيران وقال : لا يجوز لأحد أن يخرج في طريق المسلمين شيئا من أجزاء البناء حتى أنه ينهى عن تجصيص الحائط : إلا أن يدخل في حده بقدر غلظ الجص ) انتهى - ولا يجوز أن يبني في الطريق دكانا ولو كان الطريق واسعا ولو بإذن إمام ولا أن يفعل ذلك في ملك إنسان ولا هوائه ولا درب غير نافد إلا بإذن أهله ويضمن ما تلف به ولا يسقط شيء من ضمانه بتأكل أصله فأن صالح عن ذلك بعوض صح ولو في الجناح والساباط بشرط كون ما يخرجه معلوم المقدار في الخروج والعلو ولا يجوز أن يحفر في الطريق النافذ بئرا لنفسه : سواء جعلها لماء المطر أو استخراج منها ماء ينتفع به وأن أراد حفرها للمسلمين لنفعهم في طريق ضيق أو كانت في ممر الناس بحيث يخاف سقوط إنسان فيها أو دابة أو يضيق عليهم ممرهم لم يجز وأن حفرها في زاوية من طريق واسع وجعل عليها ما يمنع الوقوع فيها جاز : كتمهيدها وبناء رصيف فيها وفي درب غير نافذ لا يجوز إلا بإذن أهله ولو صالح أهل الدرب عن ذلك بعوض جاز : سواء حفرها لنفسه أو للسبيل وكذا أن فعل ذلك في ملك إنسان وإذا كان ظهر داره في درب غير نافذ ففتح بابا لغير الأستطراق جاز له لأن له رفع جميع حائطه ولا يجوز الأستطراق إلا بأذنهم وأن صالحهم جاز ويجوز في درب نافذ - قال الشيخ ( وأن كان له باب في درب غير نافذ يستطرق منه استطراقا خاصا مثل أبواب السر التي يخرج منها النساء أو الرجل المرة بعد المرة هل له أن يستطرق منها استطراقا عاما ؟ ينبغي إلا يجوز هنا ) انتهى - ويحرم إحداثه في ملكه ما يضر بجاره ويمنع منه إذا فعله : كابتداء إحيائه : كحفر كنيف إلى جنب حائط جاره وبناء حمام يتأذى بذلك ونصب تنور يتأذى باستدامة دخانه وعمد دكان قصارة أو حدادة يتأذى بكثرة دقه وبهز الحيطان ورحى وحفر بئر ينقطع بها ماء بئر جاره وسقى واشتعال نار يتعديان إليه ونحو ذلك ويضمن ما تلف به بخلاف طبخه وخبزه فيه ويمنع من إجراء ماء الحمام في نهر غيره وأن كان هذا الذي حصل منه الضرر سابقا : مثل من له في ملكه مدبغة ونحوها فأحيا إنسان إلى جانبه مواتا أو بناه دارا يتضرر بذلك لم يلزمه إزالة الضرر وليس له منعه من تعلية داره ولو افضى إلى سد الفضاء عنه أو خاف نقص أجرة داره وأن حفر بئرا في ملكه فانقطع ماء بئر جاره أمر بسدها ليعود ماء البئر الأول فأن لم تعد كلف صاحب البئر الأول حفر البئر التي سدت لأجله من ماله ولو ادعى أن بئره فسدت من خلاء جاره أو بالوعته وكانت البئر أقدم منها طرح في الخلاء أو البالوعة نفط : فأن لم يظهر طعمه ولا رائحته في البئر علم أن فسادها بغيره وأن ظهر فيها ذلك كلف صاحب الخلاء والبالوعة نقل ذلك أن لم يمكن إصلاحه ولو كان لرجل مصنع فأراد جاره غرس شجرة مما تسرى عروقه : كشجرتين ونحوه فيشق حائط مصنع جاره ويتلفه لم يملك ذلك وكان لجاره منعه وقلعها أن غرسها ولو كان بابه في آخر درب غير نافذ ملك نقله إلى أوله إن لم يحصل منه ضرر : كفتحه مقابل باب غيره ونحوه ولم يملك نقله إلى داخل منه أن لم يأذن من فوقه أو يكون أعارته أن أذنوا وحيث نقله إلى أول الدرب فله رده إلى موضعه الأول ولو كان له داران متلاصقان ظهر كل واحد منهما