باب زكاة السائمة .
( هي الراعية ) في أكثر الحول لأنها لا تخلو من علف في بعضه فاعتباره في الحول يمنع الوجوب بالكلية فاعتبر في معظمه ( وهي ثلاثة أنواع : أحدهما الإبل ولا شئ فيها حتى تبلغ خمسا فيجب فيها شاة ) لما روى البخاري [ عن أنس أن أبا بكر كتب له حين وجهه إلى البحرين : بسم الله الرحمن الرحيم هذه فريضة الصدقة التي فرضها رسول الله A على المسلمين والتي أمر الله بها رسول الله A : في أربع وعشرين من الإبل فما دونها من الغنم في كل خمس شاة ] ( فإذا بلغت خمسا وعشرين إلى خمس وثلاثين ففيها بنت مخاض فإن لم تكن بنت مخاض فابن لبون ذكر فإذا بلغت ستا وثلاثين إلى خمس وأربعين ففيها بنت لبون أنثى فإذا بلغت ستا وأربعين ففيها حقة طروقة الجمل فإذا بلغت إحدى وستين إلى خمس وسبعين ففيها جذعة فإذا بلغت ستا وسبعين إلى تسعين ففيها ابنتا لبون فإذا بلغت إحدى وتسعين إلى عشرين ومائة ففيها حقتان طروقتا الجمل ) فإذا زادت على عشرين ومائة ففي كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقة ومن لم يكن معه إلا أربع من الإبل فليست فيها صدقة إلا أن يشاء ربها فإذا بلغت خمسا من الإبل ففيها شاة وهذا مجمع عليه إلى أن تبلغ عشرين ومائة قاله ابن المنذر ( فإذا زادت على عشرين ومائة واحدة ففيها ثلاث بنات لبون ) لأن في حديث الصدقات الذي كتبه النبي A وكان عند آل عمر [ فإذا كانت إحدى وعشرين ومائة ففيها ثلاث بنات لبون ] وهو حديث حسن وبنت مخاض التي لها سنة وقد حملت أمها فهى بنت مخاض يعني بنت حامل وبنت اللبون التي لها سنتان سميت بذلك لأن أمها ولدت غيرها فهي ذات لبن والحقة لها ثلاث سنين سميت بذلك لأنها استحقت أن يطرقها الفحل والجذعة لها أربع سنين .
414 - ـ مسألة : ( في كل خمسين حقة وفي كل أربعين بنت لبون إلى مائتين فيجتمع فيها الفرضان فإن شاء أخرج خمس بنات لبون ) للخبز .
415 - ـ مسألة : ( ومن وجبت عليه سن فلم يجدها أخرج أدنى منها ومعها شاتان أو عشرون درهما وإن شاء أخرج أعلى منها وأخذ شاتين أوعشرين درهما ) لما روى أنس في كتاب الصدقات الذي كتبه أبو بكر قال : ومن بلغت عنده من الإبل صدقة الجذعة وليست عنده جذعة وعنده حقة فإنها تقبل منه الحقة ويجعل معها شاتين إن استيسرنا له أو عشرين درهما ومن بلغت عنده صدقة الحقة وليست عنده حقة وعنده جذعة فإنها تقبل منه ويعطيه المصدق شاتين أو عشرين درهما ومن بلغت عنده صدقة الحقة وليست عنده إلا بنت لبون فإنها تقبل منه بنت اللبون ويعطي شاتين أوعشرين درهما ومن بلغت عنده صدقة بنت لبون وعنده حقه فإنها تقبل منه ويعطيه المصدق شاتين أوعشرين درهما والخيرة في ذلك كله لرب المال للخبر .
( النوع الثاني البقر ولا شئ فيها حتى تبلغ ثلاثين فيجب فيها تبيع أو تبيعة لها سنة إلى أربعين ففيها مسنة لها سنتان إلى ستين ففيها تبيعان إلى سبعين ففيها تبيع ومسنة ثم في كل ثلاثين تبيع وفي كل أربعين مسنة ) لما روى الإمام أحمد بإسناده عن يحيى بن الحكم أن معاذا قال : [ بعثني رسول الله A أصدق أهل اليمن فأمرني أن آخذ من البقر من كل ثلاثين تبيعا ومن كل أربعين مسنة ومن الستين تبيعين ومن السبعين مسنة وتبيعا ومن الثمانين مسنتين ومن التسعين ثلاثة أتباع ومن المائة مسنة وتبيعين ومن العشر ومائة مسنتين وتبيعا ومن العشرين ومائة ثلاث مسنات أو أربعة أتباع وأمرني ألا آخذ فيما بين ذلك شيئا إلا أن تبلغ مسنة أو جذعا ] .
