باب صفة الصلاة .
208 - ـ مسألة : ( وإذا قام إلى الصلاة قال : الله أكبر ) والسنة أن يقوم إليها عند قول المؤذن : قد قامت الصلاة لأنه دعا إلى القيام فاستحب المبادرة إليها عنده والقيام فيها ركن لقوله سبحانه : { وقوموا لله قانتين } ' سورة البقرة الآية : 238 ' [ وقال عليه السلام لعمران : صل قائما ثم يقول : الله أكبر وهي ركن لقوله عليه السلام : تحريمها التكبير ] رواه أبو داود وكان عليه السلام يفتتح الصلاة بقوله : الله أكبر لم ينقل عنه غير ذلك حتى فارق الدنيا ( يجهر بها الإمام وبسائر التكبير حتى يسمع من خلفه ) ليكبروا بعد تكبيره ( ويخفيه غيره ) وبالقراءة بقدر ما يسمع نفسه ويجب عليه ذلك ولا يكون كلام بدون الصوت والصوت ما يتأتى سماعه وأقرب السامعين إليه نفسه فمتى لم يسمعها لم يعلم أنه أتى بكلام إلا أن يكون به طرش فيأتي به بحيثما يسمعه لو كان سميعا .
209 - ـ مسألة : ( ويرفع يديه عند ابتداء التكبير إلى حذو منكبيه أو إلى فروع أذنيه ) لما [ روى ابن عمر أن النبي A كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه حذو منكبيه وإذا ركع وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك ولا يفعل ذلك في السجود ] متفق عليه .
210 - ـ مسألة : ( ويجعل نظره إلى موضع سجوده ) لأنه أخشع للمصلي وأكف لنظره ( ثم يقول : سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك ) قال الإمام أحمد : أما أنا فأذهب إلى ما [ روي عن عمر يعني ما رواه الأسود أنه صلى خلف عمر فسمعه كبر فقال : سبحانك اللهم وبحمدك ] الحديث .
211 - ـ مسألة : ( ثم يقول : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ) لقوله سبحانه : { فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم } 'سورة النحل الآية 980 ' وكان النبي A يقوله قاله ابن المنذر .
212 - ـ مسألة : ( ثم يقول : بسم الله الرحمن الرحيم ولا يجهر بشئ من ذلك لما [ روى أنس قال : صليت خلف النبي A وأبي بكر وعمر وعثمان Bهم أجمعين فلم أسمع أحدا منهم يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ] متفق عليه .
213 - ـ مسألة : ( ثم يقرأ الفاتحة ) وهي ركن لما [ روى عبادة عن النبي A أنه قال : لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ] متفق عليه .
214 - ـ مسألة : ( ولا صلاة لمن لم يقرأ بها ) الحديث .
215 - ـ مسألة : ( إلا المأموم فإن قراءة الإمام له قراءة ) لقوله سبحانه : { وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون } 'سورة الأعراف الآية : 204 ' [ وروى الإمام محمد بن وكيع عن سفيان عن موسى بن أبي عائشة عن عبد الله بن شداد قال : قال رسول الله A : من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة ] وروى الخلال والدارقطني عن النبي A قال : يكفيك قراءة الإمام خافت أو جهر ولأن القراءة لو كانت واجبة عليه لم تسقط عن المسبوق كبقية أركانها .
216 - ـ مسألة : ( ويستحب أن يقرأ في سكتات الإمام وما لا يجهر فيه ) لقول النبي A : [ فإذا أسررت بقراءتي فاقرأوا ] رواه الدارقطني ( 1 / 333 ) وقال أبو سلمة بن عبد الرحمن : إن للإمام سكتتان فاغتنموا فيهما القراءة بفاتحة الكتاب : إذا دخل في الصلاة وإذا قال : { ولا الضالين } 'سورة الفاتحة الآية : 7 ' .
