باب الآنية .
21ـ - مسألة : ( لا يجوز استعمال آنية الذهب والفضة في طهارة ولا غيرها لما روى حذيفة أن النبي A قال : [ لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافها فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة ] وقال عليه السلام : [ الذي يشرب في آنية الذهب والفضة فإنما يجرجر في بطنه نار جهنم ] متفق عليهما توعد عليه بالنار فدل على تحريمه ولأن فيه سرفا وخيلاء وكسر قلوب الفقراء .
22ـ - مسألة : ( وحكم المضبب بهما حكمهما ) لأنه إذا استعمله فقد استعملهما ( إلا أن تكون الضبة يسيرة من الفضة ) كتشعب القدح فلا بأس بها إذا لم يباشرها بالاستعمال لما [ روي أن قدح رسول الله A انكسر فاتخذ مكان الشعب سلسلة من فضة ] رواه البخاري واشترط أبو الخطاب أن يكون لحاجة لأن الرخصة وردت في شعب القدح وهو لحاجة وقال القاضي : يباح من غير حاجة لأنه يسير .
23ـ - مسألة : ( ويجوز استعمال سائر الآنية الطاهرة واتخاذها ) ولو كانت ثمينة مثل الياقوت والبلور والعقيق وغير ثمينة كالخزف والخشب والصفر والجلود لأن النبي A توضأ من تور من صفر وتور من حجارة ومن قربة وإداوة واغتسل من جفنة - روى البخاري من تور الصفر - وإنما جاز استعمال الثمين لأنه ليس فيه كسر قلوب الفقراء لأنه لا يعرفه إلا خواص الناس .
24ـ - مسألة : ( ويجوز استعمال أواني أهل الكتاب وثيابهم ما لم تعلم نجاستها ) .
وهم قسمان : من لا يستحل الميتة كاليهود فأوانيهم طاهرة [ لأن النبي A أضافه يهودي بخبز وإهالة سنخة ] أخرجه الإمام أحمد C في الزهد وتوضأ عمر Bه من جرة نصرانية والثاني : من يستحل الميتات كعباد الأصنام والمجوس وبعض النصارى فما لم يستعملوه من آنيتهم فهو طاهر وما استعملوه فهو نجس لما روى أبو ثعلبة الخشني قال : [ قلت : يا رسول الله إنا بأرض قوم من أهل الكتاب أفنأكل في آنيتهم ؟ قال : لا تأكلوا فيها إلا أن لا تجدوا غيرها فاغسلوها ثم كلوا فيها ] متفق عليه وما شك في استعماله فهو طاهر لأن الأصل طهارته وذكر أبو الخطاب أن أواني الكفار طاهرة كذلك وفي كراهية استعمالها روايتان : إحداهما : يكره لهذا الحديث والثانية : لا يكره لأن النبي A أكل فيها فأما ثيابهم فما لم يلبسوا أو علا من ثيابهم كالعمامة والطيلسان فهو طاهر لأن النبي A وأصحابه كانوا يلبسون ثيابا من نسج الكفار وما لاقى عوراتهم فقال الإمام أحمد Bه : أحب إلي أن يعيد إذا صلى فيها فيحتمل وجوب الإعادة وهو قول القاضي لأنهم يتعبدون بالنجاسة ويحتمل أن لا يجب وهو قول أبي الخطاب لأن الأصل الطهارة فلا تزول عنها بالشك وعنه أن من لا تحل ذبيحتهم لا يستعمل ما استعملوه من آنيتهم إلا بعد غسلها لحديث أبي ثعلبة لأنه يدل على غسل آنية من لا تحل ذبيحته لكونه أمر بغسل آنية أهل الكتاب وإن كانت ذبائحهم حلالا .