( النوع الثالث الغنم ولا شئ فيها حتى تبلغ أربعين ففيها شاة إلى عشرين ومائة فإذا زادت واحدة ففيها شاتان إلى مائتين فإذا زادت واحدة ففيها ثلاث شياه ثم في كل مائة شاة ) لما روى أنس في كتاب الصدقات وفي سائمة الغنم إذا كانت أربعين إلى عشرين ومائة شاة فإذا زادت واحدة على عشرين ومائة ففيها شاتان فإذا زادت على مائتين إلى ثلاث مائة ففيها ثلاث شياه فإذا زادت على ثلاث مائة ففي كل مائة شاة فإذا كانت سائمة الرجل ناقصة عن أربعين شاة واحدة فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها وعن الإمام أحمد أن في ثلاث مائة وواحدة أربع شياه ثم في كل مائة شاة اختارها أبو بكر لأن النبي A جعل الثلاث مائة غاية فيجب تعيين الفرض بالزيادة عليها والأول أصح ولأن النبي A جعل حكمها إذا زادت على ثلاث مائة في كل مائة شاة فإيجاب أربع فيما دون الأربع مائة يخالف الخبر وإنما جعل الثلاث مائة حدا لاستقرار الفرض .
416 - ـ مسألة : ( ولا يؤخذ في الصدقة تيس ولا هرمة ولا ذات عوار وهي المعيبة ) لقوله سبحانه : { ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون } 'سورة البقرة : الآية 267 ' وروى أنس في كتاب الصدقات : [ ولا يجزئ في الصدقة هرمة ولا ذات عوار ولا تيس ] .
417 - ـ مسألة : ( ولا تؤخذ الربى ) وهي التي تربي ولدها لأجل ولدها ولا الحامل التي حان ولادها وهي ( الماخض ولا الأكولة ) وهي السمينة .
418 - ـ مسألة : ( ولا يؤخذ شرار المال ولا كرائمه ) لقوله A : [ إن الله لم يسألكم خيره ولا يأمركم بشره ] رواه أبو داود وقال عليه السلام لمعاذ : [ إياك وكرائم أموالهم ] متفق عليه وقال الزهري : إذا جاء المصدق قسم الشاة ثلاثا ثلثا خيارا وثلثا شرارا وثلثا وسطا ويأخذ المصدق من الوسط .
419 - ـ مسألة : ( إلا أن يتبرعوا به ) يعني أرباب المال إذا تبرعوا بالخيار جاز أخذه لأن المنع من أخذه لحقه فجاز برضاه كما لو دفع فرضين مكان فرض .
420 - ـ مسألة : ( ولا يخرج إلا الأنثى الصحيحة إلا في ثلاثين من البقر وابن لبون مكان بنت مخاض إذا عدمها ) لورود النص فيها فيما سبق ولفضيلة الأنثى بدرها ونسلها .
421 - ـ مسألة : ( إلا أن تكون ماشية كلها ذكور فيجزىء واحد منها ) لأنها الزكاة وجبت مواساة والمواساة إنما تكون بجنس المال .
422 - ـ مسألة : ( ولا يخرج إلا جذعة من الضأن أو ثنية من المعز ) وهي التي لها سنة وجذع الضأن له ستة أشهر ( والسن المنصوص عليها ) قال سويد بن غفلة : [ أتانا مصدق رسول الله A وقال : أمرنا أن نأخذ الجذعة من الضأن والثنية من المعز ولأن جذعة الضأن تجزئ من الأضحية بخلاف جذعة المعز بدليل قوله لأبي بردة في جذعة المعز : تجزيك ولا تجزئ عن أحد بعدك ] .
423 - ـ مسألة : ( إلا أن يختار رب المال إخراج سن أعلى من الواجب ) لما رود أبو داود [ عن أبي بن كعب أن رجلا قدم على النبي A فقال : يا نبي الله أتاني رسولك ليأخذ مني صدقة مالي فزعم أن مالي فيه بنت مخاض فعرضت عليه ناقة فتية سمينة فقال له رسول الله A : ذلك الذي وجبت عليك فإن تطوعت بخير آجرك الله فيه وقبلناه منك فقال : ها هي ذه يا رسول الله فأمر رسول الله A بقبضها ودعا له بالبركة ] .
