ربا النسيئة .
فصل : - وأما ربا النسيئة : فكل شيئين ليس أحدهما نقدا : بأن باع مدبر بجنسه أو بشعير ونحوه أو بنحاس ونحوه - لا يجوز النساء فيهما فيشترط الحلول والقبض في المجلس فأن تفرقا قبله بطل العقد وأن كان أحدهما نقدا ولو في صرف فلوس نافقة به وأن اختلفت العلة فيهما كما لو باع مكيلا بموزون - جاز التفرق قبل القبض والنساء وما كان مما ليس بمكيل ولا موزون : كثياب وحيوان وغيرهما يجوز النساء فيه متساويا أو متفاضلا ولا يصح بيع كالىء بكالىء وله صور منها بيع ما في الذمة حالا من عروض وأثمان بثمن إلى أجل لمن هو عليه أو لغيره ومنها لو كان لكل واحد من اثنين دين على صاحبه من غير جنسه : كالذهب والفضة وتصارفا ولم يحضرا شيئا أو كان عنده أمانة جاز ولا يجبر أحدهما على ما لا يريده ولو كان لرجل على رجل دينار فقضاه دراهم شيئا بعد شيء : فأن كان يعطيه كل درهم بحسابه من الدينار صح فأن لم يفعل ثم تحاسبا بعد وصارفه بها وقت المحاسبة لم يجز وأن صارفه عما في ذمته ولو كان مؤجلا بعين مقبوضة بالمجلس صح .
فصل : - في المصارف : وهي بيع نقد بنقد والقبض في المجلس شرط لصحته فان طال المجلس أو تماشيا مصطحبين إلى منزل أحدهما أو إلى الصراف فتقابضا عنده جاز ويجوز في الذمم بالصفة لأن المجلس كحالة العقد فمتى افترقا قبل التقابض أو افترقا عن مجلس السلم قبل قبض رأس ماله بطل العقد وأن قبض البعض فيهما ثم افترقا كفرقه خيار المجلس بطل فيما لم يقبض فقط ولو وكل المتصارفان أو أحدهما من يقبض له فتقابض الوكيلان قبل تصرف الموكلين جاز وأن تفرقا قبل القبض بطل الصرف : افترق الوكيلان أولا ولو كان عليه دنانير ودراهم فوكل غريمه في بيع داره واستيفاء دينه من ثمنها فباعها بغير جنس ما عليه لم يجز أن يأخذ منها قدر حقه لأنه لم يأذن له في مصارفة نفسه وأن مات أحد المتصارفين قبل التقابض بطل لا بعده وان تصارفا على عينين من جنسين ولو بوزن متقدم أو أخبار صاحبه وظهر غصب أو عيب في جميعه ولو يسيرا من غير جنسه : كنحاس في الدراهم والمس في الذهب بطل العقد وأن ظهر في بعضه بطل العقد فيه فقط فأن كان العيب من جنسه : كالسواد في الفضة الخشونة وكونها تنفطر عند الضرب أو أن سكنها مخالفة لسكة السلطان - فالعقد صحيح وله الخيار فأن رده بطل وأن امسكه فله أرشه في المجلس وكذا بعده أن جعل من غير جنس الثمن وكذا سائر اموال الربا أن بيعت بغير جنسها فلو باع تمرا بشعير فوجد بأحدهما عيبا فأخذ أرشه درهما ونحوه جاز ولو بعد التفرق وأن تصارفا في الذمة على جنسين والعيب من جنسه : فأن وجد فيه قبل التفرق فالعقد صحيح وله أخذ بدله أو أرشه قبل التفرق وأن وجد بعد التفرق لم يبطل العقد أيضا وله امساكه مع أرش ورده وأخذ بدله في مجلس الرد فأن تفرقا قبل اخذ بدله في مجلس الرد بطل فلو ظهر بعضه معيبا فحكمه ما لو وجد جميعه وأن كان من غير جنسه فالعقد صحيح وله رده قبل التفرق وأخذ بدله وبعده يفسد العقد وأن عين أحدهما دون الآخر فلكل حكم نفسه وكذا الحكم فيهما إذا كانت المصارفة أو ما يجري فيه الربا من جنس واحد : إلا أنه لا يصح أخذ أرش ومتى فضة بدينار ونصف ودفع إلى البائع دينارين ليأخذ قدر حقه منه فأخذه ولو بعد التفرق صح والزائد أمانة في يده ولو صارفه خمسة دراهم بنصف دينار فاعطاه دينارا صح ويكون نصفه له والباقي امانة في يده ويتفرقان ثم أن