25ـ - مسألة : ( وصوف الميتة وشعرها طاهر ) لأنه لا روح فيه ولا يحله الموت فلا ينجس بالموت كالبيض إذا كان في الدجاجة ودليل أنه لا روح فيه أنه لا يحس ولا بألم ولأنه لو انفصل حال الحياة كان طاهرا ولو كانت فيه حياة لتنجس بذلك لقوله عليه السلام : [ ما أبين من حي فهو ميت ] رواه الترمذي بمعناه وقال : حديث حسن غريب والنمو لا يدل على الحياة بدليل الحشيش والبيض .
26ـ - مسألة : ( وكل جلد ميتة دبغ أو لم يدبغ فهو نجس ) لما روى أحمد في مسنده بإسناده عن عبد الله بن عكيم أن النبي A كتب إلى جهينة : [ كنت رخصت لكم في جلود الميتة فإذا أتاكم كتابي هذا فلا تنتفعوا منها بإهاب ولا عصب ] قال الإمام أحمد إسناده جيد يرويه يحيى بن سعيد عن شعبة عن الحكم عن ابن أبي ليلى قال الترمذي : سمعت أحمد بن الحسن يقول : كان أحمد بن حنبل يذهب إلى هذا الحديث لما ذكر فيه قبل وفاته بشهرين وكان يقول : هذا آخر أمر رسول الله A ثم ترك أحمد هذا الحديث لما اضطربوا في إسناده حيث روى بعضهم فقال : عن عبد الله ابن عكيم عن أشياخ من جهينة ولأنه جزء من الميتة فلم يطهر بالدباغ كاللحم وعنه يطهر منها جلد ما كان طاهرا حال الحياة [ لأن النبي A وجد شاة ميتة فقال : هلا انتفعتم بجلدها قالوا : إنها ميتة قال : إنما حرم أكلها ] وفي لفظ : [ ألا أخذوا إهابها فدبغوه فانتفعوا به ] رواه مسلم وفي حديث ابن عباس أن النبي A قال : [ إذا دبغ الإهاب فقد طهر ] .
27ـ - مسألة : ( وكذلك عظامها ) لأن ذلك من أجزائها فيدخل في عموم قوله سبحانه : { حرمت عليكم الميتة } 'سورة المائدة الآية : 3 ' .
28ـ - مسألة : ( وكل ميتة نجسة ) لقوله سبحانه : { حرمت عليكم الميتة } ( إلا الآدمي ) لأن النبي A قال لأبي هريرة : [ سبحان الله إن المؤمن لا ينجس ] متفق عليه ولم يفرق بين الحياة والموت ولأنه لو نجس بالموت لم يجب غسله لأنه يكون تكثيرا للنجاسة وعنه ما يدل على نجاسته بالموت لأنه حيوان له نفس سائلة أشبه سائر الحيوانات .
29ـ - مسألة : ( وحيوان الماء الذي لا يعيش إلا فيه ) طاهر إذا مات حلال الأكل [ لقول النبي A في البحر : هو الطهور ماؤه الحل ميتته ] قال الترمذي : حديث حسن صحيح وقال الله سبحانه : { أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم } 'سورة المائدة الآية : 96 ' وحل الأكل يدل على الطهارة لأن النجس لا يحل أكله .
30ـ - مسألة : ( وما لا نفس له سائله ) إذا مات فهو طاهر ( إذا لم يكن متولدا من النجاسات ) لأن النبي A قال : [ إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليمقله - أي يغمسه - ثلاث مرات ثم ليطرحه فإن في أحد جناحيه شفاء وفي الآخر داء وأنه يتقي بالذي فيه الداء ] قال ابن المنذر : ثبت أن رسول الله A قال ذلك ولولا أنه طاهر بعد موته لما أمر بمقله ثلاثا : لأن الظاهر أنه يموت بذلك فيتنجس الطعام فيكون أمرا بإفساده ولأنه لا نفس له سائلة أشبه دود الخل فإنه لا ينجس المائع الذي تولد منه إجماعا وأما ما تولد من النجاسات فينجس لأن أصله نجس