217 - ـ مسألة : ( ثم يقرأ سورة تكون في الصبح من طوال المفصل وفي المغرب من قصاره وفي سائر الأوقات من أواسطه ) لما رود جابر [ أن النبي A كان يقرأ في الفجر بـ ق ] رواه مسلم [ وعنه كان النبي يقرأ في الظهر والعصر بـ { والسماء والطارق } 'سورة الطارق الآية : 1 ' { والسماء ذات البروج } 'سورة البروج الآية : 1 ' ونحوها من السور ] رواه أبو داود وعنه [ كان النبي A إذا وجبت الشمس صلى الظهر وقرأ بنحو { والليل إذا يغشى } 'سورة الليل الآية : 1' والعصر كذلك والصلاة كلها إلا الصبح فإنه كان يطيلها ] رواه أبو داود وأما المغرب فإنه يستحب تعجيلها للخلاف في وقتها فيقرأ فيها من قصار المفصل وقد روي [ أن النبي A قرأ فيها بالتين والزيتون ] .
218 - ـ مسألة : ( ويجهر الإمام بالقراءة في الصبح والأوليين من المغرب والعشاء ويسر فيما عدا ذلك ) ولا خلاف في استحباب ذلك والأصل فيه فعل النبي A وقد ثبت ذلك بنقل الخلف عن السلف .
219 - ـ مسألة : ( ثم يكبر ويركع ويرفع يديه كرفعه الأول ) والركوع ركن لقوله سبحانه : { اركعوا واسجدوا } ' سورة الحج الآية : 77 ' ويكبر لما روى أبو هريرة [ أن رسول الله A كان إذا قام إلى الصلاة كبر حين يقوم ثم يكبر حين يركع ثم يكبر حين يسجد ثم يكبر حين يرفع رأسه يفعل ذلك في صلاته كلها ] متفق عليه ويرفع يديه وهو مستحب في ثلاثة مواضع لما سبق في حديث ابن عمر .
220 - ـ مسألة : ( ثم يضع يديه على ركبتيه ويفرج أصابعه ويمد ظهره ويجعل رأسه حياله ) لما [ روى أبو حميد أن رسول الله A كان إذا ركع أمكن يديه من ركبتيه ثم هصر ظهره ] وفي لفظ ركع ثم اعتدل ولم يصوب رأسه ولم يقنع وفي حديث أبي حميد [ أن النبي A وضع يديه على ركبتيه كأنه قابض عليهما ووتر يديه فنحاهما عن جنبيه ] صحيح .
221 - ـ مسألة : ( ثم يقول : سبحان ربي العظيم ثلاثا ) وهو واجب لما [ روى عقبة ابن عامر أنه لما نزل { فسبح باسم ربك العظيم } 'سورة الواقعة الآية : 74 ' قال النبي A : اجعلوها في ركوعكم فلما نزل { سبح اسم ربك الأعلى } 'سورة الأعلى الآية : 1' قال : اجعلوها في سجودكم ] رواه أبو داود وعنه ليس بواجب [ لأن النبي A لم يعلمها للمسيء في صلاته ] .
222 - ـ مسألة : ( ثم يرفع رأسه ) وهذا الرفع والاعتدال ركنان [ لقوله عليه السلام للمسيء في صلاته : ثم ارفع حتى تعتدل قائما ] .
223 - ـ مسألة : ( ثم يقول سمع الله لمن حمده ) قال أبو حميد في صفة صلاة رسول الله A : [ ثم قال سمع الله لمن حمده ورفع يديه ] وفي حديث ابن عمر المتفق عليه [ وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك ويقول سمع الله لمن حمده ] .
224 - ـ مسألة : ( ويرفع يديه كرفعه الأول ) وموضع الرفع بعد اعتداله قائما ووجه حديث ابن عمر المتفق عليه وفي بعض ألفاظه : [ رأيت رسول الله A إذا افتتح الصلاة رفع يديه وإذا ركع وبعد ما يرفع رأسه ] .
225 - ـ مسألة : ( فإذا اعتدل قائما قال : ربنا ولك الحمد ملء السموات وملء الأرض وملء ما شئت من شئ بعد ) لما روى أبو سعيد Bه [ أن النبي A كان إذا رفع رأسه قال ذلك ] متفق عليه .
226 - ـ مسألة : ( ويقتصر المأموم على قول ربنا ولك الحمد ) لا يستحب له الزيادة على ذلك نص عليه [ لقول النبي A : إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا ولك الحمد ] ولم يأمرهم بغيره .