424 - ـ مسألة : ( أو تكون ماشيته كلها صغارا فيخرج صغيرة ) ويتصور ذلك إذا كان عنده نصاب كبار فأبدلها بصغار في أثناء الحول أو تولدت الكبار ثم ماتت وحال الحول على الصغار فيجوز إخراج الصغيرة لقول أبي بكر Bه : [ لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول A لقاتلتهم عليها ] ولا تؤدى العناق إلا عن الصغار .
425 - ـ مسألة : ( وإن كان فيها صحاح ومراض وذكور وإناث أخرج صحيحة كبيرة على قدر المالين ) لأن الزكاة وجبت مواساة فيجب أن تكون من رأس المال .
426 - ـ مسألة : ( وإن كان فيها بخاتي وعراب وبقر وجواميس ومعز وضأن وكرام ولئام وسمان ومهازيل أخذت الفريضة من أحدهما على قدر قيمة المالين ) فإن كانت قيمة الفرض من أحدهما عشرة ومن الآخر عشرين أخذ من أيهما شاء ما قيمته خمسة عشر إلا أن يرضى رب المال بإخراج الأجود .
427 - ـ مسألة : ( وإن اختلط جماعة في نصاب من السائمة حولا كاملا وكان مرعاها وفحلها ومبيتها ومشربها واحدا فحكم زكاتها حكم زكاة الواحد ) سواء كانت خلطة أعيان بأن تكون مشاعا بينهما أو خلطة أوصاف بأن يكون مال كل واحد منهما متميزا فخلطاه واشتركا في المراح والمسرح والمحلب والمشرب والراعي والفحل فإن اختل شرط منها أو ثبت لهما حكم الانفراد في بعض الحول زكيا زكاة المنفردين فيه والأصل في الخلطة ما روى أنس في حديث الصدقات : [ ولا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية ] ولأن المالين صارا كالمال الواحد في الكلف فكذلك في الصدقة .
428 - ـ مسألة : ( ويعتبر للخلطة شروط أربعة : الأول أن يكون الخليطان من أهل الزكاة فإن كان أحدهما مكاتبا أو ذميا فلا أثر لخلطته لأنه لا زكاة في ماله فلم يكمل النصاب به الثاني أن يختلطا في نصاب فإن كان دونه مثل ثلاثين شاة لم تؤثر الخلطة سواء كان لهما مال سواه أو لم يكن لأن المجتمع دون النصاب الثالث أن تكون الخلطة في السائمة فلا تؤثر في غيرها لأن النص اختص بها الرابع أن يختلطا في ستة أشياء لا يتميز أحدهما عن صاحبه فيها وهي : المسرح والمشرب والمحلب والمراح والراعي والفحل لما روى الدارقطني بإسناده عن سعد بن أبي وقاص قال : [ سمعت رسول الله A يقول : لا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة ] ( 2 / 114 ) والخليطان ما اجتمعا في الحوض والفحل والراعي نص على هذه الثلاثة فنبه على سائرها ولأنه إذا تميز كل مال بشئ مما ذكرنا لم يصيرا كمال الواحد في المؤنة الخامس أن يختلطا في جميع الحول فإن ثبت لهما حكم الانفراد في بعضه زكيا زكاة المنفردين فيه لأن الخلطة معنى يتعلق به إيجاب الزكاة فاعتبرت في جميع الحول كالنصاب .
429 - ـ مسألة : ( وإذا أخرج الفرض من مال أحدهم رجع على خلطائه بحصصهم منه ) [ لقوله عليه السلام : وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية ] رواه أنس في حديث الصدقات .
430 - ـ مسألة : ( ولا تؤثر الخلطة في غير السائمة ) وعنه تؤثر في شركة الأعيان لعموم الخبر ولأنه مال تجب فيه الزكاة فأثرت فيه الخلطة كالسائمة ودليل الأولى قوله A : [ الخليطان ما اجتمعا على الحوض والراعي والفحل ] رواه الدارقطني ( 2 / 104 ) وهذا مفسر للخلطة شرعا فيجب تقديمه ولأن الخلطة في السائمة أثرت في الضرر كتأثيرها في النفع وفي غيرها لا تؤثر في النفع لعدم الوقص فيها وقوله عليه السلام : لا يجمع بين متفرق خشية الصدقة دليل على اختصاص ذلك بالسائمة التي تقل الصدقة بجمعها لأجل الأوقاص بخلاف غيرها