صارفه بعد ذلك للباقي له منه أو اشترى به منه شيئا أو جعله سلما في شيء أو وهبه إياه جاز ولو اقترض الخمسة منه وصارفه بها عن الباقي أو صارفه دينارا ثم اقترض منه ودفعها عن الباقي صح بلا حيلة ومن عليه دينار فقضاه دراهم متفرقة : كل نقدة بحسابها من الدينار صح وإلا فلا ويصح اقتضاء نقد من آخر أن حضر أحدهما أو كان امانة عنده والآخر في الذمة مستقر بسعر يومه ولا يشترط حلول وأن كان في ذمتيهما فاصطرفا لم يصح وتقدم بعضه ولو كان لرجل على رجل عشرة دنانير فوفاه نقدا فوجدها أحد عشر كان الدينار الزائد في يد القابض مشاعا مضمونا لمالكه وأن كان له عنده دينار وديعة فصارفه به وهو معلوم بقاؤه أو مظنون صح الصرف وأن ظن عدمه لم يصح وأن شك فيه صح فان تيقن عدمه حين العقد تبينا أن العقد وقع باطلا والدراهم والدنانير تتعين بالتعيين في جميع عقود المعارضات : كبيع وصلح بمعناه واجرة وصداق وعوض عتق وخلع وما صولح به عن دم عمد أو غيره فلا يصح ولا يجوز للمشتري إبدالها ويبطل العقد بكونها مغصوبة ويملكها بائع بمجود التعيين فيصح تصرفه فيها قبل قبضها وأن تلفت فمن ضمانه وأن وجدها البائع معيبة من غير جنسها بطل العقد فقط ومن جنسها خير بين فسخ وإمساك بلا أرش أن كان العقد على جنس وإلا فله أخذ أرش في المجلس وبعده أن جعلاه من غير جنس الثمن كما تقدم ويحصل التعيين بالإشارة كقوله : بعتك هذا الثوب بهذه الدراهم أو بهذه فقط من غير ذكر الدراهم أو بعتك هذا بهذا يحرم الربا بين المسلمين وبين المسلم والحربي في دار الإسلام ودار الحرب ولو لم يكن بينهما امان ما لم يكن بينه وبين رقيقه ولو مدبرا أو أم ولد ومكاتبا في مال الكتابة ونجوز المعاملة بمغشوش من جنسه لم يعرف وكذا بغير جنسه وكذا يجوز ضربه إذا كان شيئا اصطلحوا عليه : كالفلوس ولأنه لا تغرير فيه لكن يكره وأن اجتمعت عنده دراهم زيوف فأنه يسلبها ولا يبيعها ولا يخرجها في معاملة ولا صدقة فان قابضها ربما خلطها بدراهم جيدة واخرجها على من لا يعرف حالها فيكون تغريرا للمسلمين وكان ابن مسعود يكسر الزيوف وهو على بيت المال وتقدم بعض ذلك في زكاة الذهب وتقدم كلام الشيخ في الكيمياء - وقال : لا يجوز بيع الكتب التي تشتمل على معرفة صناعتها ويجوز إتلافها انتهى - ويحرم قطع درهم ودينار وكره ولو لصياغة واعطاء سائل إلا أن يكون رديئا أو يختلف في شيء منها هل هو جيد أو ردىء فيجوز كسره استظهارا لحاله وتكره كتابة القرآن على الدرهم والدينار والحياصة قال أبو المعالي : ونثرها على الراكب وأول ما ضربت الدراهم على عهد الحجاج ولا يجوز بيع تراب الصاغة والمعدن بشيء من جنسه والحيل التي تحرم حلالا أو تحلل حراما كلها محرمة لا تجوز في شيء من الدين وهي أن يظهر عقدا يريد به محرما مخادعة وتوصلا إلى فعل ما حرم الله أو اسقاط واجب أو دفع حق فمنها لو أقرضه شيئا وباعه سلعة بأكثر من قيمتها أو اشترى منه سلعة بأقل من قيمتها توسلا إلى أخذ العوض عن القرض ومنها أن يستأجر أرض البستان بامثال أجرتها ثم يساقيه على ثمر شجر بجزء من ألف للمالك والباقي للعامل ولا يأخذ المالك منه شيئا ولا يريدان ذلك وإنما قصدهما بيع الثمرة قبل وجودها بما سمياه والعامل لا يقصد سوى ذلك وربما لا ينتفع بالأرض التي سمى الأجرة في مقابلتها وقد ذكر ابن القيم في أعلام الموقعين من ذلك صورا كثيرة جدا يطول ذكرها فلتعاود