227 - ـ مسألة : ( ثم يخر ساجدا مكبرا ) والسجود والطمأنينة فيه ركنان لحديث المسيء في صلاته وينحط مكبرا لحديث أبي هريرة Bه : [ كان النبي A إذا قام إلى الصلاة يكبر حين يقوم ثم يكبر حين يركع ثم يكبر حين يسجد ] متفق عليه .
228 - ـ مسألة : ( ولا يرفع يديه ) لما سبق من حديث ابن عمر .
221 - ـ مسألة : ( ويكون أول ما يقع منه على الأرض ركبتاه ثم كفاه ثم جبهته وأنفه ) لما روى وائل بن حجر قال : [ كان رسول الله A إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه ] رواه أبو داود .
230 - ـ مسألة : ( ويجافي عضديه عن جنبيه وبطنه عن فخذيه ) لما روى أبو حميد [ أن النبي A جافى عضديه عن إبطيه ووصف البراء سجود النبي A فوضع يديه بالأرض ورفع عجيزته ] رواه أبو داود .
231 - ـ مسألة : ( ويجعل يديه حذو منكبيه ) لما روى أبو حميد [ أن النبي A وضع كفيه حذو منكبيه .
232 - ـ مسألة : ( ويكون على أطراف قدميه ) لما روى ابن عباس ] أن النبي A قال : أمرت بالسجود على سبعة أعظم : الجبهة واليدين والركبتين وأطراف القدمين [ متفق عليه .
233 - ـ مسألة : ( ثم يقول : سبحان ربي الأعلى ثلاثا ) لما روى ابن مسعود ] أن النبي A قال : إذا سجد أحدكم فليقل سبحان ربي الأعلى ثلاثا وذلك أدناه [ رواه الأثرم والترمذي .
234 - ـ مسألة : ( ثم يرفع رأسه مكبرا ويجلس مفترشا ) ] لقول النبي A للأعرابي : ثم ارفع حتى تطمئن جالسا [ وهذا الجلوس والطمأنينة فيه ركنان للخبر ومعنى الافتراش أن ( يفرش رجله اليسرى ويجلس عليها وينصب اليمنى ويثني أصابعها نحو القبلة ) لقول أبي حميد في صفة صلاة رسول الله A : ] ثم ثنى رجله اليسرى وقعد عليها ثم اعتدل حتى رجع كل عضو في موضعه [ وقالت عائشة : ] كان رسول الله A يفرش رجله اليسرى وينصب رجله اليمنى وينهي عن عقبة الشيطان [ رواه مسلم .
235 - ـ مسألة : ( ويقول : رب اغفر لي ثلاثا ) لما روى حذيفة ] أنه صلى مع رسول الله A وكان يقول بين السجدتين : رب اغفر لي [ رواه النسائي .
236 - ـ مسألة : ( ثم يسجد السجدة الثانية كالأولى ) سواء ( ثم يرفع رأسه مكبرا ) لحديث أبي هريرة Bه ( وينهض قائما ) لما روى أبو هريرة ] أن النبي A كان ينهض على صدور قدميه [ وفي حديث وائل بن حجر : ] إذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه [ وفي لفظ : ] فإذا نهض نهض على ركبتيه واعتمد على فخذيه [ رواه أبو داود .
237 - ـ مسألة : ( ويصلي الثانية كالأولى ) لقوله A للأعرابي : ] ثم اصنع ذلك في صلاتك كلها إلا في تكبيرة الإحرام والاستفتاح [ وفي الاستعاذة روايتان .
238 - ـ مسألة : ( فإذا فرغ منهما جلس للتشهد مفترشا ) لقول أبي حميد في صفة صلاة رسول الله A : ] فإذا جلس في الركعتين جلس على اليسرى ونصب الأخرى [ وفي لفظ ] فافترش رجله اليسرى وأقبل بصدر اليمنى على قبلته [ حديث صحيح .