إلى ظهر الأخرى وباب كل واحدة منهما في درب غير نافذ فرفع الحاجز بينهما وجعلهما دارا واحدة جاز وأن فتح من كل واحدة منهما بابا إلى الأخرى ليتمكن من التطرق من كل واحدة منهما إلى الدار جاز ولو كان في الدرب بابان فقط لرجلين : أحدهما قريب من باب الزقاق والآخر من داخله فتنازعا في الدرب حكم بالدرب من أوله إلى الباب الذي يليه بينهما وبما بعده إلى صدر الدرب للآخر يختص به ملكا له وله أن يجعله دهليزا لنفسه وأن يدخله في داره على وجه لا يضر بجاره ولا يضع على حائطه شيئا وليس له أن يفتح في حائط جاره ولا الحائط المشترك روزنة ولا طاقا ولا غيرهما من التصرفات حتى يضرب وتدا ولا أنه يعليه ولا يحدث عليه سترة ولا حائطا ولا خصا يحجز به بين السطحين إلا بإذن صاحبه وأن صالحه عن ذلك بعوض جاز وله الاستناد إليه وإسناد شيء لا يضره والجلوس في ظله ونظره في ضوء سراجه بلا إذن - قال الشيخ : العين والمنفعة التي لا قيمة لها عادة لا يصح أن يرد عليها عقد بيع وإجارة اتفاقا : كمسئلتنا - ولو كان له حق ماء يجري على سطح جاره لم يجز له تعلية سطحه ليمنع الماء ولو كثر ضرره وليس له وضع خشبه على حائط جاره أو المشترك إلا عند الضرورة : بإلا يمنكه التسقيف إلا به فيجوز ولو ليتيم ومجنون : ما لم يتضرر الحائط وليس له منعه منه إذن فأن أبى أجبره الحاكم وأن صالحه عنه بشيء جاز وكذا حكم جدار مسجد ومن ملك وضع خشبه على حائط فزال بسقوطه أو قلعه أو سقوط الحائط فله إعادته بشرطه ومتى وجده أو بناءه أو مسيل مائه ونحوه في حق غيره أو ماء : مجرى سطحه على سطح ولم يعلم سببه - فهو له لأن الظاهر وضعه بحق فان اختلفا فقول صاحب الخشب والبناء والمسيل مع يمينه فان زال فله إعادته وله أخذ عوض عنه ولو كان له وضع خشبه على جدار غيره لم يملك إجارته ولا إعارته ولا بيعه ولا المصالحة عنه للمالك ولا لغيره لأنه أبيح له من حق غيره لحاجته ولو أراد صاحب الحائط أعارته أو إجارته على وجه يمنع هذا المستحق من وضع خشبه لم يملك ذلك ولو أراد هدم الحائط لغير حاجة لم يملك ذلك وأن احتاج إلى ذلك للخوف من انهدامه أو لتحويله إلى مكان آخر أو لغرض صحيح ملك ذلك ولو أذن صاحب الحائط لجاره في البناء على حائطه أو وضع سترة أو خشبه عليه في الموضع الذي لا يستحق وضعه جاز وصار عارية لازمة - ويأتي - وأن أذن في ذلك بأجرة جاز : سواء كانت إجارة أو صلحا على وضعه على التأبيد ومتى زال فله أعادته ويشترط معرفة البناء والعرض والطول والسمك والآلات من الطين واللبن أو الطين والآجر وما أشبه ذلك وإذا سقط الحائط الذي عليه البناء أو الخشب في أثناء مدة الإجارة سقوطا لا يعود انفسخت الإجارة فيما بقي من المدة ورجع من الأجر بقسط ما بقي من المدة وأن أعيد رجع من الأجرة بقدر مدة السقوط وأن صالحه مالك الحائط على رفع خشبه أو بقائه بشيء معلوم جاز : سواء كان ما صالحه به مثل العوض الذي صولح به على وضعه أو أقل أو أكثر وكذلك لو كان له مسيل ماء في أرض غيره أو ميزاب أو غيره فصالح صاحب الأرض مستحق ذلك بعوض ليزيله عنه جاز وأن كان الخشب أو الحائط قد سقط فصالحه بشيء على ألا يعيده جاز