239 - ـ مسألة : ( ويتشهد ) كما روى عبد الله بن مسعود قال : ] علمني رسول الله A التشهد - كفي بين كفيه - كما يعلمني السورة من القرآن ( التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله [ متفق عليه وقال الترمذي : هذا أصح حديث روي في التشهد اختاره أحمد كذلك فإن تشهد بغيره مما صح عن النبي A كتشهد ابن عباس وغيره جاز نص عليه .
240 - ـ مسألة : ( ثم يقول : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد ) وهو واجب لقوله عليه السلام في حديث كعب بن عجرة : ] قولوا : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد [ متفق عليه أمر والأمر يقتضي الوجوب وقد روي ] قولوا : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد [ أي ذلك أجزأه .
241 - ـ مسألة : ( ويستحب أن يتعوذ ) من أربع وهي ما روى أبو هريرة قال : ] كان رسول الله A يدعو : اللهم إني أعوذ بك [ من عذاب القبر ومن عذاب النار ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال ] متفق عليه .
242 - ـ مسألة : ( ثم يسلم عن يمينه السلام عليكم ورحمة الله وعن يساره كذلك ) وهو ركن لقوله عليه السلام : [ وتحليلها التسليم ] رواه أبو داود وروى ابن مسعود [ أن النبي A كان يسلم عن يمينه : السلام عليكم ورحمة الله وعن يساره السلام عليكم ورحمة الله وفي لفظ : ] رأيت رسول الله A يسلم حتى يرى بياض خده عن يمينه وعن يساره [ والتسليمة الثانية سنة لأن عائشة روت ] أن النبي A سلم فسلم مرة واحدة تلقاء وجهه [ رواه ابن ماجه وكذلك روي عن سلمة بن الأكوع عن النبي A ولأنه إجماع حكاه ابن المنذر عمن يحفظه من أهل العلم وقال عمار بن أبي عمار : كان مسجد الأنصار يسلمون تسليمتين وكان مسجد المهاجرين يسلمون فيه تسليمة واحدة ولأن التسليمة الأولى قد خرج بها من الصلاة فلم يجب ما بعدها .
243 - ـ مسألة : ( وإن كانت الصلاة أكثر من ركعتين نهض بعد التشهد الأول كنهوضه من السجود ثم يصلي ركعتين لا يقرأ فيهما بعد الفاتحة شيئا ) لما روى أبو قتادة ] أن النبي A كان يقرأ في الظهر في الركعتين الأوليين بأم الكتاب وسورتين وفي الركعتين الأخيرتين بأم الكتاب [ وكتب عمر إلى شريح أن اقرأ في الركعتين الأوليين بأم الكتاب وسورة وفي الأخريين بأم القرآن .
244 - ـ مسألة : ( فإذا جلس للتشهد الأخير تورك : فنصب رجله اليمنى وفرش اليسرى وأخرجهما عن يمينه ) فإن في بعض روايات أبي حميد : ] حتى إذا كان في الرابعة أفضى بوركه اليسرى إلى الأرض وأخرج قدميه من ناحية واحدة [ رواه أبو داود وفي رواية ] جلس على إليتيه وجعل بطن قدمه اليسرى عند مأبض اليمنى ونصب قدمه اليمنى [ كما قال الخرقي وأيهما فعل جاز .
245 - ـ مسألة : ( ولا يتورك إلا في صلاة فيها تشهدان في الأخير منهما ) لما روى وائل ابن حجر ] أن النبي A لما جلس للتشهد افترش رجله اليسرى ونصب رجله اليمنى ولم يفرق بين كونه آخرا أو وسطا وفي حديث عائشة Bها : [ أن النبي A كان يقول في كل ركعتين التحية وكان يفرش رجله اليسرى وينصب اليمنى ] رواه مسلم وأحتج به أحمد وهذان الحديثان يقتضيان كل تشهد بالافتراش إلا أنه خرج من عمومهما التشهد الثاني لحديث أبي حميد لخصوصه في التشهد الأخير والخاص يقدم على العام ففيما عداه يبقى على مقتضى العموم .
246 - ـ مسألة : ( فإذا سلم استغفر ثالثا وقال : اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام ) قال ثوبان : [ كان رسول الله A إذا انصرف من صلاته قال ذلك ] رواه مسلم قال الأوزاعي : يقول استغفر الله استغفر الله